‏قصة “المبادرة”

‏قصة “المبادرة” ‏والحوار بين المعارضة والحكومة في البحرين أغطس 1995 ‏. يناير 996

‏تقديم: منصور الجمري
“المبادرة”
‏في منتصف أغسطس 995 ‏انهالت علينا التقارير من داخل البحرين تتحدث عن إطلاق سراح عدد من الرموز القيادية في التحرك الشعبي المطالب بعودة الحياة الدستورية للبلاد. وما هي إلا فترة وجيزة حتى اتصل الأستاذ حسن مشيمع أحد القياديين الذين أفرج عنهم بنا في لندن يعلمنا أنه عازم على السفر إلى الخارج لتبادل وجهات النظر حول المحادثات التي بدأت في السجن بين القيادة الأمنية (ممثلة في المدير العام للأمن العام » السيد أيان هندرسون ووزير الداخلية) وبين خمسة من قيادي التحرك الشعبي)الشيخ عبد الأمير الجمري والأستاذ حسن مشيمع والأستاذ عبد الوهاب حسين والشيخ خليل سلطان والشيخ حسن سلطان).
‏وهكذا دخلت الانتفاضة مرحلة جديدة اتسمت بالأفراح الشعبية ومظاهر الزينة للاحتفال بمئات من المفرج عنهم بعد أن وصلت الأوضاع إلى حالة من الاختناق. ما هي طبيعة هذه المحادثات وكيف تم التوصل إليها وما كان المرجو منها؟ وهل كان بالإمكان الوثوق بالجهاز الأمني وبالعائلة الحاكمة؟ وهل سيتم التنازل عن المطالب) وهل . . وهل . . وهل؟ مئات الأسئلة بدأت تنهال من كل جانب وبدا وكأن البحرين تدشن مرحلة حرية التعبير عن الرأي والحوار بين المعارضة والحكومة.الشكوك والظنون كثيرة وكذلك الآلام والآمال. وهكذا بدأنا في لندن نترقب مجيء الأستاذ حسن مشيمع والشيخ خليل سلطان إلى لندن للاطلاع على ما دار مع القيادة الأمنية.
‏وصل الوفد إلى لندن يوم 26 ‏اغطس 1995، في ختام أسبوع حافل للمعارضة عقدت خلاله مؤتمرا صحافيا وندوة سياسية وأخرجت مظاهرة جماهيرية في شوارع لندن. كان في وداع الوفد في مطار البحرين الدولي فريق أمني برئاسة عادل فليفل لتسهيل سفر الوفد (ذلك لأن من يعتقل ويفرج عنه لا يسمح له بالسفر مباشرة).
‏كان الإرهاق باديا على الأستاذ حسن والشيخ خليل ولذا تركناهما ليرتاحا في اليوم الأول من وصولهما لكي نبدأ معهما حوارات مكثفة استمرت أربعة أيام متتالية.
‏في أول لقاء لي بالأستاذ حسن سلمني رسالة كتبها الوالد الشيخ عبد الأمير الجمري في السجن بتاريخ 24 ‏/ 8 ‏/ 1995 ‏، أي قبل يومين من سفر الوفد إلى لندن . والرسالة لخصت الحوار الجاري بالقول : فإنني قد اطلعت على البيان الصحفي الصادر عن حركة أحرار البحرين الإسلامية بتاريخ 2 ‏أغسطس 95 ‏م ، والذي تناول فيما تناول موضوع الاتفاق بيننا وبين الحكومة، والذي جاء فيه التزام الحركة مشكورة بما جاء في الاتفاق، وإنني أرجو منكم جميعا التعاون معنا لإتاحة الفرصة الكافية لإنجاحه وتجنب كل ما يعيق تنفيذه ويطيل زمن محنة شعبنا، وان تتكرس الجهود في البحث عن أفضل السبل لتعزيز الحوار مع الحكومة التي أعربت عن رغبتها فيه ء مؤكدا الحاجة القصوى للتحدون من أجل إخراج البلاد من محنتها بأسلوب حضاري حكيم وراق يتناسب مع تراثنا التاريخي والثقافي وقيم ومبادئ شبعنا المسلم وطبائعه الإنسانية النبيلة، ومؤكدا رفض الإسلام لاستخدام العنف ما دام يوجد للحوار سبيل، ومؤكدا أيضا أن عودة الأمن والاستقرار إلى البلاد مع المحافظة على الحقوق والواجبات المتبادلة بين الشعب والحكومة تمثل الأساس الأقوى والأفضل لنمو البلاد وازدهارها وتحقيق آمال وطموحات شعبنا والمحافظة على مكتسباته، وإنني لعلى ثقة بأنكم سوفه تهتدون بفضل الله تعالى وتسديده لأفضل السبل السلمية الدستورية الحكيمة التي تمر عبر الحوار لتحقيق ذلك، وعدم تضييع الفرص التاريخية الثمينة لا سيما هذه الفرصة التي تمثل منعطفا خطيرا في تاريخ شعبنا، متمنيا لكم التوفيق والتسديد فيما تصبون إليه من الخير لهذا الشعب والوطن.
‏عبرت هذه الرسالة عن الأجواء التي كان يعيشها قادة المعارضة الذين تحاوروا مع وزارة الداخلية . فلقد كانت الأخيرة توصل المنشورات التي نوزعها داخل البلاد ونعبر فيها عن مواقفنا إلى داخل السجن. وكانت حركة أحرار البحرين قد أصدرت بيانا رحبت فيه بمبادرة الحوار مع الحكومة للخروج من الأزمة . لقد حاز قادة المعارضة في السجن على ثقة الجماهير وكان الجميع بانتظار التعرف على التفاصيل وعلى كيفية التفاهم مع الحكومة للخروج من الأزمة السياسية.
الحوار بين الأستاذ حسن مشيمع والشيخ خليل سلطان وبين شخصيات المعارضة المتواجدين في لندن تطرق إلى جميع الأمور المنظورة وكان النقاش حادا وصريحا إلى الدرجة التي كان الوفد-الضيف، يشعر في آخر اليوم وكأنه خرج من سجون البحرين والمشادات مع المخابرات إلى سجون منازل لندن ومشادات المعارضة . ولكن مثل هذا النقاش كان ضروريا لأن المصلحة العامة للأمة تتطلب الابتعاد عن الجانب العاطفي والشخصي كل البعد للتأكد من سلامة الطريق.
‏وبينما كنا نتحاور مع الوفد القادم إلى لندن، كان وزير الإعلام الجديد، محمد المطوع يصرح لإذاعة لندن أن الإفراج عن المعتقلين ما هو إلا مكرمة أميرية لتوفير الفرصة للمفرج عنهم لكي يعودوا للصراط المستقيم. كانت هذه الكلمات الجارحة قد لعبت دورها لاحقا في عدم عودة احد أفراد الوفد إلى البحرين بعد انتهاء الزيارة. وبالرغم من ذلك شعرنا بضرورة المتابعة لمجريات الأمور بصبر وحذر شديدين مع الإمساك بقدرة التحرك الجماهيري عندما تتراجع الحكومة عن ما تم الاتفاق عليه . أمام هذه المعادلة، كان علينا أن نبتعد عن الجوانب النظرية البحتة ونتعامل مع الواقع وظروفه، وكيفية معالجة السلبيات التي تصاحب مثل هذه التجربة .
‏وكان الأستاذ حسن قد بدأ حواره بالإشارة إلى أن مثل هذا الحوار لم يكن ليحصل لو أن القادة كانوا على انفراد في زنزانات متفرقة . وكانت الخطوة الأولى التي سعوا إليها هي إقناع وزارة الداخلية بسجنهم في مكان مشترك لأجل التداول في جميع القضايا . وفي مقابل هذا الطلب. كانت المخابرات تريد الحصول على ورقة مكتوبة وموقعة من القادة الخمسة يذكرون فيها اعتذارا لأمير البلاد. ومن أجل هذا الأمر ترك الخمسة في غرفة خاصة ومجهزة بأجهزة التصنت للاستماع لما يتم الاتفاق عليه . كان القرار الذي اتخذه الخمسة كتابة رسالة تحمل جملة “شرطية” يقول فيها الموقعون عليها أنهم يعتذرون “إذا” كان قد صدر منهم خطأ . وذكر الأستاذ حسن أن كلمة “إذا” وضعت في منتصف الكتابة لكي لا يتم حذفها بعد ذلك عندما تقوم الحكومة بنشرها فيما لو تراجعت عن الحوار . وهكذا كبت الرسالة الموجهة إلى أمير البلاد بتاريخ 24 ‏ابريل 1995 ‏(أي بعد 3 ‏أسابيع من اعتقال الشيخ الجمري” متضمنة الجملة الشرطية التالية :”وإزاء الأحداث المؤلمة التي شهدتها البحرين في الأشهر القليلة الماضية نعرب عن أسفنا الشديد واعتذارنا لسموكم “إذا” كانت قد تسببت تصرفاتنا والأعمال التي قمنا بها وأدت إلى الاضطرابات في البلاد” .
لقد كانت خطورة الرسالة واضحة أمام الخمسة ولكنهم فضلوا أن يقدموا على المخاطرة لكي يتمكنوا من الاجتماع مع بعضهم البعض بصورة مستمرة والخروج بمشروع مشترك استمر الحوار فيه لإخراجه قرابة الأربعة أشهر داخل السجن مع قيادة الأمن العام التابعة لوزارة الداخلية .
‏ملخص الحوار في لندن :
أشار الوفد الزائر أن جذور المبادرة بدأت بعد أيام قلائل من الاعتقال ، وخرج عدد من الأخوة بصورة مستقلة أثناء اعتقالهم الانفرادي بفكرة لتهدئة الأوضاع مقابل الدخول في حوار مع الحكومة. بعد عدة جلسات من التحقيق المنفرد مع المخابرات بدا واضحا أن هناك رأي مشترك بين عدد من القياديين ، ولهذا تم تقديم طلب بالسماح لخمسة منهم بالاشتراك في سجن واحد لكي يخرجوا بمشروع مشترك. ولكن وزارة الداخلية كانت تصر على كتابة رسالة للأمير قبل السماح بذلك . وقال الأستاذ حسن : المبادرة كتبناها وعرضناها على القيادة الأمنية واحتوت في بادئ الأمر على أربعة أبعاد . إلا أن البعد الرابع حذف بطلب من رئيس الوزراء (حسب ما قاله السيد أيان هندرسون) .
البعد الأول : هو الدعوة للهدوء والاستقرار مقابل إطلاق سراح جميع الموقوفين (غير المحكومين) وتم الاتفاق على أن يطلق سراح ثلاثة من المحاورين مع 150 ‏شخص في 16 ‏أغسطس، ثم يتم الإفراج عن الأستاذ عبد الوهاب حسين مع 150 ‏معتقل آخر، وفي 30 ‏سبتمبر يتم الإفراج عن الشيخ عبد الأمير الجمري مع500-600 ‏موقوف.
البعد الثاني : معالجة آثار الأزمة . فقد خلقت الأزمة آثارا مختلفة، ولكي يتحقق استقرار دائم فلا بد من الإفراج عن الذين حكم عليهم وإرجاع المبعدين ومناقشة عودة البرلمان المنتخب.
‏البعد الثالث : تعزيز العلاقة الطيبة بين الشعب والحكومة . وقد أصروا على كلمة تعزيز بدلا من الكلمة الأصلية “خلق”.
‏البعد الرابع (الذي لم يوافق عليه رئيس الوزراء): كان ينص على تصحيح العلاقة بين المعارضة في الخارج والحكومة.
ملاحظات ذكرها الوفد الزائر:

1 – قال رئيس المخابرات السيد أيان هندرسون في إحدى جلسات الحوار ” لقد استطعتم هز الكأس فلا تكسروه . لقد وصلنا إلى قناعة أن القمع لن يخمد الشارح العام بالصورة التي نحب » كما أن الوجهاء الذين اعتمدنا عليهم لم يستطيعوا حل المشكلة” .
2 ‏. عندما طلبنا توثيق الاتفاق قبل بدء الإفراجات تم ترتيب لقاء مع وزير الداخلية بتاريخ 14 ‏أغسطس (قبل يومين من الإفراج عن الدفعة الأولى) حضره وزير العمل السيد عبد النبي الشعلة وقضاة المحكمة الجعفرية الشيخ سليمان المدني والشيخ احمد العصفور والشيخ منصور الستري بالإضافة للوجيه الحاج احمد منصور العالي. وقام الشيخ الجمري بقراءة المبادرة المكتوبة أمام الحضور الذين استمعوا لما قيل عن الحوار الدائر .
3 ‏. قال السيد هندرسون أن زيارة لندن وإقناع المعارضة هناك سوف يكون له الأثر الكبير في الإسراع بحلحلة الأوضاع . خصوصا بعد ذهاب العلماء الثلاثة الذين تم إبعادهم في يناير 1995 ‏إلى لندن لأن ذلك قلب الموازين على الحكومة .
4 ‏.تم إخبار وزارة الداخلية أن المحاورين لن يطلبوا من المعارضة ومن الجماهير التوقف وإنما سيطلبون إعطاء فرصة للحوار .
‏ملاحظات ذكرها أفراد المعارضة في لندن:
‏1.الحكومة رفضت أن توثق الاتفاق من جانبها كتابيا ورفضت وضع جدولة واضحة للفترة الأمنية من الحوار . كما أن المرحلة السياسية للحوار غامضة بالنسبة للآلية . فالمعارضة طرحت مطالب دستورية تعتمد على الإجماع الوطني وأي آلية للحوار لا بد أن تحتوي على ممثلين من الأطراف المشاركة في العريضة الشعبية ومن الأطراف الأخرى المؤثرة في الساحة .
2 ‏. أن، الحكومة طلبت كتابة رسالة اعتذار كمقدمة للحوار، وبالرغم أن الرسالة كتبت بلفة “شرطية” فان الابتزاز واضح ولن تتوانى وزارة الداخلية عن استخدام هذه الورقة ونكران الحوار لأنها لم تقدم شيئا مكتوبا.
3 ‏. أن النهج الذي تسير عليه الحكومة لا ينبئ بالخير . فقطاع التعليم تمت عسكرته من خلال تعيين ضباط في الجيش لمناصب الوزير ومدير الجامعة وغيرها من المناصب الحساسة.
4 ‏. أن تكرار وزير الإعلام الجديد لوصف خروج القياديين بأنه مكرمة أميرية من أجل العودة للصراط القويم أمر آخر لا ينبئ بالخير في التوجه الحكومي .
5 ‏. الحكومة تريد معالجة عوارض الأزمة وليس جذورها ء ولا يبدو أن تغييرا حقيقيا في النهج السياسي قد حصل . فالحديث لا زال عن مجلس الشورى المعين وهناك محاولة لتغيير تركيبة الحكم بحيث يستعصي عودة الحياة الدستورية والبرلمان المنتخب .
‏رجوع الأستاذ حسن مشيمع إلى البحرين :
‏رجع الأستاذ حسن إلى البحرين والتقى مع الشيخ عبد الأمير الجمري والأستاذ عبد الوهاب حسين داخل السجن ليخبرهم بنتيجة الحوار مع المعارضة في الخارج . ولكن سرعان ما بدأت الأحداث تأخذ منحى آخر عندما جاء موعد الإفراج عن الأستاذ عبد‏الوهاب حسين في 7 ‏سبتمبر . فالسلطة لم تفرج عن الأستاذ عبد الوهاب في اليوم المحدد، كما لم تفرج عن العدد الكامل المتفق عليه احتجاجا على مظاهر الفرح الجماهيرية التي بدأت تتسع مع الأيام . وعندما أفرج عن الشيخ الجمري في أواخر سبتمبر، وخرجت الجماهير من كل مكان لاستقباله ، انزعجت الحكومة دون سبب معقول وامتنعت عن الإفراج عن باقي الموقوفين المتفق عليهم ويقدر عددهم بـ 0 50 ‏شخص .
‏وكان شهر أكتوبر حافلا بالمساجلات والاتهامات المتبادلة بين القيادة الأمنية والمعارضة في الوقت الذي بدا واضحا أن الحكومة لم تكن جادة في فتح باب الحوار وأن ما كانت تريده هو الالتفاف على المطالب الجوهرية للتحرك الشعبي، وهو إعادة الحياة الدستورية واحترام حقوق المواطن . وهكذا بدأت الأحداث في التصاعد وبدأت تختفي مظاهر الفرح وتعود حالة اللا أمن واللا استقرار والاعتقالات العشوائية والمحاكمات الجائرة والتسريحات غير المسئولة، وكانت القشة التي قصمت ظهر البعير خطبة الأمير يوم العيد الوطني في 16 ‏ديسمبر 1995 ‏عندما بدا واضحا للجميع أن البحرين مقبلة على مرحلة جديدة من المواجهة بين الحركة الشعبية المتنامية وقوات الأمن .
‏لقد تسارعت الأحداث في يناير 1996 بصورة خاطفة وبدأ الارتباك واضحا في ردود أفعال الحكومة، ونلخص الأحداث المتسارعة مع ما سبقها كما يلي:
‏ 25 ‏سبتمبر 1995 ‏: الإفراج عن الشيخ عبد الأمير الجمري .
‏ 23 ‏أكتوبر 1995 ‏: اعتصام سبعة قياديين وإضرابهم عن الطعام في منزل الشيخ الجمري ، احتجاجا على عدم وفاء الحكومة بالاتفاق المبرم معها .
1 نوفمبر 1995 ‏: انتهاء الاعتصام واحتشاد اكبر تجمع في تاريخ البحرين (قدر العدد ، 60 ‏_ 70 ‏)ألف إنسان ا أمام منزل الشيخ الجمري للاستماع للبيان الختامي للمعتصمين.
3 يناير 1996 ‏: بعثت قيادة امن المنامة إلى الحاج علي عبد الله الإبريق مسئول جامع الصادق بالقفول (المنامة) وانذروه بمنع الشيخ الجمري من الصلاة مساء الجمعة كل أسبوع . وعندما اتصل الإبريق بدائرة الأوقاف الجعفرية قيل له انه ليس من مسؤوليتنا أن نمنع أو نحدد من يصلي جماعة في المسجد . فاتصل العقيد عبد الله المسلم مدير مركز امن القرى بالأوقاف ليأمرهم، لكن دائرة الأوقاف اعتذرت عن ذلك. بعدها اتصل عبد الله الملم بالشيخ الجمري وقال له: “انك ممنوع من الصلاة والخطبة في مسجد الصادق” وكررها ثلاث مرات . فرد عليه الشيخ الجمري انه يرفض المنع .
‏ 4 يناير 1996 ‏: هجمت قوات الأمن على جامع الإمام زين العابدين حيث كان الشيخ الجمري مع جمهور من المصلين يقرأ ون الدعاء (دعاء كميل) . واستخدمت مسيلات الدموع بكثافة وتم الاعتداء على المارة بصورة عشوائية وفرض حصار حول منزل الشيخ الجمري. بعد فترة انسحبت قرابة عشرين سيارة جيب من المنطقة وبقيت السيارات المدنية وأربع شاحنات مملوءة بالقوات . وبعد فترة تجمعت أعداد غفيرة حول منزل الشيخ الجمري وخرج الشيخ وخطب فيهم قائلا : “أن هذه الحركة الصبيانية المراهقة قد فعلها هؤلاء بدون سبب . وارى أنهم قد أرهقتهم وحدة الشعب وإصراره على مطالبه، وأرهقتهم الجماهير الهائلة التي تجتمع لصلاة يوم الجمعة في جامع الصادق ولا نستغرب مثل هذه الحركة ، ونحن صامدون لن نتراجع، والذي أراه أن هذا الانسحاب تكتيكي لكي تتجمعوا بسبب هذه المكيدة ثم يأتوا مرة أخرى للهجوم زاعمين أن هنا فوضى وتجمعاً غير مشروع ، إننا سوف نظل متمسكين بسلوكنا الذي هزمهم وجعلنا نستقطب الرأي العام في الداخل والخارج وهو السلوك السلمي، وارى أن نفوت عليهم الفرصة ونحبط هذه المكيدة بالتفرق والانصراف من هذا المكان. ‏شكر الله مساعيكم » على أن الانصراف لا يعني التخلي عن المسؤولية » بل هو انصراف مع التحسب للطوارئ، . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته”.
5 يناير 1996م ‏: صلى الشيخ الجمري الظهر في جامع الصادق بالدراز، بينما كانت مداخل الدراز تتواجد فيها القوات ولكن الجماهير انهالت من كل حدب وصوب. أما صلاة المغرب فيصليها الشيخ في جامع الصادق بالقفول. وعندما توجه الناس إلى القفول كانت القوات قد حاصرت الجامع منذ الثالثة بعد الظهربــ250 ‏مسلح وأغلقت جميع الطرق إلى الجامع . وقامت هذه القوات باستخدام مسيلات الدموع والرصاص المطاطي وأصبحت الأجواء مكفهرة ، وأصيب عدد غير قليل من النساء والرجال والأطفال . وقد شاهد هذا الحادث السواح الأجانب الذين كانوا متواجدين في الحديقة الماشية القريبة من الجامع .
مساء الجمعة 5 ‏يناير1996 ‏: أقيم حفل ديني في منطقة النعيم بالمنامة وكان من بين الحضور الشيخ الجمري. وبينما كان الأستاذ حسن مشيمع يلقي كلمته أمام الحضور هجمت قوات الشغب بالقنابل الخانقة على الحضور . فانفض الجمهور وسقط عدد كبير على الأرض من بينهم الشيخ الجمري، فحمله الشباب إلى بيت صغير ملاصق لمكان الاجتماع . وقد التجأ إلى هذا المنزل حوالي مائة شخص ء وبقوا هناك ما لا يقل عن ساعة ونصف لا يستطيعون النزول ويتكلمون بالهمس، لان البيت مطوق والمنطقة كذلك. بعد ذلك هجمت قوات الشغب على المنزل وكسروا أبوابه ودخلوا واقتادوا الشباب بصورة وحشية ضربا ورفسا وشتما. وقيدوا أيدي الشباب من الخلف. وتعرض الشيخ الجمري لضربة على ظهره من احد أفراد قوة الشغب، بعدها واجه الشيخ الجمري الشخص الذي قاد الهجوم واسمه الملازم عيسى القطان، وحمّله مسؤولية ما حدث. ثم طالب بالإفراج عن الشباب الذين قيدوا، وتم ذلك بعد فترة من النقاش الحاد. وقام الشيخ الجمري والشباب بتفقد الجرحى الذين سقطوا على الأرض ونقل بعضهم إلى المستشفى.
8 يناير 1996: الشيخ الجمري يصلي في جامع الصادق رغم التهديد له قبل الصلاة والجماهير تجتمع من كل مكان وتجدد العهد. بعد ذلك توجه الشيخ الجمري للدراز وحضر احتفالا جماهيريا ضخما رددت فيه هتافات الصمود ضد الهجمة الحكومية.
الجمعة 12 يناير 1996: طوقت قوات الأمن جامع الصادق بالقفول، وعندما جاء عدد كبير من الناس واغلبهم من الشباب للصلاة وجدوا شرطة الشغب قد أغلقت المنافذ المؤدية للجامع من الجهات الأربع مما أدى لامتداد طوابير السيارات القادمة من كل جهة لأكثر من كيلومتر واحد. وحدث إرباك في الحركة المرورية وعم التذمر العام من تصرفات قوات الأمن. ثم قامت الأخيرة بملاحقة القادمين للصلاة باستخدام الرصاص المطاطي الذي تسبب في إتلاف عدد من السيارات والممتلكات. كما أطلقت قوات الأمن قنابل غازية ذات لون احمر لخلق حالة من الفزع.
13 يناير 1996‏: استدعت وزارة الداخلية الشيخ الجمري وسبعة من رفاقه وأدخلوهم واحدا بعد الآخر في مكتب وزارة الداخلية الذي كان يتوسط أربعة عشر من قوات الأمن . وكان اللقاء بمنتهى الشراسة من جانب وكيل وزارة الداخلية. وطالب قادة المعارضة بحضور محامي الدفاع إلا أن ضباط الداخلية قالوا أن الهدف هو إبلاغ رسالة، أن الحكومة قررت منع الصلاة جماعة وإلقاء الخطب أمام الناس . وكان جواب الشيخ الجمري ورفاقه، أنهم لا يعتبرون بهذا القرار لأنه غير دستوري.
· 14 يناير 1996‏: اعتقل الأستاذ عبدالوهاب حسين من منزله الساعة الثالثة بعد الظهر. وكان الأستاذ قد ألقى كلمة أمام حفل جماهيري في عراد مساء 13 ‏يناير شرح فيه ما جرى مع ضباط وزارة الداخلية وموقف قادة المعارضة الرافض لمثل هذه التهديدات.
· 15 يناير 1996‏: بدأت حملة اعتقالات واسعة شملت جميع الذين ظهرت أسماؤهم للعلن خلال الأشهر المنصرمة من علماء دين وأساتذة وخطباه ووجهاء ومسئولي مساجد ء من مختلف مناطق البلاد .
· 16 يناير 1996‏: الشيخ الجمري يلقي كلمة أمام جمهور غفير في مدينة حمد ويتعرض للأحداث الجارية ويدعو لوحدة الشعب ويؤكد المطالب العادلة.
· 16 يناير1996 ‏: استدعي الشيخ الجمري لمقابلة رئيس اللجنة الأمنية التي أنشأت لقمع الانتفاضة،· الشيخ عبد العزيز عطية الله آل خليفة. وكان اللقاء مختلفا عما قبله. إذ قدم الاعتذار لإساءة الخلق في الاجتماع السابق ( 13 ‏يناير) . طالب الشيخ الجمري بالإفراج عن الأستاذ عبد الوهاب حسين وإيقاف الهجوم على المساجد والتجمعات العامة لكيلا ينفلت الوضع الأمني وتعود الاضطرابات. طلب رئيس اللجنة الأمنية بعدم رفع الشعارات السياسية،· إلا أن الشيخ قال أن المطالب سلمية ودستورية وليس من شأنها الإضرار بالأمن،· بل على العكس . ولكن الاجتماع انتهى دون معرفة الهدف الأساسي من اللقاء بهذا الأسلوب المختلف عن سابقه .
· 19 يناير 1996‏: استدعي الشيخ الجمري للقاء رئيس اللجنة الأمنية مرة أخرى،· وكان هذا اللقاء عكس اللقاء الذي سبقه مما يعكس تذبذب الحكومة وعدم استقرارها على رأي محدد حول كيفية التعامل مع الأحداث. احتدم الخلاف بين الطرفين بعد أن اتهم رئيس اللجنة الأمنية الشيخ الجمري بالتحريض ضد الحكومة،· وطالب بإيقاف النشاطات والتجمعات والصلاة وعدم الإدلاء بأي تصريح لوكالات الأنباء العالمية،· إلا أن الشيخ الجمري رفض كل ذلك.
· 20 يناير 1996‏: فرض الحصار المنزلي على الشيخ الجمري ابتداء من الساعة الثالثة فجرا. المظاهرات تعم مناطق البحرين وتعود مظاهر الاشتباكات مرة أخرى للساحة. اعتقالات واسعة شملت جميع أعضاء المبادرة ومعظم العلماء والخطباء والوجهاء الذين وقفوا بحزم أمام هجوم قوات الشغب على المساجد والتجمعات العامة.
· 21 يناير 1996‏: اعتقال الشيخ الجمري من منزله والعودة الكاملة لحالة الانتفاضة التي سبقت الإفراج عن قادة المبادرة في أغسطس وسبتمبر 1995. بل أن الأوضاع ازدادت حدة ودخلت البحرين مرحلة صراع أخرى كان بالإمكان تفاديها لولا خوف السلطة من الحوار مع المعارضة. قبل اعتقاله بساعات قليلة كتب الشيخ الجمري رسالة لي بالفاكس قائلا: أنا والعائلة نعيش الحصار داخل البيت وقد طوقنا بعشرات الجنود وعدد من السيارات،· بل حوصر جيراننا في بيوتهم وهم الذين بجانبنا وخلفنا حتى المغتسل،· وشرقا حتى بيت طه جاسم ،· ويمتد غربا إلى بيت ميرزا آدم،· ولم يسمح لأحد منا بالخروج إلا الأطفال إلى المدرسة ويفتشون في خروجهم ودخولهم تفتيشا دقيقا. نحن في حال سيء جدا. الوضع متأزم جدا. . لا أدري ما سيجري بالنسبة إلينا وللشعب من تطور وتصعيد للعنف. . هذا وإذاعتهم وتلفزيونهم وصحفهم تتكلم ضدنا وتربط الأحداث (أحداث العنف) التي استدرجوا الناس إليها بنا وبالمساجد وتزعم إننا استغلينا المساجد. الآن يحاولون إسكات الأمة من خلال اعتقال عدد من العلماء وجميع الشيالين (خطباء المواكب الحسينية) وأعداد كبيرة من الشباب. . وتعتبر هذه الأصوات قد أخمدت،· ولم يبق إلا الأمل في الله والرجاء منه. . ولعلمكم،· من جانبنا لا تراجع عن مطالب الشعب ونحن- إنشاء الله- على الدرب سائرون . . مع السلامة”.

