بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين
المقدمة
عالم البرزخ (1)
ومما يستفاد من القران الكريم والسنة أن الإنسان يتمتع بحياة مؤقتة في الحد الفاصل بين الموت والقيامة، والتي تعتبر رابطة بين الحياة الدنيا والحياة الأخرى.
والإنسان بعد موته يحاسب محاسبة خاصة من حيث الاعتقاد، والأعمال الحسنة والسيئة التي كان عليها في الدنيا، وبعد هذه المحاسبة المختصرة، ووفقاً للنتيجة التي يحصل عليها، يحكم عليه بحياة سعيدة أو شقية، ويكون عليها إلى يوم القيامة. (2)
وحالة الإنسان في عالم البرزخ تشابه كثيراً حالة الشخص الذي يراد التحقيق معه لما قام به من أعمال، فيجلب إلى دائرة قضائية كي تتم مراحل الاستجواب والاستنطاق منه، لغرض تنظيم ملف له وبعدها يقضي فترة ينتظر خلالها وقت محاكمته.
روح الإنسان في عالم البرزخ، تعيش بالشكل الذي كانت عليه في الدنيا، فإذا كانت من الصلحاء تتمتع بالسعادة والنعمة وجوار الصلحاء والمقربين لله تعالى، وإذا ما كانت من الأشقياء تقضيها في النقمة والعذاب، ومصاحبة الأشرار، وأهل الضلال.
فالله جلَّ شأنه يصف حالة بعض السعداء بقوله:{ وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (170) يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (171)}. آل عمران
وفي وصف حالة مجموعة أخرى، الذين كانوا ينفقون أموالهم وثرواتهم في مشاريع غير مشروعة في الحياة الدنيا، يصفهم بقوله تعالى:{ حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (100)}. المؤمنون
عوالمنا الثلاثة:
النظام الجاري في الخلقة أتقن نظام وأحكمه، لأنه رقيقة العلم الذي لا سبيل للضعف والفتور إليه بوجه من الوجوه. (3)
والوجود ينقسم من حيث التجرّد عن المادة وعدمه إلى ثلاثة عوالم كلية لا رابع لها عقلا. (4)
عوالم الوجود الكلية الثلاثة هي:(5)
1) عالم التجرد التام العقلي:
– وهو عالمٌ عقليٌ مجَّردٌ تامٌ ذاتاً وفعلاً عن المادة وآثارها. (6) ويسمى: “عالم العقل”.(*)
(*) وهو عالم المجردات المحضة التي هي مجرّدة عن المادة ولواحقها، والصورة وتوابعها، وهو عالم العقول الكلّية المعبّر عنه بـ”عالم الجبروت”. (هامش: الزارعي ص:168)
2) عالم المثال:
– وهو عالم مثاليٌ مجَّردٌ عن المادةِ دون آثارها من الأشكال، والأبعاد، والأوضاع وغيرها. (7)
– وفي هذا العالم -أي: المثال- أشباح متمثلة في صفة الأجسام، التي في عالم المادة والطبيعة، في نظام شبيه بنظامها الذي في عالم المادة. (8)
– ويسمى:”عالم المثال”(*) و”عالم البرزخ”(**) لتوسطه بين عالمي المادة والتجرد العقلي. (9)
(*) والوجه في تسميته بعالم المثال أنه مثال لما فوقه من عالم المجردات، حيث كان مجرداً عن المادة، ومثال لما دونه في كونه صورة لعالم الأجسام. (هامش: الزارعي ص:167)
(**) أي: البرزخ بين عالم العقل وعالم المادة، فإنه لا يكون في التجرد بمرتبة عالم العقل، كما لا يكون في التجسّم بمرتبة عالم المادة، بل هو بالنسبة إلى عالم الأجسام مجرّد، وبالنسبة إلى عالم العقل غير مجرد، فهو برزخ بينهما، وقد يعبّر عنه بعالم “الملكوت”.
(هامش: الزارعي ص:167)
وقد قسموا عالم المثال إلى:
– المثال الأعظم القائم بنفسه. (*)
(*) وهو الصور الخيالية للنفوس الفلكية، ويسمى أيضاً: “الخيال المنفصل” لانفصاله عن الإنسان والحيوان.