‏نص الكلمة التي ألقاها فضيلة الشيخ عبد الأمير الجمري في مكتب وزير الداخلية في 14 ‏أغطس 1995، بحضور بعض رجال السلك القضائي وبعض الوزراء والوجهاء حيث تلخص هذه الكلمة أهم ما جاء في المبادرة.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين وأصحابه المنتجبين، وبعد:
‏ففي البداية اشكر سعادة وزير الداخلية الذي أتاح لنا فرصة هذا اللقاء الذي أرجو أن يكون فاتحة خير لمستقبل زاهر لهذا البلد العزيز .
‏كما يسرني التشرف بلقاء أصحاب الفضيلة والسعادة العلماء والوزراء الذين أرجو أن يكونوا عونا وسندا لنا في تحقيق الأهداف النبيلة التي ترضي الله عز وجل ء وتحقق الأمن والاستقرار والازدهار لهذا البلد الطيب.
‏وأحب أن أذكر لحضرات أصحاب الفضيلة والسعادة إننا قد تقدمنا إلى الحكومة الموقرة بجهود خيرة لخدمة هذا الوطن العزيزة أود أن اذكر أهدافها الأساسية وهي كالآتي :
1 ‏. إعادة الهدوء والاستقرار إلى البلد .
2 ‏. معالجة آثار التي خلفتها الأزمة التي عصفت بالبلاد.
3. تعزيز العلاقة الطيبة بين الشعب والحكومة .
‏على أن نقوم أنا وإخواني الأربعة : الأستاذ حسن المشيمع والأستاذ عبد الوهاب حسين والشيخ خليل سلطان والشيخ حسن سلطان، بالتعاون مع المخلصين من أبناء الشعب بالدعوة والسعي الحثيث لتحقيق هذه الأهداف، وتتفضل الحكومة الموقرة بتقديم الدعم والمساندة وخلق الأرضية الصالحة لإنجاح الجهود وتحقيق الأهداف مؤكدين أن هذا الطرح طرح مبدئي واستراتيجية دائمة وأنه بقدر ما نبذل من جهود ومساع وما تبذل الحكومة الموقرة من دعم ومساندة سوف يكون تحقيق الاهدافه .
‏وقد لقيت هذه المبادرة او الجهود القبول والتشجيع من قبل المسؤولين، فقد ناقشناها مع سعادة وزير الداخلية فوجدنا تشجيعه لها . على ان يبدأ التنفيذ لهذه الجهود يوم الاربعاء الموافق 16 ‏/ 8 ‏/ 95 ‏م وذلك باطلاق سراح الاستاذ حسن المشيمع والشيخ خليل سلطان والشيخ حسن سلطان من القائمين على المبادرة، بالاضافة الى فضيلة الشيخ علي احمد الجدحفصي وفضيلة السيد ابراهيم السيد عدنان الموسوي وفضيلة الشيخ حسين الديهي للمساعدة في انجاح الجهود وسوف يرافق ذلك اطلاق سراح الاستاذ عبد الوهاب حسين مصحوبا باطلاق سراح مائة وخمسين من غير المحكومين وفي نهاية الشهر نفسه (سبتمبر 1995 ‏) سوف يطلق سراحي مصحوبا باطلاق سراح باقي المعتقلين غير المحكومين لا سيما عند عودة الهدوء والاستقرار.
‏أما بشأن المعتقلين المحكومين في الاحداث فسوف يخضع موضوعهم الى المساعي الحميدة مع سمو أمير البلاد المفدى، بالاضافة الى المبعدين والمهاجرين وغير ذلك من المسائل العالقة.
‏آما المطالب السياسية (عودة البرلمان) فنحن نؤمن بعدم المطالبة بها في الوقت الحاضر ونرى ترك معالجتها الى ما بعد عودة الهدوء والاستقرار الى البلاد وفي ظل توفير الارضية من جانب الحكومة وختاما ارجو ان اكون قد وفقت لتوضيح (الجهود) أو (المبادرة) التي سيبدأ العمل في تنفيذها والله ولي التوفيق . .
‏والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . .
‏ 25 ‏سبتمبر 1995
‏كلمة الشيخ عبد الأمير الجمري بعد إطلاق سراحه مباشرة
‏بسم الله الرحمن الرحيم
‏الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين واصحابه المنتجبين والتابعين باحسان الى يوم الدين.
‏ايتها الجماهير المسلمة ، يا أبناء وبنات الوطن الغالي . . . السلام عليكم ورحصة الله وبركاته،
‏أشكر لكم جميعا هذه الحفاوة ، وهذه المشاعر الحميمة ، وهذا الروح الطيب ، وهذه الانفاس الايمانية اشكر لكم هذا التواجد الحاشد، وهذا الحضور الحي الذي عهدته منكم دائما . . لو قبلت يد كل واحد منكم ما وفيت حق هذه الامة ابدا، انكم بهذا الحضور تشعروني بعمق المسؤولية تجاهكم جميعا . . والتي ارجو ان يوفقني الله تعالى لحملها وأدائها على اكمل وجه ممكن . . اخواني واخواتي لا بد ان اسجل شكري وتقديري لكم على استجابتكم للمبادرة المطروحة للحوار مع المسؤولين في هذا البلد الغالي والتزامكم الهدوء ء واثكر لكم هذه الثقة الفالية التي منحتمونيها مع زملائي في المبادرة هذه الثقة التي هي دين لكم في اعناقنا، ان موقفكم من المبادرة ليكشف عن وجهكم الحقيقي، ‏عن طبيعتكم الطيبة التي طالما عرفتم بها ، إنكم اليوم تؤكدون رسالتكم ووعيكم تجاه وطنكم ، وتشخيصكم ما فيه خير وصلاح هذا البلد.
‏إن المبادرة التي تقدمنا بها والتي عرضها عليكم الزملاء الكرام الذين سبق الافراج عنهم لاقت استقبالا حسنا من قبل المسؤولين الذين أبدوا اهتماما ملحوظا بالمبادرة للخروج بالبلد من الازمة التي عصفت به، وانني اسجل شكري للمسؤولين وعلى رأسهم سمو أمير البلاد على قبول المبادرة، وفتح باب الحوار الذي هو الطريق السليم لحل المشاكل العالقة في البلد.
‏إن الحوار الذي بدأ بيننا وبين الحكومة يأتي منسجما مع طبيعة العمل الذي بدأناه ، فالطرح كان سلميا منذ البداية وكان يشمل كل الاتجاهات في هذا البلد وان هذا كان انجازا مشرفا لهذا الشعب العظيم . . حيث جسد الوحدة الوطنية بأبهى صورها . ان المطلعين من الخارج قد أبدوا اعجابهم بهذا الشعب الذي حقق ما عجز عن تحقيقه العديد من الشعوب فان من النادر ان نرى شعبا يتوحد بكل طوائفه واتجاهاته وينسجم في عمل واحد نابذا كل الخلافات ومترفعا عليها . ان مساندتكم للمبادرة إذن ليست الا تأكيدا على موقفكم السلمي الوحدوي الذي ابتدأتم به ء وانني أبارك هذه الروح الايجابية وادعو الله سبحانه ان يوفقني واخواني لتأدية الدور الذي اوكلتموه الينا .
‏أبنائي، بناتي، اخواني، اخواتي:
‏يهمني أن أوكد ان المطالب السياسية وفي طليعتها البرلمان كانت ولا زالت تشكل اهتمامنا الاكبر ، وسيتم طرحها حسبما جرى عليه الاتفاق بيننا وبين الحكومة الموقرة- بعد عودة الهدوء الى البلاد.
‏وأننا سنعمل جادين معكم من اجل تهيئة الاجواء المناسبة لذلك ، وان المسؤولين في البلد قد وعدوا بدورهم بتهيئة الارضية المناسبة وذلك من قبيل الافراج عن المعتقلين واعادتهم الى اعمالهم وتسليم جوازات سفرهم والسماح للمهجرين والمهاجرين بالعودة الى البلاد، وافساح المجال للمساعي الخيرة لدى سمو أمير البلاد بشأن المحكومين في الاحداث الاخيرة بعد عودة الهدوء . وقد شهدتم بعض ثمار المبادرة في اطلاق سراح دفعات من اعزائنا شبابا وشابات وارجاع العديد من الجوازات الى اصحابها ، والسماح لعدد من المبعدين بالعودة الى الوطن، وهي بمثابة تطمين من جانب المسؤولين على جديتهم في حل مشاكل المواطنين والخروج من الازمة باسلوب حضاري .
‏اخيرا اود أن أوكد ان وجودكم الفاعل في الساحة كان له الاثر الكبير في دفع واثراء المسيرة ، وسيكون له اثر اكبر في هذه الفترة الحرجة التي تتطلب الصبر والحكمة والوعي والثبات من اجل الوصول الى الاهداف الخيرة . والتي لأعاهد الله عز وجل واعاهدكم بأني ابقى وفيا لكم ، وسأعيش لهموم هذا الشعب وآلامه وآماله، وساخدمه بكل ما لدي من طاقات علني أتمكن من أداء بعض الدين الكبير الذي له في عنقي . . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
‏بسم الله الرحمن الرحيم
‏الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين واصحابه المنتجبين والتابعين له باحسان الى يوم الدين .
‏قال تعالى :{ ‏والعصر إن الانسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر } صدق الله العلي العظيم .
‏مالذي تريده منا السورة الكريمة وهي تعرض وصف التواصي بالحق والتواصي بالصبر للمجتمع المؤمن)
‏الجواب : إنها تريد منا الامور الآتية:
1 ‏.أن نتمسك بالحق في كل قضايانا ونلتزم به بعيدا عن كل المؤثرات .
2 ‏.أن نبني ونقيم سلوكنا وعلاقاتنا على أساس الحق بعيدا عن العواطف والمصالح الخاصة والرغبات النفسية والانانيات .
3 – أن نقيم الاشخاص والمشاريع من خلال انسجامها مع الحق وقربها أو بعدها عنه، لا من خلال مظاهرها أو أسمائها أو دعاواها.
4 – أن نتسلح بالصبر كموقف عملي نواجه به قضايانا، فبدون الصبر لا يمكن ان نحقق النجاح في أي مشروع من مشاريعنا ولا يمكن أن نحتفظ بتوازننا أمام الاحداث والمتغيرات.
5 – أن لا نسكت عن حقوقنا بل نطالب بها بالاسلوب المشروع والطريق السليم.
إخواني أخواتي أبنائي بناتي:
‏من منطلق التواصي بالحق والصبر تقدمنا الى المسؤولين بالمبادرة، وأنا لا أريد أن أتحدث اليكم عن المبادرة التي طرحناها بخصوص ما فيها من بنود وأبواب ومراحل، فقد سبق أن تحدث زملائي المحترمون عنها من هذه الناحية، هؤلاء الزملاء الذين لهم الفضل الكبير علي وعلى الشعب، فجزاهم الله خير الجزاء ، ولكن أريد أن أتحدث عن أمور ثلاثة ترتبط بالمبادرة:
‏الاول : البعد الوطني للمبادرة.
‏الثاني : ضرورة الاصرار على الاستمرارية في الحوار .
‏الثالث : لدي قضايا هامة أرى من الضروري تقديمها لشعبنا العظيم منها اربع وصايا.
‏ أما البعد الوطني للمبادرة : فحيث أن الأزمة لم تكن أزمة طائفة او فئة بل أزمة وطن ومواطن، لذلك فان المبادرة التي تقدمنا بها كمفتاح حل لهذه الازمة تخص او تعني كل المواطنين على اختلاف انتماءاتهم الدينية والسياسية، وهم جميعا مسؤولون عن حماية المبادرة وعن انجاها والتفلب على كل الصعوبات التي تقف في وجهها. اما من جهتنا- اني داعيكم والزملاء حفظهم الله . فصدورنا وعقولنا مفتوحة لسماع كل رأي مسؤول وكل كلمة مسؤولة، والاستفادة من كل طاقة وجهد في خدمة هذا الوطن ، ومن كل تفعيل للأفكار المطروحة .
‏وأما الأمر الثاني : وهو الاصرار على الاستمرارية في الحوار، فقبل أن أتحدث اليكم عن ذلك، أريد أن أتلمس الدافع الاكبر للاستمرارية في الحوار فأقول: أن حجم الأزمة ونوعيتها التي يمثل دم الشهادة قمتها، هذه النوعية وهذا الحجم يعطي دفعا قويا للشعب والحكومة للسير على طريق الحوار الجاد الذي هو البديل عن الصراع والتأزم ، ونحن نعتقد بأن الحوار الجاد وتحقيق الأهداف والمطالب التي يرفعها الشعب سوف تتحقق من خلال الحرص المتبادل بين الحكومة والشعب على استمرارية الحوار، ونحن نعتقد أيضا أن حفظ دم الشهداء يتحقق من خلال تحمل المسؤولية الدينية والوطنية في ذلك الحوار، وقد مضى الشهداء. طيب الله ثراهم – الى ربهم سبحانه وتعالى على طريق المطالبة بالحقوق المشروعة وبقى دورنا نحن لنواصل الدرب، ولن ننسى دم الشهداء ابدا، وسوف تقر عيون ابناء الشعب واهالي الشهداء يوم تتحقق الاهداف التي ضحوا من اجلها، والتي سوف نسعى اليها من خلال الحوار الجاد مع الحكومة الموقرة، مؤكدين ضرورة الحضور الجماهيري الواعي والمتابعة الدقيقة لما يحدث على الساحة، وعدم التراخي كضمانة اساسية لتحقيق تلك الاهداف،
‏أما الاصرار على الاستمرارية في الحوار وعدم الاستسلام فاننا ندرك ضرورة الاصرار على الاستمرارية في الحوار وعدم الاستسلام للصعوبات والعقبات التي قد تقف أمامنا، ونحئ ندرك بأننا أمام مسؤوليتين :
1 ‏. اعادة الهدوء الى البلاد وانهاء ازمة العنف المتبادل وذلك من اجل المحافظة على المصلحة الوطنية، واعادة الحياة الى اقتصاد البلد وبنيته التحتية .
2 ‏. طرح المطالب السياسية بعد عودة الهدوء، وقد حققنا الكثير في هذا الدرب، وكاد الهدوء التام ان يعود الى البلاد ، وحلت مظاهر الفرح والبهجة والسرور محل مظاهر العنف والاضطراب، وقد اكتست شوارع وطرقات المدن والقرى في البحرين زينتها لتعبر تعبيرا واضحا عن النزعة السلمية لهذا الشعب المسلم العظيم، واصبح كل مواطن يفخر بهذه المظاهر ويعبر عنها ويفسرها حسب اتجاهه، وقد عبرت بعض صحفنا اليومية عن ذلك ، وفي علمنا فان ما يحدث في البحرين هو محل رضا وقبول المسئولين وعلى راسهم سمو الامير، وكيف لا يكون كذلك وقد عمت الفرحة والسرور جميع ابناء البحرين وحلت محل الخوف والقلق والاضطراب وبهذه المناسبة نلفت انتباه المسؤولين لما حدث في قرية العكر الشرقية حيث تسبب احد الاشخاص – كان مصدر ازعاج ومضايقات لابناء القرية طوال الفترة السابقة .تسبب في استدعاء رجال الشرطة وقوات الشغب واستخدامها القوة ضد ابناء القرية الذين كانوا يحتفلون كغيرهم من ابناء القرى والمدن في البحرين باطلاق سراح احد ابنائهم . وقد تفاعل ابناء القرى المجاورة كالمعامير والنويدرات وسترة مع اخوانهم من اهالي قرية العكر الشرقية مما جعل الجهود السابقة في اعادة الهدوء الى البلاد على شفا جرف هار، ونحن ننصح المسئولين بعدم التسرع والتجاوب مع امثال ذلك الشخص الذي لا بفكر في مصلحة البلاد ولا يدرك ابعاد اعماله الشياطانية ونطالب المسئولين بكل اخلاص أن يتعاملوا مع هؤلاء الاشخاص حسب ما تفرضه مصلحة الوطن العليا .
‏أما الامر الثالث : وهو الوصايا الاربع الهامة التي أرى ضرورة تقديمها لشعبنا العظيم فهي :
‏اولا : نوصي شعبنا العظيم ان يتجنب كل ما من شأنه تعكير صفو الآمن والاستقرار في البلد بما في ذلك التزام العقلانية والحكمة في ابراز مظاهر الفرح، وذلك بالابتعاد عن الاساليب المزعجة وتجنب كل ما من شأنه الاساءة الى مسيرة الشعب وحركته المباركتين.
ثانيا : اوصي مع زملائي شعبنا العظيم أن لا ينشغل بالقضايا والاثارات الهامشية ، وآن لا يضيع فيها طاقته وجهده، بل يرجه كل ذلك في سبيل البحث عن أفضل السبل لتحقيق الأهداف النبيلة والمطالب العظيمة لهذا الشعب العظيم .
‏ثالثا : أوصي مع زملائي شعبنا العظيم أن يلتفت الى اهمية لم الشمل والمحافظة على وحدة الصف الوطني والاسلامي، متجنبا كل ما من شأنه آن يسيء الى ذلك وأن يميز شعبنا العظيم بين التواصل الاجتماعي في المحافظة على ممارسة الاخلاق في العلاقات الاجتماعية وبين الجانب الديني العبادي الذي يتمثل في القدوة وايضا بين الجانب السياسي الذي يتمثل في القبول او الرفض للراي آو الموقف السياسيين . فنحن عمليا ملتزمون بالمحافظة على التواصل الاجتماعي ولم شمل المسلمين مع الاحتفاظ برأينا وموقفنا السياسي الذي قد يلتقي او يختلف مع رأي الآخرين، ولن نكون من الناحية السياسية. حيث تتجسد مصالح ومكاسب الامة- مساومين او مجاملين لاحد فالحق يعلوا ولا يعلى عليه . مؤكدين تنوع الادوار واختلاف القدرات والمواهب، فلا نطالب جميع العلماء والشرفاء والمخلصين من ابناء البلاد أن يقوموا بدور واحد . فالمطلوب عمليا وحسب ما يفرضه اختلاف القدرات هو تزح الادوار، وينبغي منا ان نقبل من أي مخلص ها في وسعه القيام به في خدمة الدين والوطن كل حسب رأيه واجتهاده .
‏رابعا : اوصي وزملائي شعبنا العظيم أن يلتفت بجدية الى التماسك الاسري واحترام المرأة، حيث كان لها دور فعال ومتميز في تاريخ بلدنا المعاصر، ومن حقنا ان نفخر بالوعي الكبير والشعور والعواطف الموجهة والصدق والامانة والتضحية واسترخاص ما هو غال من اجل مصلحة الامة هذه الصفات العظيمة التي تعيشها المرأة في البحرين.
فالى المرأة البحرينية أقدم كل اكبار وتقدير . مؤكدا على ضرورة الاشادة بدورها العظيم . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
‏الشيخ الجمري يخطب في الجماهير بعد (طلاق سراحه)
13 أكتوبر 1995
‏بسم الله الرحمن الرحيم
‏الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين واصحابه المتجبين
‏والتابعين باحسان الى يوم الدين .
‏آيها الاخوة والاخوات ء والابناء والبنات ء السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ء وبعد فقد قال الله تبارك وتعالى : (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان) . هذه الآية المباركة تأمر بالتعاون على البر والتقوى، وتنهى عن التعاون على الاثم والعدوان . ولا شك ان التعاون من ضروريات الحياة الانسانية، وان اي امة تفتقد التعاون لا بد ان تتعرض للتمزق ومن ثم السقوط .
‏اجل ، تتحدث الآية بصراحة عن ضرورة التعاون وتدعو الناس جميعا افرادا وجماعات للتعاون والتكاتف لحل مشاكلهم وخلافاتهم على اساس البر والخير والتقوى .
‏ولا شك اننا في حاجة ماسة للتعاون والتكاتف والوحدة بيننا كطائفة، وبيننا كأمة، لا سيما في هذا الوقت الذي نحن أحوج ما نكون الى تظافر القوى لحل مشاكلنا ، والخروج من مخلفات الماضي، وانهاء المهاترات، والتعرض تصريحا او تلويحا لذكر من نختلفه معهم في الطرح من ابناء الطائفة او الامة، فان هذا ضد المصلحة، وان هذا سلوك يبعد ولا يقرب، والى متى سنبقى نصرف الوقت في مثل هذه الامور رغم سلبياتها، ورغم أن أمامنا مواضيع اكبر وآهم ينبغي آن نشغل آنفسنا بها . . ؟ !
‏ولنا ء أيها الاخوة المؤمنون والاخوات المؤمنات، حول هذه الآية المباركة وقفات : الاولى : التعاون بين الحكومة والشعب : لا شك ان التعاون بين الشعب والحكومة يأتي على رأس الامثلة والمصاديق، لما للتعاون بينهما من عظيم الخير والبركة . واسمحوا لي قبل الحديث عن التعاون بين الشعب والحكومة وعن شروط هذا التعاون ان اعطي فكرة عامة عما لكل منهما من حق على الآخر فآقول :
‏أن لكل من الطرفين حقوقا على الآخر يجب حفظها وآدائها على كل منهما تجاه الآخر، ولا يصح بحال أن يؤخذ الحق من جانب ويهمل من الجانب الآخر، بل هما مترابطان لا يمكن انفكاكهما. ويآتي في طليعة حقوق الحكومة آو الدولة على الشعب اطاعة رئيس الدولة، وعدم الخروج عليه ما دام مطيعا لله تعالى، وواقفا عند حدوده ، وكذلك الولاء للدولة والدفاع عنها، والمساهمة بما يملك المواطن من جهد وخبرةوطاقة في خدمتها .
‏كما يأتي في طليعة حقوق الشعب على الحكومة أو الدول أن يعيش المواطن في بلده محمي القيم، ومكفول الكرامة ومحفوظ العزة، من خلال توفير الدولة له فرص العيش، ومن خلال توفير الدولة له آجواء الامن والمساواة، بعيدا عن التقسيم الطبقي والعرقي أو الطائفي ، كما يأتي في طليعة حقوق المواطن على الدولة حق مساهمة المواطن في حكم البلاد عن طريق الانتخاب والترشيع والتصويت للبرلمان، وفي البرلمان الذي هو المطلب الاساسي للشعب ، والذي يتمكن الشعب من خلاله آن يرفع صوته، ويشارك في صنع القرار السياسي فيشعر بوجوده ، ويمارس دوره، ويقر ويرفض في اطار الحق والعدل ، وكذلك يكون حق مساهمة المواطن في حكم البلاد وادارتها عن طريق شغل المراكز في الدولة حسب الكفاءة محققة له الدولة التأهيل لشغل تلك المراكز، كما يأتي في طليعة حقوق الشعب على الدولة أن يعيش المواطن حرية الرأي والحريات الاساسية الاخرى على أن تكون في اطار خدمة البلد وفي اطار المصلحة العامة، واننا ننتظر ذلك اليوم السعيد الذي لا ترى فيه بلادنا ودولتنا سجين رأي . فتنعم الدولة والبلاد بالديمقراطية التي نحن كمسلمين آحق بها واولى بتطبيقها، أليس اسلامنا العظيم يعطي المسلم الحق ان ينتقد المتجاوزين للحدود الاسلامية وينكر عليهم ويوجه لهم الآراء الصحيحة، من آي فئة كان هؤلاء المتجاوزون، آلم يقل الخليفة أبو بكر رضي الله عنه على رؤوس المهاجرين والانصار : اذا ملت فقوموني، ألم يقم ذلك الاعرابي المسلم مخاطبا الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه معبرا عن رأيه بكلمته الخالدة بحرية تامة:لو رأينا فيك اعوجاجا لقومناك بأسيافنا، ألم يترك أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام للجماعة الذين رفضوا بيعته رأيهم، مشترطا عليهم أن لا يكيدوا للمسلمين ولا بيغوا لهم شرا، فاذا فعلوا فانه سوف لن يتركهم، وكان من السمات الكبيرة لحكومته عليه السلام تمتع المجتمع بحرية النقد السياسي.
‏الوقفة الثانية حول الاية المباركة ء التعاون المشروط :
‏فالآية هنا حثت حثا شديدا على التعاون الهادف للخير ونهت نهيا شديدا عن التعاون الهادف لخلق الفتن وزعزعة الامن، وذلك بأمرها بالتعاون على البر والتقوى، ونهيها عن التعاون على الاثم والعدوان، لأن البر يبني، والاثم يهدم، والتقوى تصلح » والعدوان يفسد ء فالتعاون اذن بين الحكومة والشعب لا ينبغي ان يكون.مشروطا الا بشروط الخير والمصلحة العليا للجميع، الشعب والحكومة، فلكلٍّ منهما حقوق وعليه واجبات.
‏فلو أرادت الحكومة من الشعب ان يتعاون معها على الباطل فلا طاعة للحكومة هنا، لأن التعاون ينبغي أن يكون على الخير، ولو طلب الشعب أن يتعاون مع الحكومة على الفساد فلا حق للشعب هنا ولا تعاون، أما اذا اراد الشعب أن يتعاون مع الحكومة من أجل حل المشاكل والأزمات التي تمر بها البلاد فهذه من أكبر مصاديق البر والتقوى، هذا ما تقوله الآية المباركة، وعلى هذا الاساس كتبنا العريضة الشعبية الجماهيرية ووقع عليها الناس لأنها بر وخير، وعلى هذا الاساس تقدمنا بالمبادرة والتف الناس حولها لأنها بر وخير، لم نطلب من الحكومة الموقرة إثما ولا عدوانا بل الخير كل الخير، طلبنا ان نتعاون مع الحكومة ونشاركها في صنع القرار السياسي من أجل التنمية والتقدم، ولا شك أن هذا المطلب بر وتقوى، حري بالثناء والقبول، لم يكن مطلبنا اسقاط الحكم ولا زعزعة النظام، بل قلناها بصراحة : اننا مع الدستور وتفعيل الدستور، واننا نريد الاصلاح ولا شك أن هذا بر وتقوى، وليس باثم ولا عدوان . لذلك أقول للحكومة الموقرة : لماذا عدم الاسراع في تنفيذ جميع بنود المبادرة أليس هي برا وخير البر عاجله، وأليس للتأخير آفات ولا ندري كيف ستكون هذه الآفأت، وكل ما نأمل ان يكفي الله البلد منها.
‏الوقفة الثا لثة حول الاية المباركة، آلية التعاون :
‏ان التعاون الذي حثت عليه الآية الكريمة لا يمكن ان يتحقق عفويا بلا تخطيط ولا تنسيق، لا سيما التعاون بين الحكومة والشعب لحل القضايا المصيرية التي يحتاج حلها للنقاش والحوار والتفاهم واستشارة المتخصصين، فان هذا التعاون يحتاج الى آلية تتقن النقاش، وهذه الآلية لا بد أن تكون منتخبة على اساس الكفائة والثقة لضمان الوصول لأنجح الحلول والخطط، وهذه الآلية لا بد أن تكون متناسبة مع روح العصر والتقدم الذي حققته الامم في الجانب الاداري وفي تنظيم شؤونها السياسية والاجتماعية .
‏الوقفة الرابعة حول الاية المباركة، اجواء التعاون :
‏لا شك ان التعاون لا يتحقق في اجواء العنف والبطش والخوف . التعاون الحقيقي هو بلا شك ثمرة اجواء الحب والثقة والامن، ولا شك ان رغبة الحكومة الاكيدة في التعاون بينها وبين الشعب تتحقق باشاعة اجواء الحرية والثقة والامن، وذلك بايقاف الاعتقالات » والاسراع في الافراج عن جميع المعتقلين والسجناء، والسماح للذين منعوا هن الدخول الى البلد بسبب سفرهم اثناء الازمة،السماح لهم بالعودة إلى الوطن، وإيقاف المحاكمات، والاسراع بانهاء محنة المعتقلين، فان هذه الامور من شأنها ان تزرع الثقة، وتوفر الجو المناسب للتعاون ومن الطبيعي أن تباطؤ الحكومة في الافراج عن باقي الموقوفين، والمحاكمات التي تدور تستثير الناس في الداخل وتدفح الذين في الخارج الى التصلب والتشدد.
‏وفي الختام اؤكد ان التعاون بين الحكومة والشعب يكسب الامة حكومة وشعبا القوة والمنعة، ويجنبها الويلات، وينهض باقتصادها ويحمي قيمها وثقافاتها، ويحقق لها النمو في كل مجالات حياتها، وذلك عندما يكون هذا التعاون معتمدا في وجوده وتفعليه على صلاح وحسن النية، وعلى الصدق والجدية عن كل من الحكومة والشعب.
‏اقول قولي هذا واستففر الله لي ولكم، والحمد لله رب العالمين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
20 ‏احوبر 1995
‏بسم الله الرحمن الرحيم
‏ايها الشعب العظيم المسالم . .
‏لقد مرت بلادنا الخالدة البحرين )رمة عاصفة تجلت فيها مظاهر العنف المتبادل بين الحكومة والشعب وأريقت فيها الدماء المحرمة، وقد عاد الهدوء الحذر الى البلاد على أيدي القائمين على المبادرة ودعم ومساندة جميع القوة السياسية المخلصة في الداخل والخارج ليقدم الشعب الدليل القاطع على أنه شعب مسالم ينبذ العنف ويرغب في الحوار الجاد من اجل تحقيق مطالبه العادلة، وانتشرت مظاهر الفرح والزينة في جميع قرى ومدن البحرين لذلك الانفراج في الازمة، وتعبيرا عن حالة التفاؤل بالمستقبل المشرق لهذا الشعب وهذا الوطن على طريق الحوار الجاد بين الحكومة والشعب الذي بدأته الحكومة مع القائمين على المبادرة في داخل السجن، وكاد الهدوء التام أن يعود الى البلاد لولا تخلف الحكومة في الافراج عن باقي المعتقلين غير المحكومين كما اتفق عليه مع القائمين على المبادرة، وزاد الامر سوءا اجراء المحاكمات التي شملت اثنين وعشرين من الاحداث الذين سبق الافراج عنهم، وقد نتج عن ذلك موجة عارمة من الاستياء في الشارع البحريني والمدارس، وتأزم وضع المعتقلين في السجن باضرابهم عن الطعام، مما خلق موجة قلق شديدة عند الاهالي، وقد فهم جميع ابناء الشعب بأن عمل الحكومة مناورة سياسية للالتفاف على المبادرة لاعاقة طرح وتقديم المطالب السياسية، مما ادى الى تشدد في مواقف القوى السياسية الشعبية في الداخل والخارج، ونقل القائمون على المبادرة صورة واضحة عن كل ذلك للمسؤولين في وزارة الداخلية وطالبوهم باتخاذ موقف حاسم يتعلق بالافراج عن كافة المعتقلين غير المحكومين، وتوقيف المحاكمات كما اتفق عليه في المبادرة لمنع حالة التدهور التي باتت تدق ناقوس الخطر وقد وعدت القيادة الامنية في وزارة الداخلية بمراجعة القيادة السياسية العليا في هاتين المسألتين والرد في يوم الاربعاء الموافق 18 ‏/ 0 1 ‏/ 95 ‏م، ولم يحصل القائمون على المبادرة على الرد في يوم الاربعاء ولا في يوم الخميس وكل الذي حصلوا عليه وعد بلقاء غير محدد المعالم في يوم الاحد الموافق 22 ‏/ 10 ‏/ 95 ‏م، مما جعلهم امام مسؤولية دينية وطنية تاريخية تتطلب منهم موقفا حكيما يمسكون من خلاله زمام الامور بأيديهم، ليواصلوا طريق الحوار الجاد من اجل التنمية والاصلاح على طريق الازدهار الشامل لهذا البلد بدلا من أن يأخذالشارع زمام المبادرة ويتصرف كما يرى.
‏وعليه فقد قرر القائمون على المبادرة انطلاقا من التكليف الشرعي الدخول في اعتصام واضراعب عن الطعام ابتداء من يوم الاثنين الموافق 23‏/ 1 ‏/ 95 ‏م، وسوف يستمر ذلك حتى تحقق المطالب الآتية حسب المتفق عليه بين اصحاصب المبادرة والحكومة:
1 ‏) الافراج عن كافة المعتقلين غير المحكومين، وايقاف المحاكمات.
2 ‏) السماح للاشخاص الذين منعوا من دخول البلاد بسبب تفجر الاحداث بالعودة الى الوطن.
3 ‏) الاعتراف الرسمي بالحوار .
4 ‏) وضع الترتيبات اللازمة للحوار في المسائل السياسية وفي مقدمتها المسائل الآتية: أ) المحكومون في الاحداث.
‏ب)المبعدون السياسيون.
‏ج)البرلمان .
‏وفي الختام نلفت انتباه ابناء الشعب الى النقاط الآتية:
1 ‏) الضرورة الملحة لالتزام الهدوء التام وعدم الظهور في مسيرات او ممارسة اعمال العنف تحت عنوان التضامن مع المعتصمين المضربين عن الطعام او غيره من العناوين، مؤكدين أن ممارسة ذلك ضد ارادتنا، ومن شأنه ان يحبط مجهودنا لتحقيق الأهداف النبيلة لهذا الشعب العظيم بالطرق السلمية والدستورية.
2‏) إن المشاركة في الاعتصام والاضراب عن الطعام تضامنا مع المعتصمين المضربين عن الطعام ليست مفتوحة لكل واحد ما لم تتم الموافقة عليه.
3 ‏) سوف يكون هناك ناطق رسمي باسم المعتصمين المضربين عن الطعام، يجب الرجوع اليه فيما يتعلق بتطورات الموقف.

الجمعة الموافق 20 ‏/ 10 ‏/ 1995 ‏م
1 ‏. عبد الامير منصور الجمري
2 ‏• حسن علي مشيمع
3 ‏• عبد الوهاب حسين علي
4 ‏• ابراهيم اليد عدنان العلوي
5 ‏• حسن علي سلطان
6 ‏• حسين علي الايهي
‏23 أكتوبر 1995
‏أيها الشعب العظيم المسالم:
‏انطلاقا من المسؤولية الدينية الوطنية التاريخية، ومن اجل تجنيب البلاد الرجوع الى الازمة من جديد، حيث بلغ الاستياء الجماهيري ذروته نتيجة عدم وضوح الرؤية حول مصير المعتقلين غير المحكومين وسط اجراء المحاكمات التي شملت حتى الاحداث والانكار الرسمي للحوار وعدم التوصل مع المسؤولين في وزارة الداخلية الى نتيجة حاسمة في مسألتي الافراج عن كافة المعتقلين غير المحكومين وتوقيف المحاكمات وعدم حصولنا على جواب مناسب بواسطتهم من القيادة السياسية العليا رغم وعدهم بذلك ، فقد رأينا من الضروري جدا ان نقدم على خطوة علمية من شأنها أن تضع ازمة الامور، بأيدينا بدلا من الانفلات، وللفت انتباه القيادة السياسية العليا الى حقيقة ما يجري في الساحة وكلنا ثقة بأن القيادة السياسية العليا سوف تتصرف بحكمة بالغة لا سيما وأن الهدوء قد عاد الى البلاد فعلا ولا يعكر صفوه الا ذلك التوتر الناجم عن غياب المطالب التي اعلنّا من اجلها الاعتصام والاضراب عن الطعام، مؤكدين حرصنا التام على استتباب الامن والاستقرار في هذا البلد، والمطالب التي طرحناها هي كالآتي:
‏ا . الافراج عن كافة المعتقلين غير المحكومين وتوقيف المحاكمات.
2 ‏. السماح للأشخاص الذين منعوا من دخول البلاد بسبب تفجر الاحداث بالعودة الى الوطن .
3 ‏. الاعتراف الرسمي بالحوار .
4 ‏. وضع الترتيبات اللازمة للحوار في المسائل السياسية وفي مقدمتها المسائل الآتية : أ . المحكومون في الاحداث .
‏ب . المبعدون السياسيون.
‏ج . البرلمان .
‏أيها الشعب العظيم المسالم:
‏نظرا لحاسية الموقف والمرحلة الحالية التي تمر بها مسيرة بلادنا المباركة والتي جاء ضمنها الاقدام على اتخاذ خطوتنا المعلنة المتمثلة في الاعلان عن الدخول في اعتصام واضراب عن الطعام ابتداء من صباح يوم الاثنين الموافق 23 ‏/ 0 ‏ا / 1995 ‏م في مجلس سماحة الشيخ عبد الامير الجمري حفظه الله تعالى وحتى اجل سيعلن عنه لاحقا وفقا لتطورات الموقف.
‏نأمل منكم التعاون معنا بمراعاة النقاط الآتية:
‏ا- الضرورة القصوى التي يتوقف عليها نجاح الموقف تقضي بالتزام الهدوء التام وعدم اللجوء في اي ظرف كان للقيام بما يهدد الامن والاستقرار في البلاد كالمسيرات والتواجد غير المنظم وغير الهادىء في مكان الاعتصام فضلا عن ممارسة اعمال العنف راغبين من كل العلماء والوجهاء واصحاب سلطة الكلمةأن يقوموا بدورهم الديني والوطني في المحافظة على الهدوء وقت الاعتصام.
2 ‏. سوف يتولى بعض اخواننا تنظيم التواجد الهادىء في مكان الاعتصام. والمشاركة التضامنية مع المعتصمين في الاضر اب عن الطعام خاضعة لموافقتهم وعليه يجب الالتزام بمراجعتهم والعمل بتوجيهاتهم في هذا الشأن.
3 ‏. الناطق الرسمي عن المعتصمين هو الاستاذ عبد الوهاب حسين علي، كما أن الاستاذ حسن المشيمع والشيخ حسين الديهي سوف يكونان مسؤولين عن المتابعة وتنسيق الامور وينبغي الرجوع اليهما فيما اشير اليه.
23-10-1995
المعتصمون المضر بون عن الطعام
مجلس الشيخ عبد الامير الجمري

27 أكتوبر 1995
‏بسمه تعالى
‏أيها الشعب العظيم المسالفم :
‏ان الموقف التضامني الواحد لجميع أبناء الشعب بعلمائه ومفكريه ووجهائه الذي ابرزه الحضور الجماهيري الحاشد نساءا ورجالا امام مكان الاعتصام والوفود الممثلة للقرى والمدن والهيئات، والبيانات التي اصدرها العلماء والمفكرون والهيئات والقوى السياسية في الداخل والخارج والمظاهر التضامنية الاخرى كالاعلانات التي شملت جميع القرى والمدن مع الاعتصام والاضراب عن الطعام في المساجد والجوامع والمآتم ونشر السواد ومظاهر الحداد بدلا من الزينة ومظاهر الافراح لهي محل فخرنا وتقديرنا وثقتنا الغالية بشعبنا العظيم المعطاء الذي عرف المطالبة بحقوقه المشروعة باساليب علمية دستورية حضارية وهي محل احترام وتقدير كل من المخلصين في العالم، وان هذا الموقف التضامني الموحد لجميع ابناء الشعب يضع حكومة البحرين الموقرة امام مسؤوليات وطنية تاريخية في علاقاتها مع شعبها العظيم المسالم .
‏أيها الشعب العظيم المسالم:
‏إن الخطوة التي أقدمنا عليها لم تكن موجهة للنيل من الحكومة الموقرة أو التحدي لها وإنما هي خطوة سلمية حضارية اتخذت من اجل الامساك بازمة الامور بعد ان اوشك الشارع على الانفلات نتيجة الاستياء الشديد ازاء التوقف في عملية الافراج عن المعتقلين غير المحكومين كما اتفق عليه القائمون بالمبادرة والحكومة وازداد الامر سوءا باجراء المحاكمات التي اثارت المشاعر واحيت الماضي بكل جراحاته ومآسيه. وآلامه بعد ان حاول ابناء الشعب نسيان الماضي وتطلعوا الى المستقبل المشرق في ظل الحوار الجاد بين ممثلي الشعب والحكومة وتهدف هذه الخطوة الى لفت انتباه الحكومة ولا سيما القيادة السياسية العليا الى خطورة الوضع الساخن الذي يوشك على الانفجار في الساحة لتتخذ قرارها الحاسم المسؤول لمنع تفجر الازمة من جديد، فالاعتصام والاضراب عن الطعام خطوة سلمية حضارية جاءت من اجل مصلحة الوطن والمواطن وتعزيز العلاقة الصحيحة بين الحكومة والشعب، واننا ماضون في خطوتنا المتمثلة في الاعتصام والاضراب عن الطعام ومنتظرون لجواب القيادة السياسية في الدولة،وانه لجواب تاريخي يعكس نظرة حكومة البحرين لشعبها ونمط العلاقة التي تطمع اليها مع هذا الشعب في وقت تتسلط فيه الاضواء الكثيفة الكاشفة على هذه الارض من جميع العالم، وان موقفنا سوف يبقى في خدمة قضية شعبنا ومسيرة الوطن الحضارية المتصاعدة في ظل تماسك شعبنا ووعيه الاسلامي الحضاري والبحث عن علاقة افضل بين الشعب والحكومة وبين دولة البحرين ودول العالم . . تخدم حركة التنمية والازدهار على قاعدة ثابتة من الامن والاستقرار الدائمين مؤكدين لكم بأنه لا قلق على حياتن، (اننا قد جعلنا ارواحنا رخيصة في خدمة شعبنا ووطنا الغالي) .
‏أيها الشعب العظيم :
‏إن انجاح الخطوة التي اقدمنا عليها وهي الاعتصام والاضراب عن الطعام يتوقف على نجاحكم في المحافظة على الهدوء والاستقرار، وبحق فانكم قدمتم مثالا عاليا في وعيكم والتزامكم بما فيه مصلحة الوطن والمواطنين بالتزامكم الهدوء في ظل حضور جماهيري حاشد متفجر بالحماس، وثقتنا فيكم ان تبقوا على ذلك ابدا لا سيما في الوقت الراهن متضرعين الى الله ان تستجيب الحكومة لمطالب شعبنا للبدء في صفحة جديدة في تاريخنا المجيد .
‏والى مزيد من التقدم والازدهار لوطننا الغالي . .
‏المعتصمون المضر بون عن الطعام . .
مجلس الشيخ عبد الامير الجمري
27-10-1995

1 ‏نوفمبر 1995
‏البيان الختامي للمعتصمين المضربين عن الطعام
‏أيها الشعب العظيم المسالم:
‏انطلاقا من حرصنا على اعطاء الصورة الامينة الكاملة لشعبنا حول تطورات الموقف في كل قضية من قضايا شعبنا في مسيرته الحضارية الصاعدة، فاننا نقدم اليكم في هذا البيان صورة دقيقة عن قصة الحوار مع الحكومة وحيثيات الخطوة التي باركها الله تعالى وهي خطوة الاعتصام والاضرابه عن الطعام .
‏لقد بدأنا الحوار مع الحكومة الموقرة ممثلة في القيادة الامنية من داخل السجن في الاسبوع الثاني من شهر ابريل عام 1995 ‏بخصوص الخروج بالبلاد من ازمتها على اساس ان نقوم نحن بالدعوة الى الهدوء وبذل المساعي لتحقيق ذلك بالتعاون مع كل المخلصين من ابناء الوطن في الداخل والخارج، وتقوم الحكومة الموقرة بتقديم الدعم والمساندة وخلق الارضية الصالحة لتقبل الشعب لهذه الدعوة. وقد استمر الحوار حتى شهر اغسطس من نفس العام حيث التقى سماحة الشيخ عبد الامير الجمري والاستاذ حسن المشيمع من القائمين على المبادرة في مكتب سعادة وزير الداخلية بحضوره وحضور مدير مكتبه ووزير العمل عبد النبي الشعلة وفضيلة الشيخ منصور الستري، رئيس محكمة الاستئناف العليا الشرعية الجعفرية، وفضيلة الشيخ احمد العصفور وكيل محكمة الاستئناف العليا الشرعية الجعفرية، وفضيلة الشيخ سليمان المدني عضو محكمة الاستئناف العليا الشرعية الجعفرية ورجل الاعمال المعروف عضو مجلس الشورى الحاج أحمد منصور العالي وذلك بتاريخ 14 ‏/ 8 ‏/ 1995 ، وقال وزير الداخلية في تقديم سماحة الشيخ الجمري الى الحضور:”دعوتكم لتسمعوا بأنفسكم من الشيخ عبد الامير الجمري ما تم الاتفاق عليه”، وقد القى الشيخ عبد الامير الجمري كلمة مكتوبة لخص فيها ما تم الاتفاق عليه في الحوار الطويل مع الحكومة جاء فيها ما هذا نصه:(وقد لقيت هذه المبادرة او الجهود القبول والتشجيع من قبل المسؤولين، فقد ناقشناها مع سعادة وزير الداخلية فوجدنا تشجيعه لها. على ان يبدأ التنفيذ لهذه الجهود يوم الاربعاء الموافق 16 – 8 – 995 ‏ا، وذلك باطلاق سراح الاستاذ حسن مشيمع والشيخ خليل سلطان والشيخ حسن سلطان من القائمين على المبادرة، بالاضافة الى فضيلة الشيخ علي الجدحفصي وفضيلة السيد ابراهيم السيد عدنان الموسوي وفضيلة الشيخ حسين الديهي ‏للمساعدة في انجاح الجهود، وسوف يرافق ذلك اطلاق سراح مائة وخمسين من المعتقلين من غير المحكومين . وفي 7 ‏/ 9 ‏/ 1995 ، سوف يطلق سراح الاستاذ عبد الوهاب حسين مصحوبا باطلاق سراح مائة وخمسين من غير المحكومين، وفي نهاية الشهر نفسه (سبتمبر 1995 ، سوف يطلق سراحي مصحوبا باطلاق باقي المعتقلين غير المحكومين لا سيما عند عودة الهدوء والاستقرار، اما بشأن المعتقلين المحكومين في الاحداث فسوف يخضع موضوعهم الى المساعي الحميدة مع سمو أمير البلاد المفدى بالاضافة الى المبعدين والمهجرين، وغير ذلك من المسائل العالقة، اما المطالب السياسية فنحن نؤمن بعدم المطالبة بها في الوقت الحاضر ونرى ترك معالجتها الى ما بعد عودة الهدوء والاستقر ار الى البلاد في ظل توفير الارضية من جانب الحكومة) انتهى النص.
‏وفي مقدمة المطالب الياسية تفعيل الدستور وعودة الحياة البرلمانية كما اشير اليه في المذكرات المكتوبة التي قامت الى المسؤولين في وزارة الداخلية، ويعتبر اللقاء المذكور بمكتب وزير الداخلية بمثابة التوثيق والاشهاد على الاتفاق لا سيما وان الشخصيات التي حضرت اللقاء هي شخصيات حكومية ودينية حقوقية .
‏وقد التزمت الحكومة بتنفيذ الخطوة الاولى من الاتفاق المتمثلة في الافراج عن الدفعة الاولى بتاريخ 16 -8 -1995 ‏والتزم الاخوة المفرج عنهم من القائمين على المبادرة واصحاب الفضيلة العلماء الذين معهم بالدعوة الى اعادة الهدوء، وقد حققوا نجاحا باهرا في فترة قياسية مذهلة تدل على توق شعبنا العظيم المسالم الى الهدوء والاستقرار وايمانه بالحوار والسلام بديلا عن العنف والصراع، وقد سافر وفد مؤلف من الاستاذ حسن مشيمع وفضيلة الشيخ خليل سلطان لمقابلة الاخوة في لندن وقم المقدسة لتعريفهم بالاتفاق وطلب مساعدتهم لانجاحه وقد حقق الوفد نجاحا في مهمته نقله الاخ الاستاذ حسن المشيمع الى سعادة وزير الداخلية في اليوم الثاني من عودته الى البحرين في مكتب سعادة الوزير بحضور القائمين على المبادرة وبعض المسؤولين في وزارة الداخلية .
‏ولما جاء دور الخطوة الثانية المتمثلة في اطلاق سراح الاستاذ عبد الوهاب حسين ومائة وخمسين من المعتقلين غير المحكومين بتاريخ 7 ‏/ 9 ‏/ 1995 ، أخرت الحكومة اطلاق سراح الاستاذ عبد الوهاب حسين الى يوم 9 ‏/ 9 ‏/ 1995 ‏، بحجة احتشاد آلاف من ابناء الشعب لاستقباله مما اوشك ان يخلق ازمة لولا لطف الله تعالى واتخاذ الحكومة قرارا للافراج في آخر لحظة .
ثم افرجت عن مائة وخمسين من المعتقلين غير المحكومين على دفعات، وقبل القائمون على المبادرة ذلك، وسارت الامور على ما يرام واستتب الامن والاستقرار اكثر فاكثر في البلاد وتفاءل الجميع بالمستقبل المشرق متطلعين الى حوار جاد مع الحكومة يحقق لهم مطالبهم المشروعة وقد انتشرت مظاهر الفرح والزينة في جميع القرى والمدن في البحرين .
‏وفي25-9-1995، افرجت الحكومة عن الشيخ عبد الامير الجمري واستقبلت الجماهير ذلك بكثير من التفاؤل وعمت الافراح ومظاهر الزينة ارجاء البلاد،غير أن الحكومة لم تمض كما ينبغي فيما يتعلق بالافراج عن المعتقلين غير المحكومين ، وقد ادى ذلك الى استياء ابناء الشعب وتحول الى تذمر عام . ثم جاءت المحاكمات التي شملت حتى الاحداث الذين سبق الافراج عنهم لتخلق مزيدا من الاستياء في الشارع تحول الى توتر يدق ناقوس الخطر لا سيما وأن وزير شؤون مجلس الوزراء والاعلام قد صرح ثلاث مرات لاذاعة لندن بأنه لا اتفاق ولا حوار مع احد لا في الداخل ولا في الخارج ووصف القائمين على المبادرة باوصاف غير لائقة، وقد نقلنا عن ذلك صورة واضحة امينة الى المسؤولين في وزارة الداخلية وطلبنا منهم اتخاذ قرار حاسم يمنع تفجر الشارع وعودة الازمة من جديد الى البلاد وحينما اعتذروا بأن هذا من صلاحيات القيادة السياسية العليا اقترحنا عليهم لخطورة الموقف ان نقوم نحن بمقابلة القيادة السياسية لطرح المشكلة عليها للحصول على القرار الذي ينقذ البلاد من ازمتها، فوعدتنا القيادة الامنية ان تقوم هي بنقل الرسالة ورد الجواب في غضون يومين ولم نحصل على الجواب في الوقت المحدد وادركنا بأن الوقت يمر بسرعة والخطر يزداد يوما بعد يوم وأن موقف المسؤولين بوزارة الداخلية لا ينسجم مع خطورة الموقف مما حملنا على التفكير في البحث عن مخرج بخطوة سلمية حكيمة تمكننا من الامساك بازمة الامور وتمنع الشارع من الانفلات، وفي الوقت نفسه نلفت انتباه القيادة السياسية لحقيقة ما يجري على الساحة، فكانت خطوة الاعتصام والاضراب عن الطعام وقد حققت هذه الخطوة اهدافها من خلال التضامن القوي الشامل لابناء الشعب مع المعتصمين المضربين عن الطعام، واثبتت بكل تأكيد تمسك ابناء الشعب بتحقيق مطالبهم المشروعة وتمسكهم بالنهج السلمي والحضاري في المطالبة بالحقوق العادلة وأن المطالب المرفوعة هي مطالب كل ابناء الشعب على مختلف طوائفهم وانتماءاتهم الدينية وا لسياسية بعيدة عن الطائفية والحزبية أو القبلية وغيرها من الحزازات والعقد التي تفصل بين ابناء الشعب الواحد، مؤكدة وحدة الصف الاسلامي والوطني وقد اكسب ذلك ابناء شعب البحرين ثقة واحترام وتقدير العالم اجمع، ولا يسعنا في هذه المناسبة الا ان نشكر ابناء شعبنا الاباة والقوى السياسية البحرينية في الداخل والخارج والمؤسسات والعلماء والمفكرين والوجهاء واصحاب الكلمة على تضامنهم الصادق مع خطوة الاعتصام والافراب عن الطعام ونخص بالذكر فضيلة السيد علوي الغريفي وفضيلة السيد جواد الوداعي، وفضيلة الشيخ عبد الحسين الستري وفضيلة الشيخ عيس احمد قامم وفضيلة السيد عبد الله الغريفي، ونذكر ايضا جميع وسائل الاعلام ووكالات الانباء العربية والعالمية التي قامت بالتغطية الاعلامية الموضوعية للحدث في الوقت الذي فسجل فيه اسفنا لبعض وسائل الاعلام المحلية والخليجية والعربية لتجاهلها الحدث ولا يفوتنا أن نؤكا حرصنا الشديد على توطيد العلاقة الطيبة بين دولة البحرين وشقيقاتها الخليجية والعربية ودول العالم، والمحافظة على امن الجاليات ومصالحها المشروعة في البلاد، واحترام المعاهدات والمواثيق الدولية . وان الاصلاحات التي نطالب لا تخدم الا تعزيز تلك العلاقات واحترام تلك المواثيق والمحافظة على تلك المصالح، وأن هذا ينطلق من مبادىء ديننا الاسلامي الحنيف وينسجم مع تاريخنا وتراثنا العريقين ويخدم مصالح شعبنا ويشارك في توفير الرفاهية والرخاء لهذا الشعب وصناعة تاريخه المجيد.
‏أيها الشعب العظيم المسالم :
‏كان بودنا ان ننهي هذه الخطوة، نحن القائمين على المبادرة الاعتصام والاضراب عن الطعام بكلمة نعم من حكومة البحرين الموقرة لمطالب شعبها العادلة، لتؤكد بذلك احترامها وتقديرها لارادة هذا الشعب وتمسكه بالخيار السلمي الحضاري في المطالبة بحقوقه، وللاعراب عن رغبتها في توطيد العلاقة الطيبة معه، وفي الوقت الذي تتسلط فيه الاضواء الكثيفة الكاشفة التي اجتذبتها خطوة الاعتصام والاضراب عن الطعام من الرأي العام العالمي على قضية البحرين، بحيث يبرز للرأي العالم العالي بأن البحرين تطوي صفحات ازمتها الاخيرة، وتدخل مرحلة جديدة من تاريخها، مرحلة يسودها التفاهم والحوار بين الحكومة والشعب لتسوية جميع القضايا العالقة بما فيها قضية تفعيل الدستور وعودة الحياة البرلمانية الى البلاد،غير ان الحكومة مع علمها الاكيد بخطورة ما يجري على الساحة لم تستجب لمطالب الشعب بل نفت وجود الوساطة التي تمثلت في الدكتور فيصل الزيرة الذي جاء في البداية الى المعتصمين المضربين عن الطعام بصفة شخصية ونقل رسالة بناء على رغبتها الى القيادة السياسية واوصل فيها جوابا قال بأن المسؤولين طلبوا منه الاستمرار في الوساطة وطالب المعتصمين المضربين عن الطعام بتقديم الدعم والمساندة الى مهمته حتى يحقق نجاحا في هذه المهمة واعرب عن تفاؤله بنجاح المهمة وتحقيق جميع المطالب اذا قام المعتصمون المضر بون عن الطعام بتعليق الاعتصام والاضراب عن الطعام، وقال بأن الذي يريده المعتصمون المضر بون عن الطعام هو نفسه الذي تريده الحكومة، ونقل ذلك على لسان المسؤولين وتعددت اللقاءات، ثم نقل هو بنفسه على لسمان الحكومة عدم كونه وسيطا، وقد اضاع ذلك فرصة ذهبية على الحكومة لكسب مودة شعبها وتوطيد العلاقة الطيبة معه، وكسب المزيد من الاحترام والتقدير العالميين لموقفها واثبات رغبتها في انهء الازمة التي عصفت بمقدرات البلاد والحيلولة دون تكرارها وقد تحملنا نحن مسؤوليتنا الدينية والوطنية التاريخية بأنهاء الاعتصام والاضراب عن الطعام بعد تحقيق اهدافه للحيلولة دون تصعيد الموقف نتيجة احتشاد آلاف الجماهير التي تضطرم غيضا، من النساء والرجال والتي تتجاوز في بعض الاوقات الستين ألفا، آملين ان تقدر حكومة البحرين الموقرة لشعبنا هذا الموقف الوطني الصادق باصدار عفو اميري حكيم عن كافة المعتقلين وايقافه المحاكمات والسماح للمبعدين بالعودة الى الوطن والاعتراف الرسمي بالحوار من اجل حل جميع القضايا العالقة وفي مقدمتها تفعيل الدستور وعودة الحياة البرلمانية كمؤشر على رغبة الحكومة في اجتياز الازمة والحيلولة دون تكرارها، آملين ان تكون هذه الاستجابة من الحكومة الموقرة قريبة جدا لتعود للشعب فرصته من جديد وتنتشر مظاهر الفرح والزينة في جميع انحاء البلاد .
‏إننا نوصيكم ونؤكد عليكم بأن تلتزموا الهدوء التام وعدم ممارسة اي عمل من شأنه أن يزعزع الامن والاستقرار في البلاد، ونعاهد الله تعالى ثم اياكم باننا سنبقى على الدرب نسعى من اجل تحقيق كل مطالبكم العادلة المشروعة بالطرق السلمية الحضارية كما امرنا بذلك الدين الاسلامي الحنيف وذلك بالتعاون مع كل المخلصين من ابناء الوطن في الداخل والخارج، ايمانا منا بعدالة وشرعية تلك المطالب والتزاما منا بتحمل مسؤلياتنا الدينية والوطنية وان لدينا من البدائل السلمية الحضارية المرتقبة ما هو كفيل بتحقيق تلك المطالب التي لا محيص عنها، وكأن الله جل جلاله قد خط تحققها بقلم القدر الذي لا تغيير فيه ولا تبديل، واننا سوف نعطي حكومة بلادنا الموقرة فترة زمنية قبل ان نقدم على الخطوة السلمية القادمة لكي تستجيب لمطالب الشعب العادلة التي لا ‏تحتاج المطالبة بها الى احتجاج او اضراب عن الطعام لعدالتها وشرعيتها وسهولة تحقيقها وأثرها البالغ في تحقيق الامن والاستقرار في البلاد، وتجاوز الازمة والحيلولة دون تكرارها علما بأن استجابة حكومة البحرين لهذه المطالب سوف يكون له الاثر الطيب في تعزيز النهج السلمي التحاوري بين الحكومة والشعب، وهذا في حد ذاته كفيل بارساء قواعد الامن والاستقرار، ويشجع الشركات والمستثمرين على البقاء في البلاد مما يعود بالاثر الايجابي الفاعل في الاسراع بحركة التنمية في بلادنا الحبيبة، في الوقت الذي لن تقف عجلة المسيرة السلمية الحضارية في المطالبة بالحقوق بكلمة (لا) من الحكومة الموقرة لمطالب شعبها .
‏ولنا في تمسك شعبنا الابي بتعاليم دينه الاسلامي الحنيف واصراره على مطالبه وتلاحم صفوفه ومحافظته على وحدة صفه الاسلامي والوطني ووعيه وحضوره الفاعلين الذين حطم بهما كل المؤامرات والعقبات التي تقفه في وجهه، ووقوفه صفا واحدا وراء قيادته الاسلامية، الوطنية الصادقة في نهجها الجاد السلمي التحاوري، لنا في ذلك بعد الله تعالى اكبر العون في تحقيق تلك المطالب في وقت غير بعيد .
‏وختاما اقول :
‏الى الامام أيها الشعب العظيم المسالم، والى مز يد من التطور والنمو والازدهار. والحمد لله الذي بارك لنا في شعبنا المسلم العظيم .
‏معكم معكم يا شعبنا حتى فحقق كامل اهدافكم ومطالبكم العادلة .
‏آخر ايام الاعتصام
‏المعتصمون المضر بون عن الطعام
مجلس الشيخ عبد الامير الجمري

0 ‏ا نوفمبر 995 ‏ا
‏بيان صادر عن القائمين على المبادرة
‏أيها الشعب المسلم العظيم المسالم :
‏انطلاقا من مبدأ الامانة والصدق مع شعبنا وكما تعودنا فاننا نطلع ابناء شعبنا على الجديد حول قضيتنا المعاصرة بدقة وامانة وقد برزت في الآونة الاخيرة قضيتان اساسيتان هما: الرسالة المؤرخة بتاريخ 24 ‏/ ابريل/ 1995 ، الى سمو الامير وقضية الاستدعاء من قبل مسؤولين امنيين في مركز قيادة أمن المنطقة الوسطى بمدينة عيس بتاريخ15-11-1995.
‏اما بخصوص الرسالة فنحن نعتقد بأنها نقطة قوة بأيدينا وقد أخرنا في اخراجها الى ابناء الشعب ليس خجلا ولا خوفا مما فيها بل انتظارا للوقت المناسب ونحن نحمد الله عز وجل على ان الترويج لهذه الرسالة جاء عن طريق اشخاص مكِّنوا منها توهما منهم بأن في امكانهم عبر الترويج لها الضغط علينا وقد غفلوا عما يحمله الترويج عبر ايديهم في اي وقت من الاوقات من دلالات سلبية تفضح مواقفهم ضد ارادة الشعب، كيف وقد روجوا اليها في وقت وضعت فيه النقاط على الحروف، ووقف الشعب صفا واحدا في وحدة اسلامية وطنية رائعة، وبروز حالة سياسية شعبية قوية متقدمة ووعي جماهيري عريق في المطالبة بالحقوق الشرعية العادلة، وكل ذلك اقوى بكثير من ان تنال منه امثال هذه الممارسة المشبوهة، مؤكدين ان الرسالة لا تتضمن اي اعتراف بتقصير واعتذار فعليين، فما جاء في الرسالة هو وصف لسمو الامير من غير اشارة لارتكاب اي خطأ او تقصير حدث فعلا من جانبنا، وان الاعتذار جاء بصيغة الشرط ولم يتحقق المشروط حيث اننا لم نعترف في افاداتنا واعترافاتنا امام قاضي التحقيق بأي مسؤولية عما جاء في الرسالة، ونحن اذ نؤكد على عدم رغبتنا في النيل من هيبة الحكومة وقوتها فإنّه مع الترويج لهذه الرسالة في الشا.ع العام ونشرها في الصحافة المحلية والعالمية وتناقل وكالات الانباء لخبرها مضطرون الى الرد دفاعا عن مواقفنا ومبادئنا ولمعالجة البلبلة في الرأي العام في الداخل والخارج وحفاظا على المصلحة الوطنية وحقوق شعبنا ودفعا لما قد يعود بمردود سلبي على أمن واستقرار البلاد ولكي نضع الحكومة امام مسؤولياتها في وجه هذه الممارسات الفير مسؤولة، وسوف نقتصر في الرد على مقدار الضرورة فحسب وهو كالآتي:
اولا : ان افاداتنا واعترافاتنا امام قاضي التحقيق ليس فيها ما يديننا بل ان بعضنا لم يكتب افادة ولم يمثل امام قاضي التحقيق وبالتالي فنحن لم نخطىء لكي نعتذر، وهذا ما اكدناه سابقا ونصر عليه الآن، وقد تخلينا عن حقنا القانوني اثناء فترة التوقيف في التظلم بناء على رغبة المسؤولين في وزارة الداخلية لكي نفسح المجال للمبادرة لتأخذ طريقها الى التطبيق ولكي لا تكون الاجراءات القانونية عقبة في طريقها وهذه مسألة عرفت لدى المحامين الذين كلفوا بالدفاع عنا وكانت موضع استغرابهم في بادىء الامر.
‏ثانيا : ان البلاد قد مرت بازمة شديدة عصفت بمقدراتها وهددت بانهيار بنيانها،وقد سفكت في هذه الازمة الدماء واعتقل آلاف الشباب وبعض الشابات، بل حتى الشيوخ والاطفال، وتصاعدت وتيرة العنف المتبادل وكان لا بد من التفكير والعمل من اجل اخراج البلاد من الازمة ، وقد وجدنا ان العقدة الرئيسية في الازمة تتمثل في خطين متوازين لا يلتقيان هما: اصرار الحكومة على التمسك بهيبتها كضمان لحفظ النظام في البلاد في مقابل تمسك ابناء الشعب في مطالبه العادلة المشروعة، وقد تحملنا مسؤوليتنا الدينية الوطنية التاريخية في التعامل مع هذه الحالة متنكرين لذواتنا وواثقين بوعي شعبنا وعدالة مطالبه وثقتنا بمواقفنا المستقبلية في الوقوف الى صف شعبنا ومطالبه العادلة المشروعة فكانت المبادرة التي تقدمنا بها والتي تقوم اساسا على الدعوة من قبلنا الى اعادة الهدوء والسعي الجاد الحيث الى تحقيقه على ان تقوم الحكومة الموقرة بتوفير الارضية الصالحة وتقديم الدعم والمساندة اللازمين لقبول الناص بهذه الدعوة، فاعادة الهدوء من قبلنا كان موقفا مبدئيا غير مشروط اقتضته مصلحة البلد التي نحن في غاية الحرص عليها ولإيماننا بقدرة الحوار على تحقيق المطالب، وكان تقديم الدعم والمساندة من قبل الحكومة شرطا واقعيا اقتضت الضرورة وليس شرطا مفروضا يمكن التغاضي عنه، وقد وفينا بما وعدنا به وعاد الهدوء الى البلاد في فترة قياسية ليبرهن ذلك على توق شعبنا الى السلام والاعتدال وقبوله بمبدأ الحوار في سبيل تحقيق مطالبه كبديل عن العنف والتطرف والصراع ، وقد وفت الحكومة بما وعدت به حسب الاتفاق في اولى الخطوات، حيث ساعد ذلك على اعادة الهدوء والاستقرار في البلاد، غير انها تباطئت بعد ذلك في عملية الافراج وشرعت في اجراء المحاكمات مما ادى الى ايجاد التوتر الذي تصاعد يوما بعد يوم واوشك ان يعيد الازمة من جديد الى البلاد مما دفعنا الى اتخاذ خطوة الاعتصام والاضراب عن الطعام للامساك بأزمة الامور ولفت نظر القيادة السياسية العليا لحقيقة ما يجري على الساحة لكي تتخذ القرار الحاسم لمنع تفجر الازمة من جديد بعد ان فشلنا في الحصول عليه بواسطة وزارة الداخلية، وقد ذكرت تفاصيل الاتفاق في مذكرات رفعت الى المسؤولين الذين كانوا يرفعونها بدورهم الى القيادة السياسية، وقد لخص فضيلة الشيخ عبد الامير الجمري ما تم الاتفاق عليه في كلمة مكتوبة ألقاها في مكتب سعادة وزير الداخلية واصحاب الفضيلة القضاة والوجهاء في يوم الاثنين الموافق 14 ‏/ 8 / 1995 ، وقد اعلنا عن بعض التفاصيل في البيان الختامي للمعتصمين المضربين عن الطعام بتاريخ 1 ‏/ 11 ‏/ 995 ‏ا .
‏ثالثا : ان الرسالة المكتوبة الى سمو الامير والمؤرخة بتارخ 24 ‏/ 4 ‏/ 1995 ، كتبت بناء على الحاح المسؤولين بوزارة الداخلية وقد كتبت بالاسلوب واللغة اللذ ين يروقان لها، وقد قبلنا بذلك كمدخل الى تحمل المسؤولية الدينية الوطنية التايخية امام الله جل جلاله والشعب والتاريخ والتي وجدنا انفسنا معها وجها لوجه لاخراج البلاد من ازمتها واعادة الهدوء والاستقرار اليها، فهل نحن ملامون على كتابتها لتحمل هذه المسؤولية العظيمة المقدسة؟ كما ان الرسالة تدل بكل جلاء ووضوح على اننا لا نحمل اي نزعة عدائية تجاه الحكومة، واننا حريصون تمام الحرص على مصلحة بلدنا الحبيب وشعبنا العزيز وكنا نأمل بعد هذه الرسالة ان تمكننا الحكومة الموقرة فورا من أداء مهمتنا المقدسة لكي نحفظ دماء ابناء شعبنا ونجنب البلاد المخاطر والصعوبات التي عصفت بمقدراتها، والكل يتسائل اليوم لماذا ابطأت الحكومة ولم تتح لنا الفرصة عاجلا لاعادة الهدوء، هذه الرسالة وما تضمنته من حسن النوايا والحرص على مصلحة البلاد حتى تاريخ 16 / 8/ 1995 ، حيث افرجت عن بعضنا فحسب ولم تفرج عنا جميعا؟ وقد اريقت خلال هذه الفترة الدماء واعتقل آلاف الشباب وبعض الشابات والشيوخ والاطفال ومورست شتى اعمال العنف بين الطرفين، وقد ظهرت الرسالة في هذا الوقت ليتبين لابناء الشعب والرأي العام المسؤولية العظيمة التي عملناها في خدمة الشعب والوطن العزيز وليس كما يتوهم المغرضون .
‏أيها الشعب الملم العظيم المالم :
‏لقد بررت الحكومة ذلك الابطاء بعدم ثقتها بالقائمين على المبادرة رغم ما اعطوه من ضمانات وما تبلور من شروط تضمنتها المذكرات التفصيلية للمبادرة التي رفعناها للمسؤولين بوزارة الداخلية، وايضا لكي لا تسمح للقائمين على المبادرةبأن يبرزوا امام الرأي العام في الداخل والخارج كأبطال نجحوا في اعادة الهدوء والاستقرار الى البلاد في الوقت الذي تحملهم الحكومة مسؤولية الاحداث، ولكي لا تسمح للقائمين على المبادرة باكتساح الاشخاص الذين عبروا عنهم باصدقاء الحكومة الذين عملوا لأجلها سنين طوال، وأمام هذه التعقيدات وغيرها كتبنا الرسالة لكي نفتح امامنا الطريق لممارسة دورنا المقدس في اعادة الهدوء الى البلاد واخراجها من ازمتها مع ثقتنا بوعي شعبنا وعدالة مطالبه، وبمواقفنا المبدئية في الوقوفه الى صف ابناء الشعب ومطالبه العادلة، وقد برهنا على ذلك فعلا بالوقائع المشهودة والنتائج العظيمة التي تحققت على ارض الواقع، رغم التلويح المسبق إلينا باخراج الرسالة، مؤكدين بأن المواقف العادلة المشروعة اقوى من اي شيء ، كما برهن الشعب على عظيم وعيه ومتانة موقفه وتراص صفوفه وصلابته في ذات الله، وفشل الترويج للرسالة في النيل من ذلك، وقد تركنا الرد العاجل على الترويج للرسالة لكي نقيم الدليل لكل المراقبين المخلصين والموضوعيين بأن المواقف لدى الشعب اقوى من ان تنال منه امثال هذه الممارسات، وأنه قادر على استيعابها واحباطها، وسوف يبقى الشعب محافظا على وحدة صفه وقوة تماسكه ووقوفه خلف رجاله الاسلاميين الوطنيين الذين اقاموا الدليل القاطع على اخلاصهم وقدرتهم على تحمل المسؤو لية واحباط كل المحاولات للنيل من مواقفه ومطالبه العادلة المشروعة.
‏أيها الشعب المسلم العظيم المسالم:
‏ان الرسالة التي تم الترويج اليها توهماأنها تنال من القائمين على المبادرة وتضعف مواقف الشعب أبرزت بكل جلاء ووضوح مدى التسامح والتعاون الشديد لدى اصحاب المبادرة في الوقت الذي لم يلتزم فيه الطرف الآخر بالمقدار اليسير الذي تعهد به والذي ذكر تفصيلا في المذكرات المرفوعة الى المسؤولين في وزارة الداخلية وهي جميعا مؤرخة بتواريخ بعد تاريخ الرسالة وحاكمة عليها، مذكرين بأن ما تم الاتفاق عليه هي مطالب واقعية يتوقف على تنفيذها اعادة الهدوء والاستقرار الى البلاد، ومن المفروض ان الحكومة تستجيب لهذه المطالب حتى على فرض عدم وجود الاتفاق حرصا منها على توفير الامن والاستقرار واستتبابهما في البلاد. فكيف مع وجود الاتفاق؟ ومن جهة ثانية نفترض جدلا عدم وجود الاتفاق وان الموجود فقط هو الرسالة التي بعثنا بها الى سمو الامير نقول بحسب هذا الفرض اننا قد وفينا بما وعدنا به وعاد الهدوء تماما الى البلاد، وان المطالب التي تقدمنا بها هي مطالب الشعب كما ابرزه بوضوح التضامن مع المعتصمين المضربين عن الطعام مساء الاربعاء ليلة الخميس الموافق 1 ‏/ 11 ‏/ 1995 ، والذي كان بمثابة الاستفتاء وقد زاد على مائة ألف مواطن ونحن نتمسك بتلك المطالب على هذا الاساس ونطالب الحكومة الموقرة بالاستجابة لها تعبيرا منها عن احترامها وتقديرها لارادة شعبها ورغبتها في تعزيز العلاقة الطيبة معه، وبدلا من ان تستجيب الحكومة لمطالب شعبها، ‏اقدمت على بعض الاجراءات التي من شأنها خلق التعقيدات في الساحة واطالة زمن الازمة، مثل الابطاء في عملية الافراج عن المعتقلين غير المحكومين والشروع في اجراء المحاكمات التي شملت حتى الاحداث واستدعاء القائمين على المبادرة الى مركز قيادة أمن المنطقة الوسطى بمدينة عيسى وغير ذلك . واما بخصوص الاشخاص الذين روجوا لهذه الرسالة في فأول ما يقال بحقهم الصفة التي اطلعوا بها على الرسالة، وتمكينهم منها والسماح لهم بترويجها في الشارع العام، والسؤال الثاني عن الدوافع والمصلحة في ترويجها، خاصة وقد سبقت الاشارة منهم الى هذه الرسالة وبصورة غير دقيقة وغير أمينة قبل خروجنا من السجن، وقبل ان يثار اي شيء من قبلنا في الساحة، فلم يشر هؤلاء الى الحيثيات والملابسات التي صاحبت الرسالة، وتكتموا بشدة على المذكرات التفصيلية التي تضمنها الاتفاق ومضمون الكلمة التي ألقاها فضيلة الشيخ عبد الامير الجمري في مكتب سعادة وزير الداخلية وأن الحضور من شأنه الاشهاد والتوثيق، بينما كانت الرسالة في طي الكتمان، وبالمقارنة الظاهرية يتضمن الترويج للمذكراته وكلمة فضيلة الشيخ عبد الامير الجمري في مكتب سعادة الوزير تحقيق مطالب الشعب وفتح باب الحوار بين الحكومة وممثلين عن الشعب، ‏بينما يتضمن الترويج للرسالة ظاهرا .وهو الهدف البارز من ترويجها على يد هؤلاء الاشخاص. النيل من القائمين على المبادرة والاساءة إليهم واضعاف مواقفهم في المطالبة بحقوق الشعب، ولا توجد اي منفعة ظاهرة لشعب البحرين في ترويجها الا الكشف عن النوايا السيئة لبعض الاطراف المعادية للشعب ولمطالبه العادلة المشروعة، وكان من المفروض عليهم كأبناء هذا الشعب أن يبحثوا عن الحجج والبراهين الدا عمة لمواقفه، ومطالبه العادلة بدلا من المواقف العدائية ضده، لقد وقف هؤلاء الاشخاص ضد ابناء الشعب وقت الازمة بحجة العنف، رغم أن العنف كان متبادلا بن الطرفين، فلماذا يقف هؤلاء ضد ابناء الشعب وهم ملتزمون بالمحافظة على الهدوء والاستقرار في البلاده وملتزمون ايضا بالنهج السلمي التحاوري في المطالبة بالحقوق العادلة المشروعة، لقد سبقت الاشاعات من هؤلاء الاشخاص ضد القائمين على المبادرة قبل خروجهم من السجن ليقدموا بذلك الدليل على ان مواقفهم العدائية المضادة للقائمين على المبادرة لا علاقة لها البتة بأي موقف صادر من القائمين على المبادرة، وفي الوقت الذي دعى فيه القائمون على المبادرة ابناء الشعب الى المحافظة على وحدة الصفه الاسلامي والوطني وعدم الاساءة الى احد، ابدى هؤلاء الاشخاص مواقف عدائية ضدهم واساءات بلفت الى درجة وصفهم بالخروج عن الدين الصحيح، ووضعوا العقبات والعراقيل في وجههم، منها الترويج لعدم شرعية الاضراب عن الطعام، في الوقت الذي يقف فيه ابناء الشعب صفا واحدا لدعم المعتصمين المضربين عن الطعام في ذلك الوقت. ويأتي اخيرا الترويج لهذه الرسالة الذي تزامن مع خطوة الاستدعاء من قبل مسؤولين امنيين لاصحاب المبادرة، توهما بأن ذلك من شأنه ان يضعف الحالة السياسية الشعبية التي تصب حتما في صالح الامن والاستقرار، وتجبرها على التقهقر بخلق البلبلة في صفوف ابناء الشعب، في الوقت الذي ينتظرون فيه الرد من القيادة السياسية العليا على مطالبهم، وبعد هذا الرد فان املنا بوعي شعبنا ان يغنينا عن العودة لمناقشة هذا الموضوع وغيره من الموضوعات التي تصب في نفس الاتجاه، وان يترك الاهتمام في تحقيق المطالب بالطرق السلمية الحضارية، بعيدا عن الاشتغال بالمسائل التافهة التي لا طائل منها ولا جدوى فيها الا الابتعاد عن لب المشكلة والقضية الاساسية للشعب، واننا نوصي ابناء شعبنا النبيل بالتجاهل التام لهذا الموضوع وغيره من المواضيع التافهة وعدم جعله مادة يخوض فيها المغرضون لصرف الشعب عن تحقيق اهدافه النبيلة ومطالبه العادلة.
‏أيها الشعب الملم العظيم المسالم:
‏وأما بخصوص الا ستدعاء فانه وبينما كنا ننتظر من القيادة السياسية العليا ردا على مطالب الشعب بعد إنهاء الاعتصام والاضراب عن الطعام بتاريخ 1 ‏/ 11 ‏/ 1995 ، وكلنا ثقة بسمو الامير خاصة ان يتخذ قرارا حاسما وايجابيا لاخراج البلاد من ازمتها وتثبيت حالة الهدوء والامن والاستقرار الدائمين فيها، بينما كنا كذلك اذا بنا نفاجأ بالاستدعاء المدهش من قبل مسؤولين امنيين في مركز قيادة أمن المنطقة الوسطى بمدينة عيسى يوم الاحد الموافق 5 ‏/ ا 1 ‏/ 1995 ، وفي لقائنا معهم وجهت الينا شفهيا عدة اتهامات وتحذيرات رغم اننا الذين دعونا الى اعادة الهدوء والاستقرار في البلاد وتحقق ذلك على ايدينا بشهادة الجميع، وقد طلبنا منهم بعد سماع الاتهامات والتحذيرات ان تقدم الينا بصورة مكتوبة لتأخذ الصفة الرسمية من خلال وزارة العدل والشؤون الاسلامية، ولكي تقوم هيئة الدفاع بوظيفتها القانونية في ذلك . كما فوجىء ابناء الشعب بعد ذلك ببعض الاجراءات التي تصب في نفس القناة . وبالمقارنة نجد أن الحكومة الموقرة تلوح باستخدام القوة، في الوقت الذي يؤكد فيه الشعب التزامه بالنهج السلمي التحاوري في المطالبة بحقوقه العادلة المشروعة، ويؤكد فيه القائمون على المبادرة حرصهم الشديد على الامن والاستقرار في البلاد، ويطالبون ابناء الشعب بالكف عن كل ما من شأنه تعكير ذلك. كما يبعثون بالاشارات الواضحة لبعث الطمأنينة في قلوب ابناء الشعب والجاليات والمستثمرين حفاظا على المصالح الاستراتيجية في البلاد، وكلهم امل ان تتدخل القيادة السياسية العليا وعلى رأسها سمو الامير لكي تضع حدا للاجراءات غير المنسجمة مع الحالة السياسية والامنية في البلاد وتتخذ القرار الحاسم الايجابي الذي يخرج البلاد من ازمته الخانقة مؤكدين أن الحل الصحيح للأزمة يأتي عبر الحوار وليس عبر تلك الاجرائات، وفي الختام نرغب في التأكيد على النقاط المهمة الآتية:
‏ا) احترامنا وتقديرنا للحكومة وعدم رغبتنا في النيل من هيبتها والضغط عليها، بل نحن راغبون في إفساح المجال إليها لكي تستجيب لمطالب الشعب بالاسلوب الحضاري المناسب الذي يعزز العلاقة الطيبة بينها وبين الشعب، ويرفع مكانتها أمام الرأي العام العالمي، آملين آن يكون ذلك في اقرب وقت، لتجنب حالة الاحتقان السياسي والامني في البلاد، ولكي تشترك الحكومة والشعب في كتابة التاريخ الحضاري المشرف لهذا البلد الحبيب.
2 ‏) تمسكنا بمطالب الشعب العادلة المشروعة، وسعينا الحثيث من اجل تحقيقها بالطرق السلمية الحضارية وذلك بالتعاون مع كل المخلصين من ابناء الشعب، آملين ان يتحقق ذلك في ظل الحوار الهادىء بين الحكومة وممثلين من ابناء الشعب عن كل الاتجاهات والتيارات الدينية والسياسية في الداخل والخارج، مؤكدين على ابناء الشعب التزام الهدوء التام والمحافظة على الامن والاستقرار وعدم ممارسة اي عمل من شأنه ان يعكر صفوهما.
‏والحمد لله رب العالمين .
‏حرر في البحرين بتاريخ : 6 ‏ا جمادى الثاية 1416 ‏ه أ الموافق 0 1 ‏نوفمبر 1995 ‏.
صدر هذا البيان عن القائمين على المبادرة
الشيخ عب الامير الجمري
الاستاذ حسن علي مشيمع
الاستاذ عبد الوهاب حسين
الشيخ حسن سلطان
الشيخ علي بن احمد الجدحفصي
السيد ابراهيم السيد عدنان
الشيخ حسين الايهي .

‏ 17 ‏نوفمبر 1995
‏بسم الله الرحمن الرحيم
‏الحمد لله رب العالمين » والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين ، واصحابه المنتجبين ،والتابعين باحسان الى يوم الدين .
‏أيها الاخوة والاخوات والابناء والبنات، سلام من الله عليكم جميعا ورحمة وبركات، وبعد :
‏فبما أننا نعيش اسبوع ميلاد الزهراء (عليها السلام)، وبما أن الزهراء (ع) هي المرأة الاولى التي عاشت الاسلام في افكارها وسلوكها ومواقفها، وصبرت وتحملت وجاهدت من اجل الاسلام، وكانت المثل الاعلى الذي اراد الاسلام للمسلمات أن يتمثلنه ويحتذينه، فانها لذلك هي الرائدة الاولى للمرأة المسلمة، وأن مولدها العظيم لهو مولد المرأة المسلمة التي يريدها الاسلام، فالمرأة التي يريدها الاسلام هي التي تطبق منهج فاطمة (ع) في الحياة، بحيث تمتلك الوعي الديني والسياسي، وتقوم بدورها كعنصر مسؤول في المجتمع الاسلامي، فتعارض الفساد والانحراف وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، سائرة على النهج الفاطمي، فالمرأة المسلمة يجب ان تكون الى جانب الرجل المسلم في الدعوة الى الحق، والمطالبة بالحق، والمعارضة للانحراف، منطلقة من خط فاطمة (ع)، خط الحوار، خط السلم، خط المجادلة بالتي هي أحسن، منادية بأعلى صوتها لمن يتمسك بخط العنف والقوة والغطرسة: فنحن في اواخر القرن العشرين، ولا ينبغي ان يكون المنطق السائد والمحكم بيننا هو منطق قريش، بل يجب أن يكون منطق الحوار، منطق الرفق واللين، ففي ظل منطق الحوار يغلق الباب أمام المغرضين والمتصيدين في الماء العكر، وفي ظل منطق الحوار لا تبقى حواجز ولا عزلة بين الحكام والمحكومين، وفي ظل منطق الحوار لا تبقى فرقة ولا تباعد بين مذهب ومذهب وجماعة وجماعة، لقد خسر وفشل منطق قريش، منطق العنف والغطرسة،أجل، وسقط هذا المنطق رغم أن بيدها السلطة الاقتصادية والسلطة الدينية ء والسلطة السياسية وغيرها من السلطات، ورغم كل ما مارسته قريش لاسقاط شخصية الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، فقد سقطت قريش، اما شخصية محمد (ص) فلم تسقط بل علت وظفرت والتف الناس حولها. (يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ)، (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ* وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ) .
‏أخواني وأخواتي، أبنائي وبناتي :
‏مع التغيرات التي تشهدها المنطقة نجد انفسنا ملزمين ان نتوقف عند بعض النقاط التي نشعر أنها تستحق التوضيح والتأكيد، دفعا للاشتباه والالتباس. فبعض الصحف المغرضة والاقلام المأجورة تحاول يائسة في هذه الظروفه ان تخلط الاوراق وتلصق التهم وتشوه الصورة قصداً منها للنيل من حركة الشعب الاصلاحية ومطالبه العادلة، وهيهات أن يتمكنوا من ذلك ، وذلك لما يأتي:
‏اولا : ان توجه هذا الشعب مستقل ذاتي، غير مدفدع من الخارج ، لأنه توجه اوجدته الظروفه والاوضاع السلبية المتراكمة، ولأنه توجه انطلق بدافع المصلحة العامة، رغبة منه في المشاركة الفعالة في صنع القرار السليم.
‏ثانيا : أنه توجه مفتوح، عفوي، جماهيري، ليس حزبيا، او متعصبالأحد يتفق ويتحد مع كل المخلصين العاملين لأجل مصلحة الوطن، فيه الاسلامي والوطني، والشيعي والسني، بعيدا عن الطائفية والقبلية، فانا وانت ابناء وطن، واتعامل مع كل التوجهات في قضية وطن، الهموم والآمال والاهداف واحدة، لأنها للوطن، والكل مسؤول عن مصلحة وطنه وبلده، والعريضة الاولى عام 1992 ، والعريضة الجماهيرية الثانية عام 994 ‏ا اكبر الادلة على ذلك .
‏ثالثا : ان اسلوب هذا التوجه سلمي يرفض العنف والتطرف والارهاب، ويرفض استخدام القوة، ويعتبر الحوار الجاد المثمر هو الاسلوب الامثل لتحقيق الاهداف العادلة. فقد استجاب توجه هذا الشعب للهدوء منذ اول يوم برزت فيه مبادرتنا السلمية، وطالبنا، بالهدوء ، وما زال وسيبقى محافظا على الهدوء والاستقر ار لأنه توجه سلمي لا يريد إلا الاصلاح، وبيد الحكومة الموقرة ما وعدته على ذلك بالنظر في مطالبه وتحقيقها.
‏رابعا : ان اهداف هذا التوجه واضحة معتدلة موضوعية، لا تريد اسقاط الحكم ولا زعزعة الامن، بل كل ما تريده تحقيق الامن والاستقرار، وما هي هذه الاهداف، أنها، كما أعلنت مرارا وتكرارا. تفعيل الدستور، وعودة الحياة النيابية، واطلاق سراح كافة المعتقلين ،وعودة المبعدين.
‏توجه الشعب هذا ليس ساذجا، بل ان الشعب منتبه وواع الى أن هذه الاهداف بعضها
فوري لا يستدعي ات خيرى وبعضها متدرج الى التهيئة ووضع الترتيبات الازمة . والسؤال المطروح الآن هو : هل في هذه الاهداف اي تطرف او ارهاب، ولا شك أن الجواب بلغة الحق والواقع هو : لا، هذه هي الصورة الحقيقية لحركة الامة وفعالياتها، فاذا كانت هذه هي حقيقة توجه الشعب فلماذا لا نرى على ارض الواقع استجابة واضحة من الحكومة الموقرة، هل هو بسبب المعلومات المغلوطة والصور المشوهة التي ينقلها أصحاب الاقلام المأجورة والمصالح الشخصية الذين لا يريدون لهذا الوطن اي خير او صلاح؟
‏لماذا الحواجز والفواصل؟ لقد اعلنا استعدادنا للحوار الهادىء، وطالبنا به ، فحتى متى تظل الابواب مفلقة؟ والى متى ستظل سيارات الشغب تجوب الشوا.ع ليل نهار؟ والى متى تقوم بعض سيارات الشغب بايقاف بعض باصات الطلبة وتضرب بعضهم دون ادنى مبرر او مسوغ؟ ! إننا نرقب توجها صحيحا في المنطقة نحو التنمية والاستقرار، ففي بعض حرية صحافة وانتخابات بلديات، وفي بعض تم الغاء قانون امن الدولة، وفي بعض ثالث صدر عفو عام عن السجناء والمبعدين. ومثل هذا التوجه لا شك أنه يعمق الثقة بين الشعب وحكومته، ويعزز كل الجهود المخلصة لرفعة الوطن وتنميته ، ويبدد كل الشكوك والظنون التي يخلقها الشياطين والمغرضون، أعاذ الله الوطن حكومة وشعبا منهم. وان لدينا أملا كبيرا في سمو الامير في اصدار عفوه العام عن جميع المعتقلين من دون استثناء، وعودة المبعدين الى وطنهم، وفتح باب الحوار رسميا، ومن ثم التوصل الى بحث وتحقيق المطالب السياسية وعلى رأسها البرلمان.
‏والله ولي التوفيق والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
24 نوفمبر 1995
‏بسم الله الرحمن الرحيم
‏الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين واصحابه المنتجبين
‏والتابعين باحسان الى يوم الدين.
‏اخواني واخواتي، ابنائي وبناتي:
‏السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
‏فقد قال الله تعالى حكاية عن نبيه هود على نبينا وآله وعليه السلام : (ابلغكم رسالات ربي وأنا لكم ناصح أمين). الاعراف : 68 ‏. في هذه الآية المباركة دعوة الى النصيحة، وايحاء صريح بضرورة كون حامل الرسالة ومبلغها أمينا، غير مخادع ولا مراوغ، لا تأخذه في الله لوعة لائم.
‏ولا يخفى عليكم.ايها الاخوة والاخوات.ما للنصيحة من اثر كبير في تصحيح حركة الامة حاكما ومحكوما، فقد ورد في الحديث:”من لا يهتم بامر المسلمين فليس منهم ، ومن لم يصبح ويمسى ناصحا لله ولرسوله ولكتابه ولأمامه ولعامة المسلمين فليس منهم”. كما لا يخفى عليكم ما لمخالفة النصيحة من آثار سلبية وانعكاسات سيئة على الامة. وتاريخنا الاسلامي يقدم العديد من الامثلة في هذا المجال.
‏فالامة في حركتها تتعرض لهزات وتمر بمنعطفات تحتاج فيها للرؤية السليمة والحلول الصائبة. والحاكم في ظل الاوضاع الاقتصادية المتردية والظروف السياسية المعقدة يحتاج للخروج منها للمساعدة والنصيحة. . النصيحة التي ينبغي أن تكون نصيح مخلصة خالية من الغش والتدليس، تنقل الحقيقة وان كانت مرة صعبة، نصيحة واعية بعيدة عن السذاجة والجهل، تدرس المشاكل وتقترح الحلول الموضوعية، نصيحة هدفها مصلحة الامة وان تعارضت مع المصلحة الشخصية الذاتية. وهذه مهمة العلماء والادباء والصحفيين واصحاب الكلمة والنفوذ بالدرجة الاولى، فهم الذين يمثلون الامة، وهم الذين تقع مسؤولية التوجيه والتنظير والنصيحة . فاذا عاش هؤلاء انفتاحا واعيا على الناس يتحسون فيه مشاكلهم وآلامهم، وجرأة ينتقدون بها الاخطاء بعيدا عن الخوف والمجاملة، وحرصا على مصلحة الوطن والمواطنين واعتبار مصلحة الشعب فوق كل مصلحة، وأمكن وضع النقاط على الحروف، وامكن تصحيح المسيرة والخروج بالامة من ازمتها.

‏لهذا الدافح- دافع النصيحة- أود أن أتوقف عند النقاط الآتية:
مطالب الامة وبعض الطر وحات :
‏نسمع في هذه الايام عن بعض الطر وحات والاقتراحات التي قد ينبع بعضها عن احساس صادق بالمسؤولية في المساهمة لاخراج البلد من ازمته، ولكن الاخلاص والرغبة الصادقة في الحقيقة وحدهما لا يكفيان لانجاح هذه الطر وحات، بل ان اي طرح اذا اريد له النجاح فلا بد أن يتوفر على العناصر الاخرى الاتية:
الشمولية : بحيث يشمل كل الامة بمختلف فئاتها ومذاهبها وانتماءاتها السياسية، في ي طرح يفتقد هذا العنصر وينحصر في فئة دون اخرى فهو حل جزئي طائفي مرفوض. وقد سمعنا فعلا بوجود تحرك يهدف لحل جزئي يختص بالطائفة الشيعية خاصة من خلال تحسين الوضع المعيشي والاقتصادي لها. هذا التحرك الذي يقوم به بعض رجال الاقتصاد والمال تحرك قاصر، لأنه يهدف من جهة لتحويل المطالب من مطالب سياسية الى مطالب معيشية خاصة، ومن جهة اخرى يهدف لشق الصف الوطني الذي تمحور وتوحد حول اهداف واضحة تهم الوطن كله.
العنصر الاخر الذي يجب ان يتوفر عليه الطرح الناجح، ان يكون دستوريا. فأي طرح او حل يفتقد الغطاء الدستوري فهو طرح قاصر ايضا. فقد سمعنا بنية الحكومة الموقرة بتوسيع وادخال بعض الصلاحيات في مجلس الشورى، وهذه الخطوة في الحقيقة تعكس رغبة الحكومة في الانفتاح على الامة، وهي خطوة تستحق الاحترام، ويمكن ان تلقى قبولا جماهيريا اذا شملت النقطتين الآتيتين:
أولا : انتخاب الاعضاء على اساس الكفاءة انتخابا جماهيريا حرا.
ثانيا: اعطاء المجلس صلاحية التشريع المستقل.
‏فالامة منذ بداية حركتها السلمية لم تهدف الا الى الاصلاح، ولم ترغب الا في المشاركة والمساهمة الفعالة في رفعة وتقدم البلاد، واي طرح يؤمن لها مطالبها العادلة فهو طرح سليم مقبول.
‏رسالة مفتوحة الى وزراء الدفاع والداخلية :
‏في الايام القليلة الماضية شهدت بلادنا اجتماعين، الاول : لوزراء الداخلية، والثاني: لوزراء الدفاع، وهذه الاجتماعات تعكس اهتمام المسؤولين بأمن هذه المنطقة وسلامتها واستقرارها، وهذا هدف الجميع حكاما ومحكومين، فلا احد من ابناء هذا البلد يريد الشر وزعزعة الامن.
‏والذي اود توجيهه الى الوزراء المحترمين هو ان اعيد الى اذهانهم أمرين :
‏الاول : اننا اناس سلميون، لسنا فوضويين ولا عنفيين، كما تدل على ذلك خطواتنا التي قمنا بها والتي تتلخص في العريضة الاولى عام 1992 ‏، والعريضة الثانية عام 1994 ‏،والمبادرة التي تتضمن اول فصولها: الدعوة الى الهدوء والكف عن العنف بجميع اشكاله ومظاهره، وقد قمنا بذلك بامانة واخلاص شهدت له الساحة البحرينية، وهدأت البلاد فعلا .
‏الثاني : ان مطالبنا سلمية ولصالح البلد كله ساسة ومسوسين وهي: اطلاق جميع المعتقلين وعودة المبعدين وفتح باب الحوار لحل المطالب السياسية العالقة وعلى رأمها البرلمان . ونؤكد لهؤلاء الوزراء المحترمين الذين زاروا بلادنا. وطنهم الثاني، مكرمين اننا ماضون في مسيرتنا السلمية بعيدا عن العنف والفوضى التي لا يرتضيها احد، وفق الله الجميع لكل خير .
‏التضامن مع اسر المعتقلين والمسجونين:
‏من خلال زياراتنا لاهالي السجناء والمعلومات التي تردنا من داخل السجن أرى نفسي ملزما أن أثير للحس الوطني حاكما ومحكومين حالة المعاناة التي يعيشها السجناء والمعتقلون وأهاليهم.
‏صور المعاناة :
1 ‏. سجناء يعيشون اوضاعا مأساوية في غرف صغيرة مغلقة من جراء عدم الرفق بهم والتوسعة عليهم، وموقوفون يضربون عن الطعام توسلا للتوسعة عليهم والرفق بهم فيكون مردود ذلك التضييق عليهم والتشديد في اساءة التعامل معهم.
2 ‏. سجناء يفقدون اعز ذويهم كالاب والام وهم يعيشون قسوة السجن وألم البعد والفراق.
3 ‏. سجناء قضوا في الجن قرابة الاربعة عشر عاما بعيدين عن اسرهم واولادهم.
4 ‏. سجناء اعتقلوا اثناء فترة حمل زوجاتهم، وانجبت الزوجات، وكبر الاولاد، وربما تزوج بعض بناتهم وهم لا يزالون قابعين في السجن سنين وسنين.
5 ‏. عدد من عوائل السجناء المعتقلين يعيشون دونما كافل او معيل، يعانون شظف العيش وقسوة الحاجة.
‏أيها الاخوة والاخوات :
‏لم اورد هذه الصور لأجل إثارة العواطف او سكب الدموع، وانما اوردتها للاشارة الى تفاعلات هذه الصور في الشارع البحريني، والسلبيات التي تتركها في نفوس الناس لا سيما لو كانت نتيجة استئناف يوم الاثنين 27 ‏/ 11 ‏/ 1995 ‏هي اقرار الحكم بالاعدام- لا سمح الله- للمتهم في قضية العريف السعيدي، فلا شك ان خطورة ذلك على الشادع البحريني كبيرة قد يصعب علاجها وضبطها، وهذا ما يدفعني لذكر المطلبين الاثنين، الاول: مطالبة سمو الامير ان يمارس صلاحياته الدستورية التي تخوله الحق في انهاء مثل هذه المحنة، وطي صفحة هذه الازمة التي عصفت بالبلاد، وذلك بالتدخل في ايقاف محاكمة المتهمين في قضية العريف السعيدي واصدار امره الكريم باطلاق سراح المعتقلين جميعا، لا سيما وان هذه الخطوةتأتي متزامنة مع الاحتفالات بالعيد الوطني. وهذه الدعوة ليست لتعطيل القانون وانما من اجل هدف سام وهو تغليب مصلحة الوطن واستقراره على اي مصلحة، وهو امر من صلاحيات سمو الامير دستوريا.
‏الثاني : تنبيه الجماهير المسلمة لممارسة طقس روحي عظيم وهو الدعاء للمعتقلين بالفرج والخلاص خصوصا المتهمين في قضية العريف السعيدي وذلك ضمن برنامج روحي هادىء في الليالي القادمة خصوما ليلة الاثنين وهي ليلة الاستئناف، وسيكون ذلك في المساجد، وارجو ان تقرأ وا معي بصوت واحد هذا الدعاء : ” اللهم صلِّ على محمد وآل محمد يا مخلص الشجر من بين رمل وطين وماء، ويا مخلص اللبن من بين فرث ودم، ويا مخلص الولد من بين مشيمة ورحم، ويا مخلص النار من بين الحديد والحجر، ويا مخلص الروح من بين الاحشاء والامعاء خلص جميع اسرائنا من السجن، ورد جميع غربائنا الى اوطانهم سالمين غانمين وارحم شهداءنا، وغير سوء حالنا بحسن حالك، انك على كل شيء قديره برحمتك يا ارحم الراحمين » وصل اللهم على محمد وآله الطاهرين”.
‏اقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
24 ‏نوفمبر 995 ‏ا
‏نص الكلمة التي القاها سماحة الشيخ عبد الامير الجمري
‏بسم الله الرحمن، الحمدالله رب العالمين ، وصلى الله على محمد وآله الطاهرين وآصحابه المنتجبين والتابعين باحسان الى يوم الدين .
‏قال الله سبحانه وتعالى : ” أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ* تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ* وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ” .
‏لاحظوا دور الكلمة الطيبة ودور الكلمة الخبيثة بأي مستوى يهتم به القرآن الكريم، عن الكلمة الطيبة يقول بعض المفسرين :” إن المراد بالكلمة الطيبة في هذه الآية، الكلمة الحسنة أجل- الكلمة الحسنة في اي مجال كانت في المجال الاجتماعي، في المجال الاقتصادي، في المجال السياسي، في اي مجال كانت، الكلمة الحسنة يشبهها القرآن الكريم بالشجرة الطيبة، هذه الشجرة أصلها ثابت ضاربة باعراقها وجذورها في الاعماق غير متزعزعة، وفرعها في السماء، يعني انها عالية حيث ان المراد بالسماء في الآية كل ما علا وأظل، فالكلمة الطيبة كالشجرة الطيبة العالية ذات الاصل الثابت والفرع العالي المنتشر في الافق الآخذ في السماء، الآخذ في العلو . الكلمة الخبيثة بعكسها، اذ هي كالشجرة الخبيثة، الشجرة المرة، الشجرة المؤذية، الشجرة التي تبعث المرض والالم، وتؤذي الناس . هذه الشجرة الخبيثة اجثت من فوق الارض ما لها من قرار. بطبيعة الحال إن الشجرة الخبثة حقها أن تجتث، حقها ان تقتلع، ويلقى بها في المزبلة، والكلمة الخبيثة كذلك حقها آن تسحق. ما احلى الكلمة الطيبة، ما احسنها، ما اجملها، ما احوجنا الى الكلمة الطيبة، ما احوج بلادنا ووطننا الاسلامي الى الكلمة الطيبة، ما احوج ارضنا وبيئتنا الى الكلمة الطيبة، ما احوج الانسان الذي يحترم نفسه ويحترم موقعه الى ان يقول الكلمة الطيبة التي تفيد الآخرين وتفيده. وتنفع الناس وتنفعه. يؤسفنا جدا ان بعض الصحف أبت على نفسها الا أن تقول الكلمة الخبيثة، الكلمة السيئة، الكلمة النتنة. بعض الصحف منذ يومين تقول بآن هناك فئات من المعارضة تتدرب عند حزب الله. شيء مؤسف. خبر نشرته اكثر من صحيفة. . طبعا الهدف معروف، الهدف مفهوم وواضح، الهدف ربط هذه الحركة (حركة البحرين الاصلاحية، السلمية، الهادئة) بالعنف المسلح، ربطها بحزب الله، يعني أنها حركة مقاومة تمارس العنف، تمارس المواجهة المسلحة. لماذا؟ ماذا يريدون؟ ماذا يريد هؤلاء؟ ماذا تريد هذه الصحف. ومن وراءها؟ يريدون سحب دعم العالم لقضيتنا، قضيتنا التي دعمها العالم وتعاطف معهاالرأي العام. يريدون أن يسحبوا هذا التعاطف وهذا الدعم. عندما يصوروننا اناسا عنفيين نبعث هنا وهناك بفئات للتدريب على السلاح استعدادا للعنف، استعدادا للمواجهة، يريدون ان يستدرجونا ويجرونا الى العنف، أليس كذلك؟ ! يريدون ان يشوهوا صورتنا للعالم ويقولوا أننا لسنا طلاب حقوق او اصحاب مطالب عادلة مشروعة،وانما نحن اناس عنفيون، نحن اناس فوضويون، لكن اريد ان اؤكد بأن هذه الصحف ومن وراءها لا يستطيعون ولن يستطيعوا ابدا ان يشوهوا قضيتنا او يشوهوا حركتنا. فلقد عرفنا العالم كله، دعنا عن يركب رأسه، دعنا ممن يتحيز، عرفنا العالم كله بأننا اناس سلميون، هادئون، طيبون، قد اعلنا اهدافنا بوضوح واعلنا مرارا وتكرارا في بياناتنا، في اعلاناتنا، في احاديثنا، في خطبنا بما لا مزيد عليه ، اعلنا أننا اناس سلميون وان مطالبنا سلمية واننا لا نريد الفوضى اطلاقا. اذا فهذه الصحف اولى لها ان لا تكلف نفسها، لأن ما تقول حبر على ورق، ومجرد دعاوى، والواقع العملي لنا، لشعبن، لحركتنا يكذبها، اجل- الواقع العملي، الواقع المعاش يكذب ما تقوله هذه الصحف. وينسجم مع هذه الصحف في بعض أهدافها عندما تحاول جرنا واستدراجنا الى العنف ينسجم مع هذه الصحف في الاهدافه وفي هذا الهدف بالذات بعض الحركات، كحركة سيارات الشغب التي تجوب الشوارع ولا ندري لماذا؟ ! ماذا يوجد في البلاد؟ ! ماذا يوجد في الشوارع؟ ! ماذا يوجد في القرى؟! ماذا يوجد في المدن؟ ! حركات هذه السيارات التي توقف بعض باصات الطلبة وتضربهم دونما مبرر او تأمرهم أن يضرب بعضهم بعضا، لماذا؟ ! لأ أدري ! ! بل أن بعض هذه السيارات كادت ان تقتحم بعض مدارس البنات لولا صراخ الطالبات. انا لا ادري ما هذا العنف؟ ! ما هذه الحركات؟ ! لا شك ان هذه الحركات تحاول الاستدراج الى العنف والجر الى العنف، وانا اتساءل هل هذه الحركات تصرف فردي ام انها مأمورة؟ ! الحقيقة ان الامر محير، والذي ارجوه هو ان تتدخل السلطات العليا لايقاف هذه الحركات ولمنع هذه التحركات. اخيرا، أود ان انبه اخواني الى نقطة اثرتها اليوم في حديث الجمعة وهي التضامن مع اسر السجناء والمعتقلين، اريد ايها الاخوة والاخوات ان لا ننسى قضية السجناء، اريد ان تبقى هذه القضية حية، نابضة،متحركة في نفوسناطبعاً(اخواتي ؟ اخواتي حفظ الله الجميع) لا يكفي- في بقاء او قيام قضية السجناء والمعتلقين في نفوسنا- التعاطف القلبي او التعاطف النفسي بل لا بد من الخدمات الممكنة التي نستطيع ان نقدمها لهذه الاسر ولهؤلاء السجناء ؟ واريد ايضا ان انبه على جعل هذه الليالي مسرحا وجوا للدعاء المركز حتى ليلة الاثنين ليلة الاستئناف ؟ دعاء من كل قلوبنا بالفرج العاجل والخلاص العاجل وانهاء هذه المحنة ؟ واخيرا اريد الى جانب الدعاء والى جانب ما نقوم به من دعاء اريد ان اوجه الخطاب الى سمو امير البلاد ان يستعمل صلاحياته الدستورية ويتدخل في انهاء هذه المحنة وانهاء هذه الازمة.
‏والله ولي التوفيق ؟ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

‏1 ديسمبر 1995
‏بسم الله الرحمن الرحيم
‏الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين واصحابه المنتجبين،
‏والتابعين باحسان الى يوم الدين .
‏أيها الاخوة والاخوات، أيها الابناء والبنات، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد :
‏فأهنؤكم وابارك لكم-أيها الشعب العظيم المسالم-ما عشتم وما تعيشون من:
‏أولا : وحدة احبطتم بها كل مكائد المفرقين المغرضين، قائلين بمواقفكم لكل من يحاول تمزيق الصف وتفريق الوحدة إننا شعب متلاحم، واع يقظ ، لا تنطلي عليه الاعيب المسخرين مهما تقمصت من لبوس، ومهما مارست من نفاق ودجل، فعلى من يحاول المساس بوحدتنا الاسلامية الوطنية أن يبتعد عن درب ركبنا الهادر، كي لا تسحقه الارجل وتدوسه الاقدام .
‏ثانيا : موقف مشرف صامد ، لا تزعزعه عواصف ولا قواصف، ولا تضعفه رعود ولا بروق، موقف عظيم تميز بضبط النفس أمام كل اشكال الاستهانات والتحديات، فمزيدا من هذا الضبط والانضباط وسيرا قدما الى الامام .
‏ثالثا : صبر وهدوء أفشلتم بهما كل الاستفزازات والحركات اللامسؤولة.
‏رابعا : اصرار على المطالب مهما كانت الظروف، انطلاقا من شعوركم بصوابية موقفكم ،وعدالة ومشروعية مطالبكم.
‏خامسا : سلوك سلمي تحاوري حضاري، نسفتم به المزاعم التي تنسبكم الى التخريب والارهاب، قائلين بمواقفكم ولسان حالكم قبل لسان مقالكم : أين يكون التخريب والارهاب؟ أفي مطالبتنا بالحوار الهادىء؟ أم في رفضنا للعنف واصرارنا على التمسك بالاسلوب السلمي الحضاري؟ أم في مطالبتنا بالبرلمان لكي يكون للشعب صوت، ولكي نساهم في عملية البناء والتطوير لهذا الوطن الحبيب، أم تقديم العريضة الاولى وتهيئة العريضة الثانية؟ ام في تقديم المبادرة والدعوة الى الهدوء؟ أم في الاعتصام والاضراب عن الطعام؟ أهذه وسائل يستخدمها مخربون ارهابيون؟ !
‏سادسا : كوكبة من الشهداء الابرار سقطوا على طريق المطالبة بالحقوق العادلة المشروعة . هؤلاء الشهداء الذين يجب ان نعاهد الله عز وجل ونعاهدهم على ان نكون
اوفياء لدمائهم الطاهرة الزكية، وذلك بمواصلة مسيرتنا السلمية التحاورية . من أجل تحقيق مطالبنا العادلة المشروعة، وبوقوفنا صامدين في وجه الفساد والانحراف، وقيامنا بوظيفة الامر بالمعروفه والنهي عن المنكر، وتقديمنا كل ما بوسعنا من امكانات وقدرات من اجل الوصول الى الاهدافه الخيرة.
‏سابعا : مقدم شهر رجب الاصب، اجل اقدم لكم أيها الشعب العظيم المسالم . أحر التهاني واصدق الدعوات بقدوم هذا الشهر العظيم، شهر رجب، احد الاشهر الاربعة الحرم، والفترة الزمنية المباركة التي اصطفاها الله برحمته، واختارها لنعمه وافضاله . واود ان اذكر حديثين من احاديث وردت في فضل هذا الشهر، قال (ص):”رجب شهر الاستغفار لامتي، فاكثروا فيه الاستغفار فانه- والضمير يعود الى الله سبحانه- غفور رحيم، ويسمى الرجب الاصب، لأن الرحمة على امتي تصب فيه، فاستكثروا من قول استغفر الله واسأله التوبة” . وقال (ص)- من جملة حديث له-:” ألا فمن صام من رجب يوما استوجب رضوان الله الاكبر وابتعد عنه غضب الله واغلق عنه باب من ابواب النار” فهذا الشهر أيها الاخوة والاخوات: جرس انذار للذين ينغمسون في الشهوات المحرمة ليفيقوا من سكرتهم، جرس انذار للذين يعبثون بالحقوق والمقدرات ليعودوا الى رشدهم، وهو ايضا دعوة الى الانفتاح على الله تعالى انفتاحا يقدم فيه المسلم أمواله في خدمة الفقراء والمحتاجين وما اكثرهم في هذه الايام. انفتاحا يوظف فيه المسلم كل طاقاته ومؤهلاته في خدمة الدين والوطن، وما اشد الحاجة اليوم لذلك. انفتاحا تجسد فيه الامة مبدأ التراحم والتعاون، لا سيما فيما بين الحكومة والشعب، مستقبلين صفحة جديدة، لتكون الحياة طيبة سعيدة، ويكون البلد هادئا آمنا. وهذا الشهر اخيرا أيها الاخوة والاخوات- زاده الله شرفا وفخرا بذكريات مقدسة عظيمة، تأتي في طليعتها ذكرى ولادة عملاق البطولة وانسان الشموخ وجندي الرسالة الأول وطليعة الركب في موكب الابطال، علي بن ابي طالب عليه السلام . هذا العملاق الذي تميزت ادوار حياته، فكانت ولادته في الكعبة المشرفة كرامة له لم تحدث ولن تحدث لأحد غيره لا قبله ولا بعده . هذا العملاق تراه طفلا يقاوم اطفال قريش الذين حرضهم اهاليهم لرشق الرسول (ص ) بالحجارة، شابا ينام على فراش الرسول (ص) ليفديه بنفسه وينقذه من مؤامرة قريش، رجلا يكسر الاصنام، ويجدل ابطال قريش في بدر وأحد والخندق وخيبر، وسائر حروب الرسول وغزواته، شيخا يجتث الفتن، ويقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين. هذا العملاق وهب حياته كلها لله وفي سبيل الله، لم تأخذه في الله لومة لائم، هذا العملاق كان نهجه الفارق بين الحق والباطل وكان نهجه النهج الذي يحرر الانسان ويهبه الكرامة والوجود الفاعل، أليس هو (ع) القائل: ” لا تكن عبد غيرك وقد جعلك الله حرا”، والقائل في وصيته لولديه الحسنين عليهما السلام :” وكونا للظالم خصما وللمظلوم عونا” . والقائل في التحذير من مغبة التفريط والتهاون امام تيار الفساد والانحراف : ” ولا تتركوا الامر بالمعروف والنهي عن المنكر فيولى عليكم شراركم وتدعون فلا يستجاب لكم” .
‏أيها الاخوة والاخوات، ايها الابناء والبنات:
‏انطلاقا مما ربانا عليه هذا العملاق من الشعور بالمسؤولية والاحساس بواقع الامة، وقول كلمة الحق ، اود ان اتحدث تحت هذا العنوان: تساؤلات وقلق على المسيرة السلمية.
‏اجل: نحن نراقب اوضاع الساحة والتطورات المتصاعدة يوما بعد يوم، ونشعر بالقلق والخوف من المستقبل الغامض. فرغم ان حركة الامة التزمت بالنهج السلمي واختارت بدل العنف اسلوب الحوار الهادىء، ورغم ان اهداف الامة اهداف واضحة لا تطرف فيها ابدا، ورغم ان الامة التزمت الهدوء وصبرت على فقد ابنائها الشهداء منهم او السجناء او المبعدين الذين ما زالوا يعانون اشد المعاناة، رغم كل ذلك الا ان هناك بعض التصرفات التي تحاول يائسة ان تجر الساحة الى العنف والمواجهة. هذه التصرفات لا شك انها تصدر من الذين ساءهم ان يعود الهدوء لهذا البلد. وساءهم الوحدة الحقيقية التي يعيشها الشعب. وانني- بدافع الاخلاص، ومن منطلق الاصلاح والنصح ورأب الصدع- أعرض بعضها:
‏اولا: حادث المدرستين: مدرسة الجابرية ومدرسة الشيخ عبد الله: ما الذي حدث؟ ما الذي حدث حتى يتم فصل اعداد كبيرة من الطلاب؟! ما الذي حدث حتى تتدخل قوات الشغب وتضرب البعض وتعتقل البعض الآخر؟ ! لماذا العلاج يكون بالعنف واستدعاء القوة، خصوصا في مؤسسة تربية وتعليم. الى اين يقودنا هذا المنطق؟ إنني من منطلق الحرص على مصلحة الجميع ورغبة في انهاء المشكلة جذريا الفت الاتنباه الى النقاط التالية:
‏ا . ان يلتزم الطلاب الهدوء، والتفاهم مع ادارة المدرسة في حل اي مشكلة تعترضهم.
2 ‏. ان تستمع ادارة المدرسة لمشاكل الطلبة وتعالجها بروح ابوي تربوي، ويمكن الاستفادة ايضا من اولياء الامور بعيدا عن استدعاء قوات الشغب.
3 ‏. ان تسحب قوات الشغب عن المدارس التي تتواجد بأبوابها او بالقرب منها فان وجودهم يثير الاستفزاز ويجر الامور الى الاسوأ بلا منفعة ترجى.
4 ‏.ان يتم اعادة الطلبة المفصولين واطلاق سراح المعتقلين منهم، فلا يمكن اذا اريد حل المشكلة جذريا ان يخسر هؤلاء عامهم الدراسي، وحتى لا تضاف مشكلة الطلبة المفصولين الى ملف السجناء والمبعدين، فتزيد من المعاناة والالام. انا لله وانا اليه راجعون.
‏ثانيا : الاعتقالات والاستدعاءات: ما هو الهدف من وراء هذه الاستدعاءات والاعتقالات؟! هل حقا هناك مصلحة وطنية تستدعي هذه الاعتقالات؟ ! اننا لا نرى اي عنف يمارس، ولم نسمع عن اي مشاكل، والساحة هادئة فلماذا تستمر الاعتقالات؟ ! هل لمجرد الشكوك والظنون؟ ! لقد تحدثنا علنا وكررنا مرارا ونحن صادقون فيما نقول والشعب صادق معنا، اننا جميعا لا نريد اي ضرر لهذا البلد، وان حركة الشعب سلمية لا تستهدف العنف ابدا ابدا، فلا داعي ابدا للاستفزاز وتحريك المشاعر .
‏ثالثا : محكمة الاثنين : في ليلة الاثنين ويومها عاش الجميع رجالا ونساء واطفالا حالة من القلق فالمساجد ليلا كانت تضج بالدعاء والابتهال، وعقد المحكمة يوم الاثنين والأثار التي يمكن ان تنتج عنها كانت حديث المجالس، فالكل يشعر ويقدر خطورة الموقف. ولنا حول نتيجة المحكمة وقفة تتمثل في نقطتين:
‏الاولى : مؤشر أمل حذر: فالمحكمة برأت اربعة كانوا محكومين خمس سنوات، وخفضت حكم المتهم الثالث من المؤبد الى خمس سنوات، والمحكومون بالعشر خفضت احكامهم الى الخمس، هذا يعطي مؤشر أمل في محكمة التمييز التي سيمثل أمامها المتهمون بعد فترة، مؤشر أمل في نقض الاحكام خصوما المتهم الاول والثاني. الثانية : مناشدة الامير: لا شك ان تخفيف الاحكام وتبرئة المحكمة للبعض جيد، ولكنه مع ذلك لا يتناسب مع الظروف التي يمر بها البلد ولا يلتقي مع طموحات الشعب، فالسجاء القابعون في سجونهم بالمئات، والمهجرون المبعدون عن الاهل ايضا بالمئات، والمشاكل تتراكم يوما بعد يوم. فلا سمح الله لو اقرت محكمة التمييز حكم الاعدام وتم تنفيذه فلا شك ان ذلك سيفتح موضوع الشهداء الذين سقطوا في الاحداث، وسيتعقد الموضوع ويتفاقم اكثر فاكثر. إنا لله وانا اليه واجعون . لذلك فانني- مرة اخرى- أناشد سمو امير البلاد ان يمارس صلاحياته الدستورية من اجل مصلحة الوطن فيأمر باطلاق جميع السجناء ويأمر بالسماح للمبعدين بالعودة، فان هذا سيفتح صفحة جديدة تعزز الثقة بين الحكومة والشعب. ألا يستحق هذا الشعب العظيم هذه الخطوة الجريئة؟ !
‏رابعا : الصحف المغرضة: ان لمن المؤسف جدا ان نرى بعض الصحف المغرضة، رغم شرعية وعدالة ونصاعة مطالبنا، ورغم سلمية وحضارية مسيرتنا، ورغم استقلا لية حركتنا الاصلاحية، اجل ورغم عفويتها، وجماهيريتها، وموضوعيتها، رغم ذلك كله نرى بعض الصحف المغرضة تقوم بمحاولة التشويه، وتصويرنا شعبا عنيفا فوضويا، وتصوير حركتنا بأنها تتبنى العنف المسلح، وذلك بما تزعمه هذه الصحف من ان المعارضة البحرينية تدرب عناصر منها لدى حزب الله في لبنان، هادفة بذلك الى سحب دعم العالم وتأييده لحركتنا ومطالبنا واسلوبنا الحضاري، نأمل ان تحترم هذه الصحف نفسها، وتقف عند حدودها، وتكف عن هذه المحاولات الوقحة. (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ).
‏اقول قولي هذا واستففر الله لي ولكم . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
5 ديسمبر 995 ‏ا
‏الكلمة التي القاها سماحة الشيخ عبدالأمير منصور الجمري في مسجد مؤمن ليلة 13 ‏رجب 6 ‏ا 4 ‏ا هج، بمناسبة مولد الامام علي (ع) .
‏بسم الله الرحمن الرحيم
‏الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين، واصحابه المنتجبين، والتابعين باحسان الى يوم الدين.
إخواني وابنائي، أخواتي وبناتي: سلام من الله عليكم ورحمة وبركات، وبعد: فتحت مظلة القائد علي بن ابي طالب(ع) أبي القادة الائمة الاطهار (ع)، وفي ذكرى مولده الشريف، في اشرف بقاع الارض الكعبة المعظمة، هذا المولد الذي هو مولد الحق والعدل، مولد القيم الرفيعة التي انتصرت بثورة الرسول (ص) ومؤازرة وليد الكعبة، هذه القيم التي تجسدت في كل مجال من مجالات حياة الامام، وبشكل خاص في تجربته في الحكم. تحت هذه المظلة، وفي هذه الذكرى اريد ان اقول: ما جئتكم هذه الليلة لأتحدث عن حياة علي (ع) سردا تاريخيا قصصيا، فان المقام ليس مقام رواية او تحقيق، وما جئتكم لاتحدث عن بطولة علي في حروبه وشجاعته في بدر وأحد والخندق وسائر المعارك الاسلامية، فيكفيه فخرا قول الرسول (ص) : ” لمبارزة علي لعمرو بن ود يوم الخندق أفضل من أعمال امتي الى يوم القيامة” . وما جئتكم لأتحدث عن فكر علي واخلاقه وعبادته، وهل استطيع لو اردت ذلك ؟ يكفيه (ع) ما قاله الرسول (ص) مخاطبا له: لا يعرفك يا علي الا الله وأنا” . ما جئت لأتحدث الا عن نقطة واحدة، علنا نأخذ من هذه النقطة درسا عمليا، فعلي لا يرضى ان نحتفل الا على مستوى الاستلهام بعيدا عن مجرد النظريات والخيالات، فما هي هذه النقطة اذن؟ إنها : هموم علي (ع) في اي الامور كان علي يشغل باله؟ ما الذي يقلقه ويسهره الليالي؟
1 ‏. هل كان يشغل باله بالحكم والصراع على الكرسي كما تفعل القيادات اليوم؟ حاشا عليا ذلك، فبعد مقتل عثمان هجمت عليه الجماهير تريد أن تبايعه وهو يمتنع قائلا :” دعوني والتمسوا غيري” ، واسمعوا له وهو يصف المشهد مخاطبا للناس:”وبسطتم يدي فكففتها، ومددتموها فقبضتها، ثم تداككتم عليّ تداك الابل الهيم على حياضها يوم وردها حتى انقطعت النعل وسقط الرداء ووطىء الضعيف” . أيفعل هذا من كان همه الحكم والسلطة؟
2 – اذن : هل كان هم علي جمع المال والعقارات؟ كيف وقد جاءه عامله على بيت المال يقول له: يا أمير المؤمنين امتلأ بيت المال من صفراء وبيضاء ، فقال الامام : عليّ بأشياع الكوفة، فاخذ يوزع الدراهم والدنانير وهو يقول : يا صفراء يا يضاء غري غيري . اذن ما الذي كان يقلقه ويشغل باله؟ .
‏لو تتبعنا سيرته وقصة حياته، لو قلبنا خطبه واقواله في كل مسيرته الاصلاحية، فاننا ولا شك سنجد” هموم الامة” همه الاول . نعم هموم الأمة، مشاكل الامة وويلاتها، اصلاح الامة هو الذي كان يشغل باله ويقلقه ويؤرقه. تعالوا تنوقف عند بعض النقاط : وحدة الامة فوق حقه في الخلافة: فرغم بيعة الغدير والنصوص التي وردت في حقه، ورغم وصية الرسول (ص) في حقه في اكثر من موقف، نعم رغم أن حقه ثابت لا شك فيه (على الاقل في اعتقاده واعتقاد اصحابه) الا انه حين شاهد الموقف بالنسبة للامة والاسلام صار بين خيارين لا ثالث لهما: اما ان يصر على موقفه ويقاتل هو وانصاره فتهلك الامة وتتمزق وحدتها وتسقط التجربة الاسلامية الاولى، واما ان يسكت ويصبر ويساهم في انجاح التجربة ولو كان على حساب حقه، نعم كان علي بين خيارين: مصلحة الامة او مصلحته الشخصية (هموم الامة او همه الشخصي) وهيهات ان يقدم مصلحته الخاصة على مصلحة الامة. فبعد ان تمت البيعة لأبي بكر جاءه العباس وابوسفيان يريدان بيعته قال: “ايها الناس شقوا امواج الفتن بسفن النجاة” ‏. نعم في البداية اعتزل الناس ، ولكن حين رأى الامة تتراجع عن الدين، وبدأ الضعف يدب في الامة، دخل معترك الحياة السياسية مرة اخرى مصلحا ومشيرا على الخلفاء، قال (ع) : “فامسكت يدي حتى رأيت راجعة الناس قد رجعت عن الاسلام يدعون الى محق دين محمد (ص) فخشيت ان لم أنصر الاسلام واهله ان ارى فيه ثلما او هدما تكون المصيبة به عليّ اعظم من فوت ولايتكم التي انما هي متاع ايام قلاتل”‏. لاحظوا هذا الدرس العظيم، ها هو علي، لم تشغله الخلافة، همه الاول مصلحة الامة، اسمعوا لما يقول :”لأسلمن ما سلمت أمور المسلمين”.
‏آ . درس لنا ايتها الامة: ها هو علي يضع يده في يد ابي بكر بعيدا عن الحساسيات والانفعالات، ولم تكن هذه الخطوة من علي (ع) مجاملة او تكلفا، بل لأجل مصلحة الاسلام والمسلمين. فتعال أيها السني ضع يدك بيد الشيعي لاجل مصلحة الاسلام ومصلحة الوطن. أيها الشيعة والسنة تعالوا نشق أمواج الفتن بسفن النجاة، تعالوا نتوحد بعيدا عن الحساسيات والانفعالات. تعالوا نحطم الحواجز ونزيل العقد النفسية”، تعالوا نتعاون ونتآزر. هذا الكلام لا نقوله مجاملة، بل قناعة وايمانا، اسوة بامامنا سلام الله عليه. أليس وضعنا المتمزق يحتاج لوحدتنا، فلنتوحد لأجل رفعة الوطن اذن، فالاعلام المضلل يريد ان يشوه حركة الامة المطالبة بالديمقراطية بأنها حركة شيعية تريد ان تنقض على السنة. . كذب الاعلام، وهل في حركتنا أهداف شيعية؟ ! أو مطالب شيعية؟ ! هذه الحركة جماهيرية، لا تعرف الطائفية ولا القبلية، وهل من مذهب الشيعة الانقضاض على السنة؟ ! وهل السنة في رأي الشيعة الا اخوة لهم؟ وهل يصر الشيعة على شيء كاصرارهم على الوحدة الاسلامية. نعم مصلحة الوطن فوق اي مصلحة ذاتية، فالكل يتوحد تحت راية الوطن الواحد، فان يد الله مع الجماعة، واياكم والفرقة فان الشاذ للشيطان.
‏ب- وهو درس أيضا للعلماء: فاين انتم ايها العلماء الافاضل؟ أليست الساحة في امس الحاجة اليكم؟ لماذا ابتعاد البعض عن هموم الناس ومشاكلهم؟ ليس العالم الذي يرضى عنه علي (ع) منْ همه بطنه او فرجه او سمعته ومركزه وهو لا يدري ما يجري في الساحة، او لا يعنيه امر الساحة، هذه الساحة: عوائل باكملها فقيرة، تحتاج لمن يعيلها، ‏سجناء يعيشون محنتهم دونما حل، مهجرون يعيشون آلام الغربة ومحنتها، الم يسمع العلماء المبتعدون عن الساحة بهذه الهموم والألام؟
‏لو كان علي بيننا: لو كان علي بيننا ماذا تراه سيفعل؟ هل يعتز ل الساحة، ام يتراجع عن هموم الناس والساحة؟ لو كان علي بيننا هل ستراه يهنأ بطعام او شراب، او يلذ بنوم او راحة؟ لو كان علي بيننا هل ستراه الا وهو يذوب اسى وألما لما حل بامته؟ !.
‏ا- أيها العلماء: أيها العلماء تعالوا نتوحد تحت مظلة علي وعلى خطه ونهجه القويم، ‏بعيدا عن الحساسيات والانفعالات الذاتية القبلية، لكي نكون مؤهلين لتحقيق الاهداف الكبرى التي حملنا مسؤولية تحقيقها في الامة.
‏اوضاع الامة هم علي الاول: فحين تسلم علي الخلافة باشر خطواته الاصلاحية على الصعيدين الحكومي والشعبي.
‏اولا: الصعيد الشعبي: لم يكتف علي (ع) لمعرفة اوضاع الامة بالاعتماد على موظفيه، بل نزل الى الشارع يتحسس آلام الأمة ويتلمس مشاكلها. فعلي (ع) يرفض ان يعيش القصور ويلبس الحرير وشعبه لا يجد كوخا يؤويه عن البرد والمطر. . يرفض علي (ع) ان يأكل ما لذ وطاب وشعبه يموت من الجوع، اسمعه يقول: ” ولو شئت لاهتديت الطريق الى مصفى هذا العسل ولباب هذا القمح ونسائج هذا القز ولكن هيهات ان ‏يغلبني هواي او يقودني جشعي الى تخير الاطعمة ولعل بالحجاز او اليمامة من لا طمع له في القرص ولا عهد له بالشبع، او أبيت مبطانا وحولي بطون غرثى واكباد حرى، او اكون كما قال القاتل: (وحسبك داء ان تبيت ببطنة وحولك اكباد تحن الى القد)،:أأقنع من نفسي ان يقال امير المؤمنين ولا اشاركهم في مكاره الدهر او اكون اسوة لهم في جشوبة العيش؟ !”. نعم نزل يتفقد الاوضاع، فاجتاز يوما على امرأة مسكينة لها اطفال يبكون فسألها: ما بال الاطفال يبكون؟ قالت :” أضر بهم الجوع”، كيف يجوع هؤلاء الاطفال وعلي الخليفة؟ !، نظر الامام الى نار مشتعلة وعليها القدر،فسأل المرأة عن القدر، فقالت : ” لا يوجد فيه إلا الماء أخدعهم حتى يناموا؟ !ا. اسرع الامام مع قنبر واحضر الطحين والدهن والرز، وطبخ الأرز بيده الشريفة، ثم اخذ يلقم الاطفال ويلاعبهم . نعم دخل علي(ع) الكوخ والاطفال يبكون وخرج وهم شبعى يضحكون!. درس: لو كان علي معنا ورأى واقعنا ما عساه يفعل؟ هذه امرأة فقيرة ذات اطفال جياع فضج علي ولم يهدأ حتى اشبعهم وافرحهم. اذن: ما سيفعل لو رأى واقعنا المؤلم: مئات السجناء يعيشون العذاب كل لحظة، ومئات المغرّبين يعيشون ألم الغربة والفراق، بعيدين عن الاهل والاحباب، لم يرتكبوا ذنبا غير انهم ارادوا شيئا من الحرية، من يتفقد احوال هؤلاء؟ من يسقى لانهاء محنتهم؟ اليست هي مسؤولية القيادة السياسية؟ في كل يوم يصدر امر باطلاق سراح السجناء في مناطق مختلفة، لماذا تبقى محنة هذا الشعب دون حل؟ ألا يستحق هذا الشعب من المسؤولين عملا جريئا شجاعا ينهي محنته؟ ا هذه هموم الامة، الا تستحق من المسؤولين شيئا من الاهتمام؟.
‏ثانيا : على الصعيد الحكومي : فقد اخذ الامام علي (ع) يراقب وزراءه وعماله في اعمالهم ويحاسبهم عن اي ظلم اوخطأ يصدر منهم، فقد كان يرسل الرسل اليهم ويسأل الناس عنهم، خوفا ان يُظلم احد او يسلب حقه وهو الخليفة. فهذا علي (ع) وذاك صوته يجلجل في مسامع الزمن: ” والله لأن أبيت على حسك السعدان مسهدا او اجر في الاغلال مصفدا احب الي من ان ألقى الله ورسوله يوم القيامة ظالما لبعض العباد او غاصبا لشيء من الحطام” ‏. ويذكر التاريخ ان امرأة عجوزا جاءت الى الامام تشكو الوالي الذي نصبه الامام عليهم فلما عرضت شكوتها، وتأكد الامام (ع) من كلامها، لم ترجع العجوز الا وهي تحمل في يدها قرار فصل ذلك الوالي. نعم لا بد للقيادة السياسية من ان تتعرف على واقع الامة عن كثب، نعم لا بد ان تنفتح القيادة على الامة، فلا ينبغي ان تكون هناك حواجز وموانع بينها وبين الامة. فالتقارير التي تُرفع للقيادة السياسية ليست بالضرورة تعكس الواقع على حقيقته، فبعض الذين لا يريدون للامة ان تعيش الهدوء، يحاولون بتقاريرهم تعميق الهوة بين القيادة والامة: فتقارير تقول أن هذه الجماعة تريد قلب نظام الحكم، وتقارير تتحدث عن قنابل ومتفجرات، وتقارير تتحدث عن مؤامرات واتصالات خارجية!! . لو اطلعت القيادة السياسية على هذه التقارير- رغم كذبها- الا تندفع القيادة لاتخاذ اجراءات امنية مشددة! ! لمصلحة من هذه التقارير؟ ! اذن: انفتاح القيادة السياسية امر ضروري، لأنه يزيح هذه الغيوم، وينسف تلك الدعاوى الكاذبة. لا بد من وسيلة قانونية ينفتح فيها الحاكم على الامة، وليس شيء ثمة انسب لذلك من المجلس المنتخب انتخابا جماهيريا حرا الا وهو البرلمان، فالمجلس يدرس مشاكل الناس، حاجات الناس ويرفعها الى الحكومة، والمجلس هو الذي يسن القوانين لمصلحة الوطن والمواطنين، والمجلس يراقب مؤسسات الدولة، ليس بقصد الحط منها بل لاجل مصلحة البلد. وهل هناك انسب من هذه الوسيلة لحل مشاكل الامة وهمومها؟ والسلام عليكم

7 ‏ديسمبر 1995
‏البيان الذي اعلنه اصحاب المبادرة في مساجدهم بعد صلاة المغرب والعشاء ليلة الجمعة 14 ‏رجب 1416 ‏هج
‏بسمه تعالى
‏أيها الشعب المسلم العظيم المسالم :
‏إننا اصحاب المبادرة سوف نمتنع عن الصلاة جماعة يوم الجمعة الموافق 15 ‏رجب 1416 ‏هج الموافق 8 ‏ديسمبر 1995 ‏م ، وليلة السبت فقط، وسوف يلزم كل واحد منا على حدة الجلوس في بيته اليوم والليلة المذكورين، وذلك احتجاجا على تعديات شرطة الشغب على طلبة المدارس التي من شأنها تأزيم الوضع في الساحة في الوقت الذي يطل علينا فيه العيد الوطني، ونطالب المسؤولين في الحكومة بالتحقيق في هذه التعديات، كما نطالب ادارات المدارس والمسؤولين في وزارة التربية والتعليم بتحمل مسؤولياتهم في المحافظة على امن وسلامة الطلبة، كما نطالب جميع الطلبة بالمحافظة على مدارسهم ومرافقها، في الوقت الذي نرفض فيه كل مسلك غير سلمي في المطالبة بالحقوق، وختاما نسأل الله العلي القدير ان يحفظ بلدنا الحبيب ويجنبه كل سوء وكل فتنة، وهو ‏حسبنا ونعم الوكيل .
‏اصحاب المبادرة
وقد تضامن معهم السيد علوي الغريفي
والسيد جواد الوداعي والشيخ عبد الحسين الستري

6 ‏ا ديسمبر 995 ‏ا
‏البيان الذي اصدره اصحاب المبادرة حول الخطاب الاميري بمناسبة العيد الوطني.
‏بسمه تعالى
‏أيها الشعب المسلم العظيم المسالم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
‏فلقد انتظرنا واياكم خطاب سمو امير البلاد بمناسبة العيد الوطني بفارغ الصبر كمنعطف لوضع العلاج الملائم للازمة التي عصفت بهذا البلد الخير، وقد استعمنا جميعا الى ذلك الخطاب الذي جدد فيه سموه الثقة بهذا الشعب فقال ما نصه: ” شعب البحرين الذي عهدناه دائما وفيا لوطنه، حريصا على منجزاته وامنه، متميزا بوعيه وادراكه وسلوكه المتحضر” . كما اكد سموه ان جهود الشعب هي وحدها التي اعادت الامن والاستقرار الى البلاد، وقال بشأن ذلك الموقف: ” وذلك موقف وطني نقدره لشعبنا العزيز ولكل مواطن مخلص في هذه البلاد، وهو منطلقنا بعون الله لدفع هذه المسيرة المباركة الى الامام” .
‏ولا شك بأن الثقة من سموه بهذا الشعب على النحو المذكور ينبغي ان تحمل الحكومة الموقرة على ان تطرح من حساباتها استخدام القوة في مواجهة الشعب الذي يطالب بحقوقه العادلة المشروعة بالنهج السلمي الحضاري، وتعزز لديها خيار الحوار الوطني مع الشعب، على انه الخيار الافضل والاصلح لمسيرة الشعب والوطن. وحري بنا ان نتساءل في هذه المناسبة الوطنية بالذات عن التواجد العسكري غير الاعتيادي لقوات الجيش والشرطة، مع ان الشعب ما زال مستمرا في نهجه السلمي في المطالبة بحقوقه العادلة المشروعة، ومع ان الهدوء والاستقرار ما زالا يعمان ربوع البلاد .
‏وكنا ننتظر من سموه ان يضع الحلول الناجعة التي من شأنها ان ترأب الصدع، وترتق الفتق، وتعزز العلا ئق الوشيجة بين الحكومة والشعب، بما يعود بالنفع على مواصلة المسيرة النهضوية لهذا البلد، والمحافظة على منجزاته الحضارية، ويضع حدا للازمة بتحقيق المطالب وفي مقدمتها تفعيل الدستور، واعادة الحياة البرلمانية الى البلاد، وتشكيل مجلس اعلى للقضاء، وتعزيز حرية الرأي والتعبير وتوفير فرص العمل لكافة القادرين عليه من المواطنين، وتحسين مستوى المعيشة ء والافراج عن كافة المعتقلين في الاحداث والمعتقلين السيا سين الآخرين، والسماح لكافة المبعدين بالعودة الى الوطن .
‏وانه ليؤسفنا عدم استثمار هذه المناسبة الوطنية لغلق ملف الازمة. وان الامل ليحدونا في ان يستجيب سموه الى تلبية هذه المطالب العادلة المشروعة في سببل تعزيز العلاقة بين الحكومة والشعب على طريق نهضتنا الحضارية المزدهرة الشاملة .
‏وان ايمان الشعب بضرورة تحقيق هذه المطالب من منطلق ولائه الصادق للوطن وتطوير المسيرة الحضارية وهو يعيش بوعيه الاسلامي الوطنى روح العصر وتطلعاته، وهو في أشد التعلق بوحدته الوطنية، ان ايمان الشعب هذا ليرسخ عزمنا الاكيد على الاستمرار في رفع راية المطالبة بهذه الحقوق المشروعة بالطرق السلمية الحضارية بعيدا عن العنف. وختاما نسأل الله العلي القدير ان يحمي هذا الشعب والوطن من كل سوء وان يحقق للامة مطالبها العادلة واهدافها النبيلة المشروعة.
‏أصحاب المبادرة
16-12-1995م

‏بسم الله الرحمن الرحيم
‏الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين واصحابه المنتجبين
‏والتابعين باحسان الى يوم الدين .
‏أيها الاخوة والاخوات ، أيها الابناء والبنات : سلام من الله عليكم ورحمة وبركات، ودعاء لكم ولي بالتوفيق وتسديد الخطى، والعون على مواصلة الدرب لتحقيق ما فيه خير الامة وصلاحها، وقول فعل ما يرضي الله تعالى ويقرب اليه.
‏وبعد :
‏فقد قال الله تعالى : (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) . صدق الله العلي
‏العظيم.
‏سيكون حديثنا اليوم عن موضوعين ، الاول : الاسراء والمعراج، الثاني المبعث اما
‏الحديث الاول اقول : ان للرسول الاعظم (ص ) اسراءا ومبعثا، وليسا هما شيئا واحدا وفي وقت واحد كما توهم البعض من الناس. فالاسراء به يعني نقله (ص) من مكة الى القدس، والمعراج يعني العر وج به (ص) الى السماء. بينما المبعث يعني بعثه (ص) رسولا للناس. وبين الاسراء والمعراج وبين المبعث فترة زمنية تمتد الى احدى عشر سنة، فقد بعث (ص) وعمره اربعون سنة، واسري به وعمره احدى وخمسون سنة.
‏وقفة علمية من الاسراء والمعراج: من الطبيعي ان تثار تساؤلات واعتراضات في طريق الاسراء والمعراج فبالنسبة الى الاسراء به يُثار: كيف تم قطع المسافة بين المسجد الحرام والمسجد الاقصى في بعض ليلة وهي لا تُقطع-حسب وسائل النقل آنذاك- الا في مدة شهرين؟ ! وبالنسبة الى المعراج يُثار مثل: اذا كان المعراج اي الصعود الى السماء جسمانيا فكيف تعالج مشكلة التخلص من الجاذبية التي هي قوة جذب الاجسام الى الارض! ! يقولون: ليس من السهل خرق غطاء او درع الجاذبية، حيث يقرر العلماء انه من اجل اختراق درع الجاذبية حول الارض لا بد ان تتحرك المركبة بسرعة اربعين الف كيلو مترا في الساعة الواحدة، يعني بمعدل سرعة احد عشر كيلو مترا وعشري الكيلو متر في الثانية الواحدة، بهذه السرعة فقط تستطيع المركبة اختراق درع الجاذبية! ! فكيف تذللت هذه العقبة وغيرها من العقبات الجوية والعلمية لمحمد (ص)! الحقيقة اننا نفهم الاسراء والمعراج من احداث ما فوق الطبيعة، وليس من الاحداث التي تجري المجرى الطبيعي، اذن فهو معجزة، ومعنى هذا ان قضية الاسراء والمعراج تجري وفق قوانين ما فوق الطبيعة، حيث ان هنا تيارات وتجهيزات وامدادات وعلل واسباب فوق الطبيعة ووراءها، وكما يعبر عنه بالميتافيزيقي، وهذه العلل والاسباب تتغلب على سلسلة العلل والاسباب الطبيعية، وبعد ان ينسب القرآن الكريم الاسراء بمحمد (ص) الى الله تعالى فانه لا يبقى مجال للتفكير في الموانع والعوائق الطبيعية، فالله سبحانه رب الاسباب والمسببات وهو على كل شيء قدير. اما الموضوع الثاني الذي سأتحدث عنه فهو المبعث النبوي الشريفه، او قصة الرسالة المحمدية العملاقة، الرسالة التي بدأت بفرد وانتهت بأمة كاملة. . . نعم ذكرى المبعث النبوي، او قصة الرسالة العظمى، فماذا تثير في نفوسنا؟ انها تثير ما يأتي:
‏- ذكرى ميلاد امة: فقبل المبعث النبوي كان الناس يعيشون افرادا متناثرين يقتتلون لأتفه الاسباب، عبادا للاصنام في النهار، قطاعا للطرق في الليل، جهالا سراقا، همهم بطونهم وفروجهم، كالانعام بل هم اضل سبيلا، حتى جاء الرسول (ص) برسالته فأخرجهم من ظلمات الجهل الى أنوار الايمان، فتحولت تلك الأمة من حالة العبثية واللامبالاة الى أمة مسؤولة هادفة، ومن أمة متفرقة متشتتة الى أمة متحدة ملتفة حول قيادة واحدة، ومن أمة ضائعة الى أمة صاحبة طرح وحضارة، نعم تحولت بفضل المبعث النبوي من أمة ميتة خاملة الى أمة حية فاعلة، فكان المبعث الشريف تاريخ ميلاد أمة. فأي أمة تريد البقاء والخلود والنهوض فلا بد ان تتخذ من ذكرى المبعث لها درساعمليا، وهذا واقع امتنا الحاضرة. فحين كنا نعيش الاختلاف والتناحر والتفرق لم يكن لنا صوت يسمع ! ! وحين كنا نعيش الجهل والضياع لم تكن لنا مطالب محددة ولا اهداف واضحة ! ! أما الآن فأمة متحدة تملك الطرح والرؤية الواضحة، أليس هذا ميلاد أمة؟ ذكرى الميلاد والأمل : ((سطر كامل ليس واضحا))
‏فقريش لم تسكت عن النبي (ص)، بل بدأت معه بالمساومة بالمال والنساء تارة، وبالزعامة تارة أخرى، والرسول (ص) ثابت صامد، يجيب عمه ابا طالب الذي بعثه قريش يحمل عروضها المغرية، يجيبه بقوله 🙁 ‏يا عم لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن اترك هذا الأمر ما تركته حتى يظهره الله أو أهلك دونه، ثم قامت ‏قريش بحصاره في شعب أبي طالب ثلاث سنوات، ثم مات عمه أبو طالب ناصره وكافله، وزوجته المؤازرة العظيمة خديجة وهو ثابت لا يتراجع عن دعوته. ولم تتوقف قريش عن غيها وغطرستها. فبعد فشل مؤامراتها لاغتيال الرسول (ص) صبت جام غضبها على أصحابه، فعذبت البعض، وقتلت البعض، وهجرت البعض منهم ، والرسول وأصحابه ثابتون لا يتراجعون مهما قست الظروف واشتدت المحن.
‏وهذا درس لنا أيتها الأمة: فمن يحمل أهدافاً واضحة صحيحة، ومطالب واضحة عادلة، لا بد ان يثبت في وجه العواصف والضربات التي لا مبرر لها. نعم دخلت الأمة التجربة، وسقط الشهداء، وزج بالشباب والشابات في السجون وهجر من هجر وفر من فر بلا ذنب والمطالب لم تتحقق بعد. هنا ينبغي ان لا يدب فينا اليأس ولا نفقد الأمل، ونتراجع، أو نستعجل النصر بالجور، لا تقولوا لا فائدة في الحكومة، لن تستجيب للمطالب إلا بالعنف فهذا ليس أسلوبنا، ولا يقولن قائل: لا فائدة، لا نتيجة لقد قدمنا عددا غير قليل من الأرواح، والأولاد في السجون، وفي الغربة، لا يقولن قائل هذا، فالتراجع لا يوجد في قاموسنا. شعب يرفع هذه المطالب العادلة ويقدم كوكبة من شبابه قرابين لمطالبه ولقضيته، شعب كهذا لن يهزم، ومطالبه ستحقق لا محالة.
المسألة مسألة وقت. فالثبات شرط في الحصول على الفائدة، والصبر شرط في تحقق النتيجة المطلوبة. . أليس الرسول (ص) رغم قلة أصحابه عددا وعدة قد انتصر وانتصرت دعوته وحقق أهدافه؟ ! وقريش رغم كثرة جنودها وسلاحها انهزمت وانهزم استكبارها ومنطقها؟! ألا يثير هذا في نفوسنا.كمسلمين وكأبناء محمد (ص)- الأمل، ويشجعنا على الثبات ما دمنا نشعر بصوابية موقفنا وعدالة مطالبنا؟ نحن لا نحمل شراً لأحد، ولا نضمر أي عداوة للحكومة، رغم الدماء، رغم السجون، رغم التهجير. . ولكن على الصعيد الآخر لن نتنازل ولن نتراجع إلا بتحقيق الأهداف. . سنبقى أوفياء لشهدائنا(أرجو الوقوف دقيقة واحدة حداداً وقراءة الفاتحة لأرواح الشهداء)، وسنبقى أوفياء لأبنائنا في السجون أو الغربة، وسنبقى نرفع المطالب: إطلاق السجناء والمعتقلين، عودة المبعدين، تفعيل الدستور، عود ة البرلمان .
‏الطلبة المفصولون : حتى الآن لم يرجع هؤلاء الطلاب إلى مدارسهم، وعدد منهم معتقل لم يفرج عنهم! ! والغريب أن وزارة التربية والتعليم لم تحرك ساكنا، ولم يصدر عنها أي شيء ! ! إدارات المدارس لم تقم بأي تحرك ! لماذا كلّ هذا؟ ! أليس هؤلاء المفصولون، والمعتقلون منهم أبناءنا؟ ! لماذا نتجاهل قضيتهم ونتغافل عنها او نحاول نسيانها؟ ا ا لقد سمعت أن أولياء الأمور يقومون بإعداد عريضة يطالبون وزارة التربية والتعليم أن تقوم بمسؤولياتها كمؤسسة تعليمية تربوية وليس كمؤسسة أمنية. ونحن نقف مع هذه العريضة، ونقف مع أي خطوة أخرى سلمية
إيجابية تسعى لحل مشكلة الطلبة، ونقترح تشكيل لجنة من الآباء لمتابعة حل هذه القضية، فالقضية يجب ان لا تترك. .
‏حرية التعبير والرأي: بعد ملاحظة المادة 23 ‏من الدستور والتي تقول: “حرية الرأي والبحث العلمي مكفولة، ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه ونشره بالقول او الكتابة او غيرهما وذلك وفقا للشروط والأوضاع التي يبينها القانون” ، بعد ملاحظة هذه المادة الدستورية نجد ان من المفارقات والمخالفات الدستورية الصريحة ان اشخاصا عبروا عن رأيهم في بعض المواضيع السياسية يُستدعى البعض ويُعتقل البعض الآخر. بالامس تم استدعاء الكاتب الصحفي حافظ الشيخ والمحامي أحمد الشملان وخرجا بكفالة مالية دفعها كل منهما قدرها خمسمائة( 0 50 ‏) دينار، وبعدها اعتقل الشيخ حسن سلطان أحد رجال المبادرة وخرج بكفالة مالية بنفس القدر أيضا، ويقال ان الاعتقال بسبب خطبته التي ألقاها يوم الجمعة الماضي، وقبلهم وبعدهم تم اعتقال عدد من الشباب منهم أئمة مساجد ومنهم شيالون (منشدون أو رواديد) في مواكب العزاء، خرج بعضهم بكفالات وبعضهم بقي حتى الآن. والسؤال الآن: هل خرقوا القانون؟ ! هل تعدوا المادة 23 ‏من الدستور حتى يعتقلوا ويدفعوا كفالة لخروجهم؟ ! إلى إين نسير في هذا البلد؟ هل يعني أن كل من يتكلم بكلمة او يعبر عن رأي عليه أن يدفع خمسمائة دينار ضريبة لقوله وانتظارا للمحكمة؟ ؟ هذا يعني أن على أئمة المساجد والصحفيين والمحامين وخطباء المنابر والشيالين في مواكب العزاء ان يسكتوا او يحضروا خمسماتة دينار قبل ان يتكلموا انتظارا للمحكمة. أليس هؤلاء أصوات الأمة؟ لماذا يخمد صوت الامة؟ ماذا قال هؤلاء حتى يفعل بهم ذلك؟ ! ! ماذا يجري في البلد؟ اعتقال هنا واعتقال هناك؟ يوميا لا نكاد نصبح الا ونسمع باعتقال فلان هنا واعتقال آخر هناك ! ! كنا تنوقع، والناس تتوقع، والعالم يتوقع مع استمرارية الهدوء في البلد ان يحدث في العيد الوطني شيء متميز وحل ناجع لمشاكل الشعب. على الأقل: إطلاق سراح جميع المعتقلين، عودة المبعدين، إطلاق الحريات، على الأقل أقول. نعم سمعنا باطلاق عدد غير كثير ولكن سمعنا ايضا بالمقابل اخبار اعتقالات هنا وهناك ! ! إطلاق واعتقال ماذا يعني؟ ! ! ماذا يراد؟ هل يراد ان نسكت عن حقوقنا؟ حتى عن المطالبة بها بالطرق السلمية والكلمة الهادئة؟ من هذا المنبر الشريف أوجه ندائي الى كل صاحب ضمير: هل ان هذا الشعب الذي يرفض ان يطالب بحقوقه الا بالنهج السلمي يتحق غير الاجابة والتقدير لمطالبه؟ ! ! أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.

29 ‏ديسمبر 995 ‏ا
‏نص الكلمة التي ألقاها سماحة الشيخ عبد الامير منصور الجمري ليلة السبت في مسجد الصادق با لقفول
‏بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآله الطاهرين واصحابه المنتجبين والتابعين باحسان إلى يوم الدين.
اخواني اخواتي، أبنائي وبناتي، سلام من الله عليكم ورحمة وبركات، وبعد :
‏ما هي قضيتنا؟ فعلى أساس ما حدث اليوم والذي بدأ منذ البارحة اسأل: ما هي قضيتنا؟ ! هل قضيتنا قضية فردية؟ ! قضية فرد ام قضية امة؟ ! ! الفرد له شؤونه الخاصة، له رغباته الخاصة، له شؤونه العائلية، اهتمامات الفرد خاصة، اهتمامات الفرد اهتمامات اسرة، داخل نطاق اسرة . . . اما الامة، فالامة قضيتها تختلف، الامة لها شؤونها الخاصة،الامة لها حقوقها، ولا يمكن التنازل عن حقوق الامة ابدا . اسأل سؤالا آخر: هل قضيتنا قضية مصالح دنيوية ام قضية مبادىء؟ اذا كانت قضية مصالح دنيوية فانه بالحصول على املاك واراض وكميات كبيرة من الدنانير تكون القضية قد انتهت، لو كانت قضية مصالح دنيوية. . ولكن قضيتنا- إخواني اخواتي ابنائي بناتي- قضية مبادىء ماذا نريد؟ ! نريد الاصلاح السياسي، نريد الاصلاح الاداري، نريد الدستور، نريد البرلمان . اسأل سؤالا ثالثا: هل قضيتنا قضية انفعالية حماسية مؤقتة ام قضية موقف؟ اذا كانت قضية حماسية انفعالية مؤقتة، فانها تنتهي وتزول وتبرد وتتلاشى بمجرد أن تهدأ العاطفة ويهدأ الانفعال، لكن قضيتنا قضية موقف، موقف نابع عن دراسة، ونابع عن وعي، والقضية التي تكون قضية موقف نابع عن تأمل، عن معادلات، عن دراسة، عن وعي، لا يمكن ان يتنازل فيها الانسان، ولا يمكن ان يتنازل عنها الانسان. كان الناس في السابق وإلى فترة قريبة يرفعون شعارات، وكان هناك حماس، ولكن الكثير أو الأكثرية من الناس لا يعرفون ماذا يريدون ! ! حماس كبير وشعارات تتردد ولكن كانوا لا يعرفون ماذا يريدون ! ! أما الأن فالأمة تعرف ماذا تريد، والأمة تعني ماذا تريد، أما الآن فهناك مطالب واضحة. . الأمة تريد اصلاحا، الامة تريد تفعيلا للدستور، الامة تريد صوتا لهذا الشعب، الامة تريد مجلسا وطنيا.
‏ماذا تريد الحكومة مني؟ ! ! أسأل سؤالا رابعا : ماذا تريد الحكومة مني؟ ! الحصار الذي حدث اليوم: حصار الدراز! حصار بني جمرة! فرض الاقامة الجبرية عليّ حتى الساعة الثانية بعد الظهر في بيتي أو حول بيتي! إغلاق الجامعين: جامع الإمام الصادق (ع) منذ البارحة وقبل الثانية عشرة ليلا، وجامع الامام زين العابدين (ع) فجرا منذ فجر هذا اليوم بل منذ الساعة الثانية والنصف قبل الفجر وحتى الساعة الثانية بعد الظهر!! أنا اسأل: ماذا تريد الحكومة مني؟ هل تريد مني أن اتنازل عن قضية الامة؟ كلا لن اتنازل اطلاقا! ! لا يمكن التنازل أبدا عن هموم الامة، والامة لا تتنازل عن أهدافها وعن مواقفها ابدا، وهل يصح ان تتنازل الامة عن اهدافها بعد ان قدمت قرابين وقدمت كوكبة من شبابها وابنائها شهداء ني سبيل الله في سبيل الحق في سبيل المطالبة بالحقوق؟ !! هل يمكن ان تتنازل الامة عن قضيتها!!
‏التأبين ممنوع: هل يحق للحكومة ان تمنع وتحظر تأبينا للشهداء؟ ! لقد أراد الشعب اليوم ان يؤبن شهداءه في جامع الامام الصادق (ع) قبيل الصلاة ببعض الكلمات وبعض الاناشيد، اراد ان يعبر عن وفائه لهؤلاء الشهداء الذين مر عليهم عام واحد، حيث دخلت الانتفاضة عامها الثاني، أراد الشعب ان يعبر عن ألمه وعن وفائه لهؤلاء الشهداء، ولكنه حرم من ذلك حرم من ذلك اليوم! ! أقل واجب تؤديه الأمة لشهدائها أن تؤبن الشهيد، أقل حق من حقوقه هذا طبعا واجب الأمة تجاه الشهداء لا ينحصر في البكاء. ثم إننا نرفض البكاء السلبي، نرفض البكاء الساذج، نرفض البكاء الجامد، نريد البكاء الذي يفعل رسالة الشهيد وقضية الشهيد، نريد البكاء الواعي، نريد البكاء الهادف، نريد البكاء الذي يبعث في النفس وفي القلب الاهتمام نحو قضية الامة ونحو اهداف الامة، نريد هذا البكاء، وحتى على مستوى هذا البكاء لا يتأدى حق الشهيد بمجرد البكاء الهادف، هناك حقوق اخرى للشهداء يجب ان تؤدى، من هذه الحقوق على الامة نحو الشهداء ان تتابع شؤون الشهداء، وشؤون أسر الشهداء وعوائل الشهداء وأيتام الشهداء، لا تنسى قضية هذه الاسر وقضية هذه العوائل. واجب الامة تجاه الشهداء ان يخلد الشهيد عبر المشاريع، كتراجم تكتب، وكتب تؤلف في حياة الشهيد وسلوكه، ما انفع ترجمة كاملة تنشر للشهيد كجزء من واجب الامة تجاه الشهيد، واجب الامة تجاه الشهيد ان تسير على ذلك الخط ، وتسعى نحو تحقيق تلك الاهداف التي استشهد من اجلها الشهيد. اذن وبعد ان وصلت المسألة الى تقديم الدماء لا يمكن لأي حر، لا انا ولا غيري ان يتراجع ابدا عن مطالب الامة واهدافه، الا ان يكون انسانا منكوس القلب فاسد الضمير وهذا ما نبرأ منه وما نبتعد عنه. أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
29 ‏ديسمبر 1995
‏بسمه تعالى
‏أيها الشعب العظيم المسالم:
‏إنه ومع دخول الأزمة السياسية الأمنية في بلدنا الحبيب “البحرين” ‏عامها الثاني على جسور اللآت التي وضعتها الحكومة لمطالب الشعب العادلة المشروعة وعدم ظهور بوادر انفراج مع عدم إظهار الحكومة لأي رغبة في الحوار مع الشعب، ومع تزايد حدة التوتر والاختناق الأمني، في الشارع العام يوما بعد يوم بسبب أنباء الاعتقالات والتجاوزات لقوات شرطة الشغب، ومع التحقيقات والمحاسبات لرموز المعارضة بهدف مصادرة حرية إبداء الرأي والتعبير التي كفلها الدستور كما حدث مع المحامي أحمد الشملان والصحفي حافظ الشيخ بشأن آرائهما التي عبرا عنها في برنامج ” قضايا وآراء” في إذاعة دولة قطر الشقيقة، ومع الشيخ حسن سلطان بشأن آرائه التي عبر عنها في خطبة يوم الجمعة قبل الماضي وهو أحد أفراد أصحاب المبادرة متناسين دوره الفعال في إعادة الهدوء والأمن والاستقرار إلى البلاد وقد دفع كل واحد من الرموز الثلاثة مبلغا قدره خمسمائة دينار بحريني ككفالة للافراج عنه، وجرت تحقيقات ومحاسبات أيضا لشعراء وقراء التعزية ” الشيالين” ‏في الموكب الحسيني بشأن القصائد التي ألقوها.
‏وإمعاناً من السلطة في مصادرة حرية العبادة وإقامة الشعائر الدينية فقد أقدمت على منع الاحتفالات الدينية وإغلاق أماكن العبادة وإقامة الشعائر كما حدث لمأتم النور بالدراز في مناسبة الإسراء والمعراج، ولمسجد المؤمن بالمنامة في مناسبة مولد الإمام الحسين عليه السلام، متجاهلة بذلك مشاعر المؤمنين وحرفة العبادة وحرية إقامة الشعائر الدينية التي كفلها الدستور، وغير مكترثة بردود الفعل الغاضبة لجموع المؤمنين المحتشدة التي أصبحت السلطة في مأمن منها بفضل الدعوات المتكررة التي وجهتها المعارضة لأبناء الشعب بالتزام الهدوء وعدم الرد على التحرشات، وكانت السلطة قد استدعت في وقت سابق أحد اعضاء الهيئة العامة للمواكب الحسينية رئيس أحد المآتم لعدة مرات، وأوقفته بهدف الضغط عليه لمنع موكب مأتمه من الخروج، بحجة الحضور الشبابي المنقطع النظير في هذا الموكب الذي يتجاوز العشرين ألفاً في المناسبات العادية، والأربعين ألفاً في المناسبات الرئيسية كعاشوراء والأربعين.
‏وإننا نسجل تجاه كل ما حدث من تجاوزات أسفنا العظيم، وإدانتنا الشديدة، لا سيما ما حدث في مسجد المؤمن من هجوم ومنع الاحتفال وإغلاق المسجد ليلة الاحتفال، حيث لا يمكن تبرير ذلك دينيا ودستوريا، مناشدين أصحاب الضمائر الحية الوقوف إلى جانب الحق والعدل.
‏ولقد أدت هذه الممارسات السلبية وغيرها من الممارسات المماثلة إلى زرع اليأس في قلوب أبناء الشعب حيث فقد الأمل في إقدام الحكومة على عمل إيجابي لصالح مطالبهم العادلة المشروعة، وأبعدت عن أذهان الكثير منهم القبول بالخيارات السلمية، حيث أن الحكومة لم تترك للشعب فرصة التفكير في السلم، فضلاً عن إعطائه الأمل في تحقيق مطالبه الدستورية، وقد تصاعدت أصوات المنادين بالرد على عنف السلطة ضد الشعب الأعزل بنفس الأسلوب، وكثر المؤيدون حيث اساءت السلطة استخدام الدعوة الى الهدوء والمحافظة على الأمن والاستقرار من قبل المعارضة، لتقوم بتصفية حساباتها مع منْ تشاء من أبناء الشعب وبالكيفية التي ترغب فيها، وتعدت على الحرمات والقيم الدينية والإنسانية التي كفلها الدستور وميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوة الانسان، وقد خاب الأمل المنشود في الخطاب الأميري بمناسبة العيد الوطني في وضع نهاية للأزمة تتعزز من خلالها العلاقة الطيبة والتلاحم بين الحكومة والشعب من أجل الوقوف في خندق واحد لمجابهة التحديات الخارجية في ظل المتغيرات السياسية على الصعيدين الاقليمي والعالمي، والبدء بمرحلة جديدة من البناء والتشييد لصرح الوطن في ظل الأمن والاستقرار والعدل والمساواة لجميع المواطنين من أجل الدخول الى ساحة القرن الحادي والعشرين، مسلحين ومؤهلين لمتطلباته ومجابهة تحدياته.
‏إننا ومع كل ذلك نناشد الحكومة مخلصين بأن تصغي للنداءات الصادقة المخلصة، وتستجيب لمطالب الشعب العادلة المشروعة وعلى رأسها: تفعيل الدستور وإعادة الحياة البرلمانية التي عطلت منذ عام 1975 ‏في البلاد، وتشكيل مجلس أعلى للقضاء، وتعزيز السلطة القضائية، وكفالة حرية الرأي والتعبير وحرمة دور العلم والعبادة، وتوفير فرص العمل لكافة القادرين عليه من المواطنين وعدم التمييز بينهم في ذلك، وتحسين مستوى المعيشة للمواطنين، والإفراج عن كافة المعتقلين في الأحداث والمعتقلين السياسيين الأخوين، والسماح للمبعدين بالعودة الى الوطن، مؤكدين بأن هذا وحده الكفيل بالمحافظة على أمن واستقرار البلاد.

‏اننا نحمل الحكومة كامل المسؤولية في دخول الأزمة عامها الثاني وتزايد حدة التوتر في الشارع العام، وكان بمقدورها ولا يزال أن تضع نهاية حكيمة وموضوعية للأزمة بإعلان العفو العام وإعلان الحوار حول المطالب السياسية مع المعارضة التي اتسمت بالموضوعية والنزاهة والتعقل، لتكون الحكومة بذلك قد استفادت استفادة إيجابية من الهدوء الذي دعت إليه المعارضة وعم البلاد، وعززت الخيار السلمي الحضاري لدى أبناء الشعب في المطالبة بحقوقهم العادلة المشروعة، وعززت الأمن والاستقرار الدائمين في البلاد، وأكدت التلاحم الإيجابي بين الحكومة والشعب، وعززت حالة الاعتدال والطرح العلمي الموضوعي النزيه لدى المعارضة، مؤكدين بأن تجاهل الحكومةلإرادة شعبها ولنداءات المعارضة، ورفضها الاستجابة لمطالبه العادلة المشروعة، والاستمرار في الاجراءات القمعية من شأن كل ذلك أن يؤجج نار العنف الكامنة ويعيد دوامته الى البلاد وحين ذلك لا ينفع الندم.
‏وإننا نناشد أبناء الشعب التمسك بقيمهم الإسلامية الخالدة، وبرصّ الصفوف، والمحافظة على وحدة الصف الإعلامي والوطني، وترك ما من شأنه أن يفرق ويميز بينهم، وتفعيل طاقاتهم وقدراتهم من أجل البناء والتعمير والمطالبة المشروعة بالحقوق العادلة الدستورية والأنانية مستمدين ثقتهم وقوتهم من الله العزيز الجبار المنتقم، وأن يمنحوا ثقتهم للنهج السلمي الإيجابي المتمثل في اتخاذ خطوات سلمية متتابعة يشترك فيها كافة أبناء الشعب لتحقيق المطالب، وأن لا يستسلموا لإيحاء السلطة أنه لا خيار لهم إلا الخنوع والتخلي عن المطالب العادلة المشروعة على حساب الكرامة، أو المجابهة بالعنف والإرهاب مؤكدين بأنّ النهج السلمي ثري بخياراته المبدعة وقادر على تحقيق المطالب إذا توفرت الإرادة لذلك ، وأنه النهج الأفضل من أجل تحقيق المطالب، ولقد كان هذا النهج وما زال السبب لاحترام وتقدير العالم لشعبنا ووعيه الحضاري المتميز والمتقدم في المطالبة بحقوقه، وقد تحرك الضمير العالمي لمناصرة قضية شعبنا العادلة بفضل هذا النهج السلمي الذي اتبعه الشعب ورآه النهج الأفضل من أجل تجنيب البلاد الخراب والدمار وأن التلويح باستخدام القوة والعنف من قبل الحكومة لا مبرر له.
‏أيها الشعب العظيم المسالم:
‏إلى المزيد من إعمال الفكر واليقظة والاتحاد ورص الصفوف والتضامن القوي الفعال من أجل المبادرة لاتخاذ خطوات سلمية مناسبة في الوقت المناسب بعد الدراسة الوافية للساحة، وعلى القيادات الشعبية أن تتحمل مسؤوليتها في الدعوة إلى ذلك، وإننا لنشيد برباطة جأش أبناء شعبنا وتماسكهم الصلب وتضامنهم الفعال وقت المحنة وخارجه، وتحليهم بالوعي والإيمان والصبر لبناء حاضر ومستقبل زاهرين لهذا الوطن الحبيب وندعوهم إلى المزيد.
‏وإننا لنعاهد الله جل جلاله ثم شعبنا العزيز الوفي بأن نكون عند مستوى المسؤولية في المحافظة على مصالح البلاد وروابطها الدينية والتاريخية والساسية والاقتصادية ووحدتها الوطنية وقيمها الخالدة، في الوقت الذي نسعى فيه بقوة ومثابرة وثبات حاملين الأرواح على الأكف من أجل تحقيق الأهداف النبيلة والمطالب العادلة المشروعة لشعبنا، وسنكون إن شاء الله تعالى أمناء أوفياء لدماء شهدائنا الأبرار وتضحيات شعينا العظيمة من أجل الدين والقيم الإنسانية الرفيعة والحياة الحرة الكريمة في ظل دولة دستورية عادلة .
‏وقبل الختام نؤكد مرة أخرى أن الحل الناجح لكل ما مر به بلانا الحبيب يتلخص في : 1 ‏. تفعيل الدستور وعودة الحياة النيابية.
2 ‏. تشكيل مجلس أعلى للقضاء واستقلا لية السلطة القضائية .
3 ‏. إطلاق سراح جميع المعتقلين والسماح للمبعدين بالعودة.
‏اللهم صلّ على محمد وآل محمد وتغمد أرواح شهدائنا برحمتك الواسعة وأسكنهم الفسيح من جنانك مع نبيك محمد (ص) وأهل بيته الطيبين الطاهرين وأصحابه المنتجبين والتابعين بإحسان الى قيام يوم الدين، وفرج عن كافة المعتقلين المظلومين وأخرجهم من قبية السجون المظلمة إلى أرضك الفسيحة، ورجع اخواننا المبعدين الغرباء المحرومين من رؤية الأهل والأحباب إلى وطنهم سالمين غانمين، وحقق لشعبنا كامل مطالبه العادلة التي دعاك وضحى من أجل تحقيقها، وجنب بلادنا الحبيب كل سوء إنك على كل شيء قدير وإنك خير المسؤولين، وأرحم الراحمين، بحق محمد وآله الطاهرين، صلواتك عليهم أجمعين.
‏وفي الختام التأييد والعزة لشعبنا ولجميع المسلمين وبالله التوفيق.

5 يناير 1995
خطبة الجمعة التي ألقاها سماحة الشيخ عبدالأمير منصور الجمري في جامع الإمام الصادق(ع) بالدراز يوم الجمعة
‏بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين، وأصحابه المنتجبين والتابعين بإحسان الى يوم الدين.
‏أيها الأخوة والأخوات،أيها الابناء والبنات: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد :
‏فقد قال الله تعالى : (وَقُلْ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنَّا عَامِلُونَ)صدق الله العلي العظيم ،(هود 121 ‏). قل للذين لا يؤمنون بأهدافنا، بمطالبنا، قل للذين يختلفون معنا: إننا سائررن على ثقة بأهدافنا وحقوقنا مهما قست الظروف. وبعد: فالاختلاف لا يغادر البشرية منذ أن خُلِقت، فالاختلاف يحدث بين فرد وفرد،وبين جماعة وجماعة، وبين دولة ودولة. وكان هناك دائما وعبر التاريخ منطقان لحل الخلاف: منطق القوة، ومنطق الحوار. والإسلام عبر نصوصه الكثيرة قد ركز كثيراً على لغة الحوار لفصل أي خلاف ينشأ، وقد ربى أبناءه على تبني هذه اللغة مع الأفكار الأخرى، وعلى الانفتاح على النظريات الأخرى، والأطروحات الأخرى. وذلك لأنّ هدف الإسلام هو الوصول إلى الحقيقة المنشودة، أو الوصول إلى الحل الصحيح. فالإسلام .بناء على ذلك. لا يتعامل مع الأفكار الأخرى أو الفئات المعارضة بنفسية معقدة، أو روح مغلقة، بل يتعامل معها بروح منفتحة، ونفسية هادئة بعيدا عن لغة العنف والقوة والقهرى واعتماداً على مواجهة الحجة بالحجة والفكر بالفكرة وهو الأسلوب الحضاري. وقد اعتمد الإسلام لغة الحوار للأسباب الآتية:
1 ‏.إن لغة العنف لا وجود للقناعة النفسية والحرية الفكرية في ظلها.
2 . لأن لغة العنف لا قيمة للغلبة على أساسها، لأنها غلبة القوة والعضلات والسلاح، بينما تكون الغلبة في ظل لغة الحوار غلبة المنطق والفكر والحجة، ويكون التوصل إلى المطلوب على أساس الحرية الفكرية والقناعة الذاتية.
3 ‏. لأن لغة القوة والعنف لا تملك القدرة على زرع الفكرة في نفس الطرف المقابل، بل أن هذه اللغة عمرها لم تستطع حمل الناس على مبدأ، أو زرع فكرة أو قناعة في نفوسهم، بل إن من اعتنق مبدأ في ظل هذه اللغة يرتد عنه في الفرصة الاولى الممكنة،بينما من اعتنق مبدأ أو ديناً أو نظرية في ظل لغة الحوار تزول الجبال ولا يزول، لأنه يعتنق ذلك في حال قناعة نقية تامة، وبهذا يتبين فشل نظرية استعمال القوة، والاعتماد عليها بصورة مطلقة.
4 ‏. إن الذي تسجله الأحداث هو أن الشيء الذي يعامل الطرف المقابل من أجل التخلي عنه، تكون النتيجة فيه عسكية، حيث يشتد تمسك الطرف المقابل به، وحرصه على فعله، وقد يبقى كذلك حتى في صورة تنبهه إلى خطئه.
5 . أن لغة الحوار تمثل لغة العقل والثقة بالنفى، ولغة العنف تمثل لغة الغابة ولغة العضلات، وهي تعبير عن العجز عن مواجهة الدليل بالدليل والحجة بالحجة، ولذلك يلجأ صاحبها لتصفية الطرف المقابل والتخلص منه، لأنه لا يقوى على سماع آرائه وطروحاته. ونتيجة ما قدمنا، هي أن لغة الحوار إحدى الثوابت الرئيسية في الاسلام، وأن لغة العنف لغة اسثنائية قد يلجأ الاسلام اليها حين يستنفذ وسائله السلمية، وحيث ينحصر الحل في مواجهة القوة بالقوة . ومن هذا المنطلق وعلى هذا المبدأ سار الاسلام العظيم في التعامل مع خصومه ومعارضيه، كما انه على هذا النهج سارت الدول المتحضرة والمتقدمة . وكانت الآلية لهذا السلوك الديمقراطي هي المجالس الوطنية، والبرلمانات، وهيئات حقوق الانسان، ومؤسسات الاستفتاء العام… قناعة من الجميع مسلمين وغير مسلمين بان لغة الحوار تبني ولغة العنف تهدم، ولغة الحوار تضع الحلول، ولغة العنف تعقد الأمور. والآن اقول : ماذا يحدث في هذا البلد الصغير المسالم؟
‏- في الاسبوع الماضي تم منع الاحتفال بمولد الحسين(ع) في مسجد المؤمن بالمنامة.
‏-وفي الاسبوع نفسه تمت محاصرة الدراز وبني جمرة، ومحاصرة منزلي، ومنعي من الصلاة في هذا الجامع الشريف.
‏-تهديد قيم جامع الصادق هذا، وقيم مسجد الصادق في المقفول.
‏-ايضا في ليلة الجمعة (البارحة) كان مقررا اقامة احتفال مشترك بين القرى الثلاث: ابو قوة، السهلة الشمالية والسهلة الجنوبية، فمنع بلا اسباب ولا مبررات.
‏-ليلة الجمعة (البارحة) ايضا بينما كنا في جامع الامام زين العابدين (ع) ونحن مع أواخر دعاء كميل فوجئنا بهجوم قوات الشغب التي أطلقت القنابل المسيلة للدموع، وكان هذا بعد انصراف جماهير المصلين، ولم يكن موجودا إلا ما يقارب عشرين شخصا من بينهم شيوخ وصبيان، وبعض النساء، ففر من فر وتأثر بالغازات من تأثر. وهنا اسأل: مالذي حدث في البلد حتى يفاجأ الناس بهذا النوع من الممارسات؟ ! هل في البلاد ثورة؟ هل في البلد عنف؟ ! إذن: ما هو المقصود من كل ذلك:
1 ‏- استعراض القوة وإرهاب المواطنين: هل هو لاستعراض القوة؟ أيكون ذلك في وجه شعب أعزل مسالم؟ ! أيكون ذلك في مهاجمة المساجد وإغلاق المآتم؟ ! عجباً، استعراض القوة انما يكون في وجه الأعداء، في وجه الغزاة دفاعاً عن الوطن والمواطنين، استعراض القوة يكون في وجه المجرمين واللصوص والقتلة حفاظاً على سلامة المواطنين! ! أما استعراض القوة لإرهاب المواطنين فذلك الذي لم نسمع به. . فهذا الشعب صاحب مطالب وله حقوق، قدم أبناءه قرابين من أجل المطالب، منهم من قضى نحبه شهيداً، ومنهم في السجون والغربات يقاسون أشد المعاناة، فهل ينسى كل ذلك؟ ا وهل يتنازل هكذا شعب عن مطالبه لمجرد استعراض القوة؟ !! لوكان هذا الشعب شاكاً في مطالبة متردداً في شرعية حقوقه، لو كان كذلك لربما تنازل وتراجع، أما والحال إنه في أتم القناعة بأهدافه، فالتنازل لن يكون، لن يكون. وإنني أنصح منْ يعيشون منطق العنف أن يعيدوا حساباتهم، فالعنف لا يجوز أن يستخدم لإرهاب المواطنين الآمنين العزل، الذين يرفعون مطالبهم الواضحة. الأجدر أن تدرس هذه المطالب لا أن تقمع! ا أليس ذلك يحقق مصلحة الوطن؟ !
2 ‏- تحجيم وتقزيم أهداف المعارضة: هل المراد من كل تلك الممارسات هو تقزيم أهداف المعارضة؟ هل يراد منا أن نتحدث عن اعتقال فرد هنا وآخر هناك؟ هل يراد منا أن نتحدث عن منع احتفال هنا واحتفال هناك ؟ هل يراد منا أن نفعل ذلك وننسى أهدافنا الرئيسية؟ ننسى البرلمان؟ ننسى تفعيل الدستور؟ ! ! نحن إذا تحدثنا عن إغلاق المأتم ومنع الاحتفالات وإقامة الصلوات، فانما ننطلق من الدستور أيضاً بعد انطلاقنا من اسلامنا العظيم دين الأمة، فالدستور كفل للمواطنين حرية القيام بالشعائر الدينية، كما ورد في المادة رقم ( 22 ‏) القائلة: “حرية الضمير مطلقة” وتكفل الدولة حرمة دور العبادة، وحرية القيام بشعائر الأديان والمواكب والاجتماعات الدينية طبقاً للعادات المرعية في البلد. هذا الشعب لم يتحرك لأجل حرية الاحتفالات فقط، ولم يطالب فقط بحرية العبادة، هذا الشعب لم يقدم أبناء، لتلك الأمور فقط. هذا الشعب في أتم الوعي والإدراك ، ويعي أن الانشغال بتلك الأمور فقط هو تهميش للمطالب الرئيسية وتحجيم للأهداف الرئيسية، نعم لن نسكت عن منع الاحتفالات وإقامة الصلوات، ولكن في إطارها الإسلامي والدستوري، ولن ننسى أهدافنا الرئيسية: أهداف هذا الشعب واضحة جلية: تفعيل الدستور، عودة البرلمان، إطلاق كافة المعتقلين وعودة المبعدين والمفصولين هذه هي أهدافنا التي سنعمل على تحقيقها بالطرق الصحيحة.
3 ‏-ضرب الوحدة الوطنية والإسلامية: أقول أيضاً: هل المراد من تلك الممارسات ضرب الوحدة الوطنية والإسلامية! ! هل المراد تشويه المعارضة وتصويرها للعالم بأنها حركة أصولية إرهابية لا تملك إلا العنف سبيلاً لتحقيق أهدافها؟ !! أين هذا العنف؟ وأين هذا الإرهاب؟ ! ! هذا الشعب يملك مشروعا كبيرا وهو (العريضة) هذا المشروع لا يخص طائفة دون طائفة، ولا فئة دون فئة، هذا المشروع هو إنجاز حضاري لكل المواطنين ولا يملك أحد صلاحية إلغائه. وهذا أكبر دليل على الوحدة الوطنية الإسلامية. والذين وقعوا عليها لم يكونوا إرهابيين أصوليين- حسب التسمية المزعومة-، ولا علمانيين متزمتين، بل هم أصحاب مطالب أجمع الشعب عليها. فمحاولة تشويه الحركة المطالبة بتفعيل الدستور بأنها حركة طائفية شيعية، أو حركة أصولية إرهابية، هي محاولة يائسة فاشلة.
4 ‏-استدراج للعنف: وأخيرا هل المراد من تلك الممارسات استدارج الشارع للعنف؟! مضت شهور والساحة تعيش الهدوء، والشعب ملتزم بالهدوء رغم الدماء، رغم السجون، رغم التشريد، فلماذا الآن تأتي هذه الممارسات في أسبوع واحد، وتحدث كل تلك الأمور!! ما هو الغرض العقلاني والهدف السياسي المطلوب تحقيقه؟ هل المطلوب أن تعود الساحة إلى ما كانت عليه من العنف والفوضى؟ ألا تؤدي كل تلك الممارسات الى اشتعال الأزمة؟ ا ! هذا ما نقوله لكل ذي عقل وضمير. وأخيراً نتوجه إلى القيادة السياسية العليا مطالبين بالتدخل الفوري العاجل لوقف تلك الممارسات، خدمة للأمن وحفاظاً على الوطن.
‏أقول قولي هذا وأستففر الله لي ولكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

‏ 12يناير 1996
‏تذكروا شعب البحرين يوم العيد
‏الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين وأصحابه المنتجبين والتابعين بإحسان إلى يوم الدين.
‏أيها الأخوة والأخوات أيها الأبناء والبنات: سلام من الله عليكم ورحمة وبركات، دعاء لكم ولي بالتوفيق وتسديد الخطى والعون على مواصلة الدرب لتحقيق ما فيه خير الأمة وصلاحها وقول وفعل ما يرضي الله تعالى ويقرب إليه وبعد..
‏فقد قال الله تعالى:(وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ). هذه الآية الكريمة من الآيات العظيمة في القرآن والقرآن كلّه عظيم ترتبط ارتباطاً وثيقاً بحياة الناس يسرها وعسرها، حاضرها ومتسقبلها وقد جاءت لتقرر عدة مبادىء رئيسية لا مناص للأمة منها إذا أرادت أن يكون لها وجود قوي فاعل في الحياة الدنيا وقرب من الله تعالى في الحياة الآخرة وهذه المبادىء هي:
1 ‏- الاصلاح: حيث تقرر الآية المباركة بما لا يترك مجالاً للشك أن وراثة الأرض والسيطرة على منافعها وبركاتها لن يكون إلا بيد الصلحاء، والمصلحين. وهذه الوراثة ليست في الآخرة فقط كما ذهب إليه بعض المفسرين، وإنما هي في الدنيا والآخرة لأن الآية مطلقة فتضم الوراثتين وراثة الدنيا ووراثة الآخرة. إذ ليس البقاء للأقوى وليست السيطرة والغلبة للأقوى وإن جمع من القوى ما جمع إذا كان يسير في الناس بالظلم ويحكم الناس بالظلم. بل البقاء والخلود للأصلح الذي يسير في الناس بالعدل ويحكمهم بالعدل. فالصلاح بما يرضي الله تعالى أساس البقاء وشرط استمرار الحكم وعليه فهذه الآية تقرر مبدأ الاصلاح وتدعو إليه.
2 ‏- الصمود: حيث توصي الآية المباركة بضرورة الصمود في المسيرة لكي تصل الأمة إلى تحقيق أهدافها مهما كانت المحن. بل تصنع الآية الصمود في مواقف المستضعفين في الأرض وتزرع الأمل في نفوسهم وذلك بما توحي به من البشرى لهم، البشرى بالنصر ووراثة الأرض. وما توحي به من أن البلاء وإن طال سيرتفع، والظلم وإن تطاول سينقطع، وتعضد السنة الشريفة هذا الإيحاء.
‏فقد جاء عن الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم: ” لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطوَّل الله ذلك اليوم حتى يخرج رجل من ولدي اسمه اسمي يملأ الأرض عدلاً ‏بعدما ملئت جوراً”.
3 ‏- دور الأمة وغياب القيادة:
‏الثالث من المبادىء الهامة الرئيسية التي تقررها الآية هو دور الأمة في غياب القيادة، أو زمن الغيبة، حيث شاء الله عز وجل غيبة الإمام المهدي المنتظر عجل الله فرجه الشريف. هذه الغيبة الطويلة، حتى يأذن الله تعالى له فيخرج ويملأ الأرض عدلا كما ملئت جوراً.
‏فغياب القيادة المعصومة لا يوقف المسيرة، والقاعدة الإسلامية تربط الإنسان المؤمن بالرسالة ولا تربطه بالشخص إلا من خلال الرسالة. إننا نستوحي من قضية غياب المهدي عجل الله فرجه الشريف أن الرسالة هي الأصل والقاعدة والقيادات المتتابعة تمثل دور الحجة للرسالة، وعظمتهم تقاس دائماً بحجم ما يقدمون لها من خدمات وتضحيات. فالإسلام على هذا الأساس يلغي موضوع عبادة الشخصية ويرفض ربط مستقبل الرسالة بحياة الأشخاص. فالرسالة أبداً لا تتجمد عند حدود حياة القيادة، والرسالة لا تموت بموت القيادة، والرسالة لا تتجمد عند غياب القيادة بل إن المسؤولية تكبر والمهمة تعظم والأمة الواعية قادرة على إنجاب العظماء والقيادات. فدور الأمة لا يتوقف بل يتزايد ويتأكد وهلم نستعرض هذا الدور:
‏أ-صلاح الأطروحات:
‏فالاستكبار العالمي ركز جهوده على تجميد عقول الأمة وتهميش دورها في إصلاح المجتمع وساعد على ذلك تبني بعض العقول الضعيفة فكرة الانتظار السلبي في زمن الغيبة. فتحولت الأمة إلى أفراد لا شأن لهم إلا شؤونهم الفردية الخاصة. عاشت الأمة هذه النظرة، حياة الاتكالية والتبعية واللاهدفية واللامسؤولية. وهذا عكس ما يريده الإسلام الذي يرفض التراجع والانقلاب حين تغيب القيادة قائلا: (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ ).
‏ثم إن دور الأمة يتعزز ليس في الحضور في الساحة فحسب، بل يتجاوز ذلك إلى المساهمة في صنع الأطروحة المناسبة للظرف الذي يعيشه المسلمون ليحفظوا بذلك دينهم عن التحريف ومجتمعهم عن الضياع والانحراف. وهذه مهمة أصحاب الفكر والعقول الراقية في الأمة ولا يجوز أن تقتصر على البعض ويعيش البعض الآخر حياة اللامبالاة والاتكالية. فالمؤمن لا يسأل عن ماله وشبابه ووقته فقط ، بل يسأل أيضاً بالدرجة الأولى عن فكره ومنطقه وعلمه في الأمور. والأمة بكل مفكريها وكتابها مسؤولة عن الأطروحة المناسبة واختيار البدائل الناجحة. فحركة الأمة المطالبة الآن بتفعيل الدستور هي حركة مفتوحة لكل أفراد الأمة وهي ليست جزءا مغلقاً في وجه أحد، الكل مسؤول عن الحركة لأنه منها وهي منه.
‏ب . مراقبة المسيرة: فالأمة بكل فئاتها ليست مسؤولة فقط عن المشاركة في صنع خيار الأمة، بل مسؤولة أيضاً عن مراقبة المسيرة وتصحيح الخطأ فيها . والأمة قادرة على ذلك ، وقد أثبتت الأحداث صحة هذا القول. إنّ من حق الأمة أن تعطي رأيها، وتقول كلمتها في أي أمر تراه مخالفاً لصلاحها. وللأمة حق التعبير عن رأيها، وليس لأحد أن يسلبها هذا الحق. لها الحق أن تعبر عن رأيها في الاحتفالات والندوات وفي المقابلات وفي الصحافة وعبر الشعارات والمواكب والمنابر وأية وسيلة تنسجم مع الأهداف المرفوعة .
‏وقفة مع سعادة وزير الاعلام :
‏لقد تابعت باستغراب ما قاله سعادة وزير الاعلام في مقابلته مع إذاعة لندن حين سأل عن إغلاق المساجد فرد قائلاً :”نحن حكومة إسلامية، والمساجد مفتوحة ولا نغلق المساجد. ولكن المساجد لذكر الله والعبادة، ونرفض أن تكون أماكن للتحريض”.
‏ليسمح لي سعادة وزير الإعلام أن ألفت انتباه سعادته لبعض النقاط : فأنا أحد الذين منعوا من الصلاة، من دون مبرر منطقي أو عقلاني، في ليلة الجمعة ما قبل الماضية في جامع الإمام زين العابدين(عليه السلام). وبعد الانتهاء من الصلاة فوجئنا بحصار الجامع وقيام قوات الشغب باستعمال القنابل المسيلة للدموع والرصاص المطاطي.
‏ألا يعد ذلك هتكاً لحرمة المسجد؟ وكيف يكون هناك تحريض وأنا لم ألق أي حديث ولم أخطب بأية خطبة؟ وكل المصلين شهود، فهل هناك أي مبرر عقلائي لذلك؟ وهنا بدأت ترفع هتافات مثل (لن نركع إلا لله).
‏وعاد الشيخ يتابع : وفي يوم الجمعة ما قبل الماضية، تمت محاصرة الدراز وبني جمرة، وفرض الحصار حول بيتي من الساعة السابعة والنصف صباحاً وحتى الساعة الثانية بعد الظهر؟ ألا يعد ذلك ترويعاً لأمن المواطنين وتهديداً للاستقرار في البلد؟
‏وفي ليلة السبت الماضية، تمت محاصرة مسجد الصادق في منطقة القفول، ثم منعي من الصلاة فيه وضرب الجمهور المتجه إلى المسجد للصلاة بالرصاص المطاطي والقنابل المسيلة للدموع، هل هذا بحجة التحريض؟ ليسمح لي سعادة الوزير أن أقول أي تحريض يمارس في أحاديث المسجد؟ الآن أصبحنا محرضين؟ الآن بعد أن عاد الهدوء إلى الساحة؟ باعتراف أجهزة الأمن والمراقبين لشؤون الساحة والكل يشهد أن الهدوءعاد بفضلنا وبفضل العاملين في الساحة . . (هتافات . . الله أكبر . . النصر للإسلام) . فكيف يتحول الداعون إلى الهدوء إلى محرضين . . (هتافات . . نحن لا نشاغب. . بالدستور نطالب) . وهل أن المطالبة بتفعيل الدستور وعودة البرلمان بالكلمة الهادئة والاسلوب العلمي تعد أيضا تحريضا؟
‏إذن ما هو الأسلوب المطلوب؟ لقد طرقنا كل الأبواب وما زلنا ندعو للحوار. في اعتقادنا أن مهاجمة المساجد وحصار القرى هو الذي يحرض على العنف ويدفع الساحة إلى العنف . لقد بقيت الساحة هادئة طيلة الأشهر الثلاثة أو الأربعة الماضية والفضل يرجع لأصحاب المبادرة ولخطبهم، (هتافات: الله أكبر . . النصر للإسلام) وإننا نأمل أن تتوقف الاعتقالات وتتوقف مهاجمة المساجد وتغلب لغة الحوار على لغة العنف حتى تستقر البلاد ويعود الأمن إلى ربوعها.
‏وقفة مع الصحافة المحلية:
‏لا شك أن مهمة الصحافة مهمة كبيرة جدا، فهي من جهة يقع على عاتقها مسؤولية نشر الحقيقة وتنوير الرأي العام لقضايا الأمة. ويقع عليها أيضا مهمة التنظير لمشاكل الأمة ووضع الحلول المناسبة لها من جهة أخرى. وهذه الأهداف لا تتحقق إلا إذا توفر عنصرا الكفاءة والشجاعة، وكان هناك تفاعل إيجابي بين القراء والكتاب شرطه الصراحة والموضوعية. وإني من هذا المنطلق أود أن ألفت انتباه صحافتنا المحلية لبعض النقاط:
‏لقد عصفت بالبلد أزمة خطيرة وسجن المئات وهجر من هجر وعاش الجميع في خوف وقلق على المستقبل. وسؤالي: أين كانت صحافتنا؟ أين رأيها الصريح في المخرج من الأحداث؟ لقد كتبت كل الصحف وأعطت رأيها عن الأحداث وفي الأحداث، فلماذا ظلت صحافتنا المحلية صامتة عن ابداء رأيها بشكل صريح؟ لماذا لم نسمع بصوتها إلا إذا كانت هناك حرائق أو محاكمات؟ ألم تكن هناك عريضة وقع عليها المئات رفعت للأمير 1992 ‏؟ ألم تكن هناك عريضة أخرى وقع عليها 25 ‏ألفاً من المواطنين في سنة 1994 ‏؟ ألم تكن هناك مبادرة سلمية متفق عليها مع الحكومة أعادت الهدوء إلى البلا؟ لماذا لم تتكلم صحافتنا عن هذه الأمور؟ (هتافات : الله أكبر . . النصر للاسلام) لماذا لم تتكلم صحافتنا عن هذه الأمور ألم تسمع بها؟ لماذا تكلمت عن النتائج وتجاهلت الأسباب؟
‏هناك حركة سلمية شعبية غير حزبية في حقيقة الأمر يشارك فيها الشيعي والسني والإسلامي والوطني، أهدافها واضحة . . . تفعيل الدستور، عودة البرلمان، إطلاق سراح جميع المعتقلين، عودة المبعدين (هتافات . . الله أكبر . . النصر للإسلام . . لا سنية لا شيعية . . الشعب يطلب حرية).
‏ألم تسمع صحافتنا بهذه الحركة السلمية الشعبية لماذا لم تتحدث عنها؟ لماذالم تعط رأيها فيها؟ وعلى الجانب الآخر ألم تسمع صحافتنا المحلية بحصار المساجد والقرى واستخدام الرصاص المطاطي واستعمال الغازات المسيلة للدموع، إننا نأمل لصحافتنا أن يكون لها رأي في الأحداث، ورأي في الحلول فهل يكون ذلك؟ (هتافات . . سحقا محقا للعملاء . . ) .
‏حول الاعتقالات الأخيرة: لقد تحدثت عن هذا الموضوع أكثر من مرة، وكان بودي أن يوضع لهذا الموضوع، ولكن لقد تم اعتقال فضيلة الشيخ محمد الرياش من المسجد وإمام المصلين في الأسبوع الماضي (هتافات . . الله أكبر . . النصر للإسلام . . )، لماذا يتم اعتقال هؤلاء العلماء الأفاضل؟ ما هو الجرم الذي ارتكبه هذا العالم؟ هل الحديث عن المطالب الدستورية يعد جرما يعتقل عليه الأفراد؟ إننا نطالب بإطلاق سراحه وإطلاق سراح جميع المعتقلين الأبرياء ووضع الحلول للأزمة التي عصفت بالبلاد.
‏أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. (هتافات . . . الله أكبر . . النصر للإسلام).

‏ملحق وثيقة رفض الكتل النيابية للمشروع
‏بسم الله الرحمن الرحيم
‏إنه بتاريخ 14 ‏يونيو 1975 ‏عقد اجتماع بين السادة الموقعين أدناه لبحث الأزمة الناتجة عن موضوع المرسوم بقانون بشأن تدابير أمن الدولة، وقد اتفق المجتمعون على ما يلي:
1 ‏. أن تدلي الحكومة في المجلس وفي جلسة علنية بالبيان التالي نصه: ” بناء على تقرير لجنة الشؤون الخارجية والداخلية والدفاع المرفوع إلى المجلس عن المرسوم بقانون بشأن تدابير أمن الدولة وبعد أن استأنت الحكومة برأي جميع أعضاء المجلس الموقر، تعد الحكومة المجلس بإعادة النظر في المرسوم بقانون المذكور في مدة أقصاها شهر يوليو (تموز) 1975 .
‏وعليه تطلب الحكومة تأجيل النظر فيه لكي يتسنى لها ذلك” .
2 ‏.كما اتفق المجتمعون كذلك على ما يلي:
‏أ . أن تكون الجلسة التي يدلى فيها بالبيان المذكور جلسة علنية.
‏ب . أن عبارة إعادة النظر تعني إلغاء المرسوم، وأن يسجل ذلك في محضر جلسة رسمية للجنة الشؤون الخارجية والداخلية والدفاع، يحضرها رئيس المجلس والحكومة وعدد من الأعضاء.
‏ج. أن يكون شهر يوليو (تموز) 1975 ‏هو المدة القصوى للحكومة لتقوم بإلغاء المرسوم بقانون بشأن تدابير أمن الدولة.
‏الموقعون :
1 ‏• الشيخ عبد الامير منمور الجمري
2 ‏• رسول عبد علي الجشي
3 ‏• علي صالح الصالح
4 ‏• عبد الله المدني
5 ‏• محمد سلمان احمد حماد
6 ‏• محسن حميد مرهون
7 ‏• خالد ابراهيم الذوادي
نقلا عن الاقواء 26 ‏/ 6 ‏/ 1975 ‏.

‏العريضة الحبرية التي وقع عليها ثلائماثة شخصية
‏بسم الله الرحمن الرحيم
‏حضرة صاحب السمو الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة امير دولة البحرين وفقه الله لما يحبه ويرضاه.
‏السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد :
‏لقد صدقتم يا صاحب السمو وأصدرتم في لحظة تاريخية دستور دولة البحرين بتاريخ 12 ‏/ 11 ‏/ 1393 ‏هـ الموافق 6 ‏/ 12 ‏/ 1973 ‏م. بعد أن ناقشه وأقره المجلس التأسيسي الذي دعوتم إلى تكوينه بالمرسوم بقانون رقم 12 ‏/ 1972 ، بتاريخ 9 ‏/ 5 ‏/ 1392 ‏هـ. في الوقت الذي كنتم تستعيدون فيه ماضي البحرين في رحاب العروبة والإسلام، وتتطلعون بإيمان وعزم إلى مستقبل قائم على الشورى والعدل، حافل بالمشاركة في مسؤوليات الحكم والإدارة، كافل للحرية والمساواة، وموطد للإخاء والتضامن الاجتماعي، كما جاء في مقدمة الدستور. فرسخ هذا الدستور أسس المشاركة الشعبية في الحقوق والواجبات العامة على نهج قويم من أحكام وأصول الشورى المستمدة من ديننا الإسلامي الحنيف، ومن مبادىء العدل والحرية والمساواة التي كانت دوما مبادىء راسخة في الحضارة الإسلامية والإنسانية.
‏وما كان ذلك الأمر إلا تغييرا رائدا سعى إليه سموكم لارساء نظام حديث يحكم دولة البحرين، وإنجازا حضاريا سيذكره التاريخ لسموكم.
‏واذا كان حل المجلس الوطني يوم 26 ‏/ 8 ‏/ 1975 ‏م بالمرسوم الاميري رقم 4 ‏ا / 1975 ‏بموجب الصلاحية التي تمنحها المادة 65 ‏لسموكم فإن المادة نفسها تؤكد على إعادة الانتخابات للمجلس الجديد في ميعاد لا يجاوز شهرين من تاريخ الحل والا استرد المجلس المنحل كامل سلطته الدستورية، علما بأن المادة 08 1 ‏من الدستور قد قررت عدم جواز تعطيل أي حكم من أحكامه الا أثناء قيام الأحكام العرفية في الحدود التي يبينها القانون، ولم يكن حل المجلس في حالة قيام هذه الاحكام.
‏بناء على ما ذكر وبناء على المتغيرات المحلية والاقليمية والدولية خلال السنوات الماضية وما تتجه اليه الارادة الدولية لخلق نظام عالمي جديد، فإن الامر يستدعي-ان لم يتم الاخذ بالمادة رقم 65 ‏من الدستور-الدعوة الى انتخاب مجلس وطني جديد يعتمد على الانتخاب الحر المباشر حسب ما يقر ره الدستور، من أجل ممارسة الدولة نظامها الديمقراطي الذي نصت عليه المادة ( 1 ‏) فقرة (د) القاضية بأن : ” الحكم في البحرين ديمقراطيى السيادة فيه للشعب مصدر السلطات جميعا، وتكون ممارسة السيادة على الوجه المبين بهذا الدستور” ، ومن أجل إرساء الثقة والاحترام المبتادل بين الدولة والمواطنين، وحرصا على تظافر جهود جميع أفراد هذا الشعب حكاماً ومحكومين في تقدم وازدهار هذا البلد، ومن أجل إطلاق طاقات كل مواطن للمشاركة في عملية البناء والتنمية الاجتماعية والاقتصادية طبقا لنص المادة ( 1 ‏) فقرة (هـ) من الدستور والتي تنص على ان : ” للمواطنين حق المشاركة في الشؤون العامة والتمتع بالحقوق السياسية ، بدءا بحق الانتخاب، وذلك وفقا لهذا الدستور وللشروط والاوضاع التي يبينها القانون”.
‏اننا الموقعين ادناه نرفع الى سموكم هذا الخطاب انطلاقا من مسؤوليتنا كمسلمين ومواطنين، ومن حقوقنا المشروعة كمحكومين واستنادا الى نص المادة ( 29 ‏) من الدستور التي تقضي بأن : ” لكل فرد أن يخاطب السلطات العامة كتابة وبتوقيعه” . وباعتبار سموكم رأس الدولة طبقا لنص المادة ( 33 ‏) فقرة (أ) من الدستور مطالبين سموكم بالمبادرة باصدار الامر لاجراء الانتخابات للمجلس الوطني عملا بما ورد من تنظيم له في الفصل الثاني من الباب الرابع من الدستور.
‏وإن المجلس الوطني كمجلس تشريعي دستوري لا يتعارض مع ما ذكر مؤخرا عن عزم الحكومة إنشاء مجلس استشاري لتوسيع دائرة استشاراتها فيما تريد القيام به، ولا يحل المجلس الاستشاري محل المجلس الوطني كسلطة تشريعية دستورية.
‏اننا على امل ان يحقق سموكم هذا المطلب الجماهيري لما فيه خير الجميع.
‏وتفضلوا بقبول جزيل الشكر مع الاحترام والتقدير .
‏العريضة الشعبية العامة التي وقع عليها 25 ‏ألف مواطن أكتوبر 1994
‏بسم الله الرحمن الرحيم
‏حضرة الفاضل/ صاحب السمو الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة أمير دولة البحرين حفظه الله ورعاه
‏السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
‏وبعد :
‏لقد كانت خطوتكم التاريخية الموفقة في إرساء دعائم دولة البحرين الحديثة بعد الاستقلال بمصادقتكم على الدستور في 6 ‏ديسمبر 1977 ، وإجراء الانتخابات التشريعية علامة بارزة في تاريخ دولة البحرين الحديث وتاريخ المنطقة تؤكد إيمانكم بأهمية المشاركة الشعبية على أساس من الشورى والعدل، لمواجهة متطلبات مستقبل التطور الحضاري لدولتنا الحديثة وتوطيد دعائم مؤسساتها بعزم وثقة لا محدود لهما بأبنائها وبأهليتهم لتحمل مسؤولياتهم في تنمية البلاد وتوطيد الأمن والاستقرار فيها على أساس من الإخاء والتضامن والتكافل الاجتماعي.
‏وإذا كان وطننا قد عانى الكثير بعد حل المجلس الوطني منذ يوم 26 ‏/ 8 ‏/ 1975 ‏، وحتى يومنا هذا وتراكمت من جراء ذلك العديد من الرواسب نتيجة تعطيل المسيرة الديمقراطية الرائدة التي افتتحتموها بافتتاحكم أول فصل تشييعي للمجلس الوطني المنتخب، وكان شعبكم حريصاً على توفير فرص التفكير المتروي لسموكم الكريم في التجربة التي مرت بها دولة البحرين ونتائجهابعد افتتاح المجلس الوطني وبعد حله بمومجب المرسوم الأميري رقم 14 ‏/ 1975 ‏، فإن أملنا كان كبيراً في فتح باب التحاور مع سموكم الكريم حول مستقبل هذا الوطن ،عندما تقدمت نخبة من أبناء وطنكم ومن مواطنيكم بالعريضة التي قدمت إلى سموكم في 15 ‏/ 11 ‏/ 1992 ‏والتي لخصت مطالبها في عودة المجلس الوطني وفقا للدستور .
‏وكما تعلمون سموكم فإن مجلس الشورى الذي ارتأيتم تأسيسه بإرادة أميرية لا يسد الفراغ الدستوري الموجود بسبب تعطل أهم مؤسسة تشريعية عن العمل .
‏والحقيقة التي تظهر أمامنا كمواطنين ومسلمين هي إننا سنكون مقصرين في تحملنا المسؤولية ما لم نصارحكم ونصارح فيكم القيادة الحكيمة المؤمنة بما نلمسه من أوضاع
‏غير سوية يمر بها بلدنا في ظروف من المتغيرات الدولية والإقليمية في ظل تعطيل المؤسسة الدستورية ، والتي لو انتهى عطلها لكانت خير معين على إيقاف التراكمات السلبية التي تكاد تسد مجرى حياتنا كمواطنين نعيش معاناة متعددة الأوجه في محدودية فرص العمل وتضخم البطالة وغلاء المعيشة وتضرر القطاع التجاري ومشاكل الجنسية والتجنس ومنع العديد من أبنائنا من العودة إلى وطنهم ، يرافق كل ذلك القوانين التي صدرت منذ غياب السلطة التشريعية التي تحد من حرية المواطنين ، وتتناقض مع الدستور، ومارافقها من انعدام حرية التعبير والرأي وخضوع الصحافة للسلطة التنفيذية خضوعاً مباشراً إلى جانب الإعلام الموجه من قبلها . وهذه الأمور مجتمعة يا صاحب السمو الكريم هي التي تستحثنا كمواطنين إلى المطالبة بعودة المجلس الوطني للعمل مع النظر في إشراك المرأة في العملية الديمقراطية ، وذلك بإجراء انتخابات حرة ان ارتأيتم عدم دعوة المجلس الوطني المنحل إلى الانعقاد وطبقاً للمادة 65 ‏من الدستور التي نصها :
‏((وإذا حل المجلس وجب إجراء الانتخابات للمجلس الجديد في ميعاد لا يجاوز شهرين من تاريخ الحل . فإن لم تجر الانتخابات خلال تلك المدة يسترد المجلس المنحل كامل سلطته الدستورية ويجتمع فورا كأن الحل لم يكن ، ويستمر في أعماله إلى إن ينتخب المجلس الجديد)) .
‏وإننا على أمل وثقة في رؤيتكم لعدالة مطالب هذه العريضة التي قصدنا منها الحث على استكمال هيكل دولتنا الفتية ، وتقديم العون لقيادتكم الحكيمة على
أساس من العدل والشورى والإيمان بما أرساه ديننا الإسلامي الحنيف من دعائم متينة اعتمدتها حكمتكم السامية في دستور وطننا الغالي .
‏أدامكم الله لنا وأدام لكم موفور الصحة والعزيمة . ووفقنا الله وإياكم لما فيه خير وعزة وطننا .
‏بيان الوطنيين الديمقراطيين في أبريل 1995
‏نحو حوار وطني عام
‏إن مبدأ الحوار الديمقراطي والتداول الحر لمشكلات وهموم الوطن والمواطن كان دائما يشكل منطلق وأساس الاجماع الوطني ولقد عبر الشعب البحريني عن تمسكه بالشرعية الدستورية واحترامه الشديد للقانون وكان ذلك من خلال عريضة عام 1992 ‏والعريضة الشعبية عام 1994 ‏والتي عبرت بجلاء عن الرغبة الشعبية المخلصة في إيجاد سبل تعزيز الحوار الديمقراطي فيما بين الحكومة والشعب والعودة إلى الأطر القانونية التي يمارس من خلالها هذا الحوار وفقاً لأحكام الدستور.
‏وإننا في الوقت الذي نؤكد فيه تأييدنا لأية مبادرة في اتجاه الشروع في مثل هذاالحوار وفقا لنهج سلمي يساعد على الانفراج وعودة الاستقرار للبلاد ، فإن الاتفاق الأمني الذي تم بين الحكومة وبعض الشخصيات القيادية في المعارضة يشكل خطوة إيجابية في هذا الاتجاه .
‏ولإنجاح هذا الحوار فإننا نؤكد على الأسس اللازمة له ، اذ يجب أن يتم مع جميع الفاعليات الوطنية والديمقراطية وذلك لابعاد هذا الحوار عن أي طابع طائفي وتأكيد الطابع الوطني له وأن يتناول المطلب الرئيسي للشعب والمتمثل في عودة العمل بدستور عام 1973 ‏وأن يؤدي إلى اتفاق يتضمن برنامجا محددا لإعادة الحياة الديمقراطية للبلاد .
‏كما إننا نعتبر إطلاق سراح جميع المعتقلين وإعادة جميع المفصولين إلى أعمالهم بادرة خير يباركها هذا الشعب ويثني عليها على أن تكون المقدمة لانفراج ديمقراطي يتمثل في عودة الحياة النيابية وإصدار عفو عام عن جميع المبعدين والسجناء السياسيين .
‏إننا وبوصفنا وطنيين ديمقراطيين نؤكد على أن الموافقة على استلام العريضة الشعبية الموقعة من أوسع قطاعات الشعب واستقبال الوفد الممثل لهذه العريضة سوف يكون الأثر الطيب لكونه يمثل مقدمة لحوار يؤدي إلى إعادة الحياة الديمقراطية من خلال إعادة العمل بدستور عام 1973 ‏وإنهاء تعليق العمل بمواده التي تنظم السلطة التشريعية وصلاحياتها والذي هو مطلب كل الشعب البحريني بجميع فئاته وطوائفه دونما تمييز وهو المطلب الذي سيبقى مرفوعاً إلى أن تتحقق المشاركة الشعبية التي تمثل الدعامة الرئيسية للوحدة الوطنية والأمن الاجتماعي
‏بيان من لجنة العريضة الشعبية صادر في 3 ‏فبراير 1995
‏تصاعدت الأحداث في بلادنا في الآونة الأخيرة إثر وصول الأزمة السياسية إلى طريق مسدود كنتيجة حتمية للضغوط الأجنبية التي مارستها وتمارسها بعض الدول على حكومة البحرين كلما لاح بارق أمل في تفاهم معقول بينها والمعارضة المطالبة بالاصلاح السياسي . . وهو الإصلاح الذي لا يتجاوز العودة الى دستور 973 ‏ا م ، وإعادة المواد المعلقة منه إلى العمل وإعادة السلطة التشريعية (المجلس الوطني) بالانتخاب وفقا لما ينص عليه دستور البلاد .
‏لقد ثبت لدينا قيام ضغوط أجنبية شديدة على حكومة بلادنا أدت بها إلى التضحية بالحريات العامة ومنع أي صوت يطالب بعودة الحياة الديمقراطية من الارتفاع متناسية بذلك كل ما قدمه شعب البحرين من تضحيات تدل على الوفاء والإخلاص للشرعية الدستورية المتمثلة في نظام الحكم القائم .
‏واستنادا إلى هذه الشرعية الدستورية بالذات تحركة فئات واسعة من الشعب لتخاطب القيادة السياسية العليا في البلاد من خلال عريضتين الأولى قامت في 15 ‏نوفمبر 1992 ‏م والثانية لا زالت تنتظر التقديم حيث قطعت الأحداث الطريق على الوفد الذي تقرر أن يقدمها وهي أحداث ألحقت أفدح الأضرار بالوطن وبمشرو‏ع الاصلاح الديمقراطي والذي لا يتجاوز عودة العمل بدستور عام 1973 ‏م . ولم يفسح المجال لفتح أي قناة من قنوات الحوار بين القيادة السياسية العليا والمطالبين بعودة الدستور والانتخابات التشريعية .
‏لقد عانت بلادنا وشعبنا ولأكثر من عام بسبب انسداد قنوات الحوار وانتشار موجات العنف غير المبرر والمرفوض بل والمدان من أي جهة جاء مصدره . كما تدخلت عدة أطراف ساهمت في تعقيد الأزمة وتصعيدها باستكثارها على شعب البحرين القليل العدد أن يكون لديه برلمان منتخب وأن يكون مستواه الحضاري الراقي يؤهله للتصرف بحرية سياسية وكمجتمع مدني حديث مصمم على التمسك بالشرعية الدستورية التي ينضوي تحت لوائها ، ومصمم على العمل بما جاء في دستور بلاده .
‏إلا أن كل ما عانته بلادنا وعانينا منه لأكثر من عام لم يكن متوقعاً بأن تخترع له نهاية مأساوية مثيرة للرثاء أكثر مما هي مثيرة للخط حيث تدخل فيها كم هائل من الإعلام العربي الذي تجنب الحديث أو الإشارة إلى الدستور المعلق منذ أكثر من عشرين عاما وإلى‏ البرلمان الذي لا زال محرما انعقاده أو الدعوة لانتخابات إليه . وبدلا من ذلك أسهب الإعلام العربي المضلل في الحديث عن “المؤامرة ” ودور خطباء المساجد في التحريض على العنف وأمام إسهاب الإعلام العربي في قلب الحقائق عن وعي واتهام علماء دين أفاضل تركزت خطبهم على حث المستعين لهم على التزام الهدوء وجادة القانون وإقناع الناس بأن الطريق إلى البرلمان وعودة سيادة الدستور لا تتم إلا بالطرق الشرعية . فأمام كل ذلك الهجوم الإعلامي المتعمد لا بد أن نتساءل مستصرخين الضمائر الحية ، لمصلحة من زيفت المطالب المشروعة والسلمية لشعبنا في الإعلام العربي ، ولمصلحة من تسابقت الحكومات العربية تساند اجراءات القمع ومصادرة الحريات وتمتنع عن توجيه النصح بالكف عن سياسة معاقبة الشعب إذا ما طالب بحقوقه؟؟ بل هناك من هاجم أخوة لنا في الكويت الشقيق عندما بادروا مشكورين بإرسال خطاب لسمو أمير دولة البحرين يناشدونه فيه الاستماع إلى مطالب شعبنا العادلة، فماذا يعني ذلك؟
‏إن لجنة العريضة الشعبية تستنكر بشدة تلفيق التهم جزافاً ضد علماء الدين الأفاضل وزملائنا في لجنة العريضة المعتقلين اعتقالا إدارياً. كما تستنكر بشدة محاولة الايحاء بوجود ارتباط بين بعض رموز المعار ضة المعتقلين وبعض الدول الأجنبية وتلك المحاولات هدفها صرف نظر الرأي العام العالمي عن حقيقة الأزمة السياسية وعن وجود معارضة وطنية شاملة في البحرين لقطع الطريق على مطالبها المشروعة. وهي الأزمة التي لجأت الحكومة إلى محاولة حلها بالتعاون مع من عرفوا فيما بعد باسم أصحاب المبادرة وذلك عندما اتفقت مع بعضهم على السفر إلى خارج البحرين لإجراء المشاورات وتهدئة المعارضة في خارج البلاد. مما يؤكد وجود أزمة سياسية أكثر منها أزمة أمنية أو مجرد أعمال عنف فقط .
‏ولجنة العريضة الشعبية إذ تدين العنف والتجاوزات الأمنية لتستصرخ الضمائر الحية في العالم أجمع لتوقف مسلسل الإرهاب التصعيدي والذي هدفه الأساسي منع المطالبة بعودة العمل بالدستور البحريني ومنع عودة المجلس الوطني وتطالب جميع الشرفاء في العالم بالسعي لإقناع القيادات السياسية في البلاد بفتح أبواب الحوار المغلقةوإطلاق سراح المعتقلين السياسيين وتجنيب البلاد أي كوارث محتملة.
‏وإلى مزيد من الوحدة الوطنية التي تمرس بها شعبنا المجرب. وإلى رفض كامل للعنف من أي مصدر جاء وتحت أي مبرر. وإلى إلغاء لكافة اجراءات منع المواطنين البحرينيين من العودة إلى وطنهم البحرين. . وإطلاق سراح كافة المعتقلين.

‏ونأمل أن تعود الحياة الطبيعية الآمنة إلى ردع بلادنا وفي صفوف شعبنا بعد تلك المحنة العصيبة التي مرّ بها ليواصل هذا الشعب المجيد عطاءه الحضاري المتميز.
‏حرر في 7 ‏فبراير 1996 ‏م
لجنة العريضة الشعبية


فهرست
‏بيانات أصحاب المبادرة (الإضراب عن الطعام)
‏1- بيان 20 ‏/ 0 1 ‏/ 1995
2- آلية تنظيم التضامن مع المعتصمين 23 ‏/ 10 ‏/ 1995
3-بيان 27-10-1996‏
4- البيان الختامي 1 ‏/ 11 ‏/ 1995
5-بيان 10 ‏/ 11 ‏/ 1995 ، بخصوص الرسالة للاعتذار والاستدعاء .
‏6-بيان الامتناع عن الصلاة 7 ‏/ 12 ‏/ 1995
7-بيان العيد الوطني ( 95 ‏) 16 ‏/ 12 ‏/ 995 ‏ا
8-بيان 29 ‏/ 2 ‏ا / 1995

‏الشيخ عبد الأمير منصور الجمري
‏من مواليد العام 1937 ‏بمنطقة بني جمرة بالبحرين. تلقى تعليمه الأولي في البحرين قبل أن يذهب إلى مدينة النجف الأشرف بالعراق في 1962 ‏لمواصلة علومه الدينية. واستمر هناك حتى مطلع السبعينات. رشح نفسه لانتخابات المجلس الوطني في ديسمبر 973 ‏ا ، وفاز بمقعد عن الدائرة الرابعة عشرة بالمنطقة الشمالية. ولعب دوراً متميزا في العشرين شهراً من عمل المجلس قبل حله في أغسطس 1975. وكان عضواً في لجنة العلاقات الخارجية. وتصدر مع عدد من أعضاء المجلس الحملة لإفشال قانون أمن الدولة الذي طرحته الحكومة أمام المجلس في أكتوبر 1974. وبعد أن قرر الأمير تعليق العمل بالدستور وحل المجلس الوطني في 26 ‏أغسطس 1975 ‏، عمل الشيخ الجمري قاضياً بالمحكمة الشرعية حتى 988 ‏ا. وكان من أبرز المتصدرين لمشاريع المطالبة بعودة العمل بالدستور. وفي 992 ‏ا كان أحد الستة الذين تبنوا مشروع العريضة التي رفعت للأمير آنذاك تطالبه بإعادة العمل بالدستور. كما تصدر مشىروع العريضة الشعبية العامة التي وقعها 25 ‏ألف مواطن في 1994 . واعتقل في 15 ‏أبريل 1995 ‏مع الآلاف من أبناء الشعب. وخلال الشهور الستة التي سجن فيها طرح مع الحكومة مشروعاً لحل الازمة أدى لانفراج نسبي قبل أن تفشله الحكومة في نهاية 1995 . وعلى أثر استمرار الانتفاضة السلمية، اعتقل مرة أخرى في 21 ‏يناير 1996 ، وما يزال في السجن حتى الانت.
.