(هامش: الزارعي ص:168)
– والمثال الأصغر القائم بالنفس (**)، الذي تتصرف فيه النفس كيف تشاء، بحسب الدواعي المختلفة، فتنشئ أحياناً صوَرا حقةً صالحةً، وأحياناً صوراً جزافية تعبث بها.
(**) وهو الصور الخيالية للحيوان والإنسان، ويسمى أيضاً: “الخيال المتصل”. (هامش: الزارعي ص:168)
3) عالم المادة والماديات، أو عالم المادة والقوة(*).
– وهو وجودٌ فيه وصمة القوة والاستعداد، لا اجتماع لكمالاته الأولية والثانوية الممكنة في أول كينونته (**)، فلا يتصور فيه طرو شيء من الكمال بعد ما لم يكن. (10)
(*) وهو عالم الأجسام والجسميات الصرفة المختلطة بالمادة والصورة. ويسمى أيضاً:”عالم الناسوت”. (هامش: الزارعي ص:167)
(**) والمراد من الكمالات الأولية هي الكمالات الذاتية كالجوهرية والنمو والنطق، ومن الكمالات الثانية هي الكمالات العرضية كاللون والريح وغيرهما (هامش: الزارعي/ص:279)
ترتب العوالم الثلاثة طولاً:
فأعلاها مرتبةً، وأقواها ظهوراً، وأقدمها وجوداً، وأقربها من المبدأ الأول تعالى وتقدس: “عالم العقول المجردة”، لتمام فعليتها، وتنزُّهِ وجودها عن شوب المادة والقوة.
ويليه “عالم المثال” المتنزه عن المادة دون آثارها.
ويليه “عالم المادة” موطن النقص والشر، والإمكان، ولا يتعلّق بما فيه العلم إلاّ من جهة ما يحاذيه من المثال والعقل.(11)
بيانات ثلاثة:
– أولاً: أن العوالم الثلاثة مترتبةٌ وجوداً بالسبق واللحوق، فعالم العقل قبلَ عالم المثال، وعالم المثال قبلَ عالم المادة وجوداً، وذلك لأن الفعلية المحضة -التي لا يشوبها قوة ولا يخالطها استعداد- أقوى وأشد وجوداً ممَّا هو بالقوة محضاً، كالهيولى الأولى، أو يشوبه القوة ويخالطه الاستعداد كالطبائع المادية، فعالَما “العقل” و”المثال” يسبقان عالَمَ المادة.
ثم العقل المفارق أقل حدوداً، وأوسع وجوداً، وأبسط ذاتاً من المثال الذي تصاحبه آثار المادة وإن خلا عن المادة.
ومن المعلوم أنَّ الوجود كلَّما كان أقل حدوداً وأوسع وأبسط كانت مرتبته من حقيقة الوجود المشككة أقدم وأسبق وأعلى، ومن أعلى المراتب التي هي مبدأ الكل أقرب، فعالم العقل أقدم وأسبق وجوداً من عالم المثال.
– وثانياً: أنَّ الترتيب المذكور بين العوالم الثلاثة ترتيبٌ عِلّيٌ لمكان السبق والتوقف الذي بينها، فعالم العقل علَّةٌ لعالم المثال، وعالم المثال علَّةٌ مفيضةٌ لعالم المادة.
– وثالثاً: أنَّ العوالم الثلاثة متطابقةٌ متوافقةٌ نظاماً بما يليق بكلٍّ منها وجوداً.
وإنَّ كلَّ علَّةٍ مشتملةٌ على كمال معلولها بنحوٍ أعلى وأشرف، ففي عالم المثال نظامٌ مثاليٌ يضاهي نظامَ عالم المادة وهو أشرف منه، وفي عالم العقل ما يطابق نظام المثال لكنه موجود بنحوٍ أبسط وأشرف وأجمل منه، ويطابقه النظام الرباني الذي في العلم الربوبي.
– ورابعاً: أنَّه ما من موجودٍ ممكنٍ مادي، أو مجرد علوي أو سفلي، إلاّ هو آية للواجب تعالى من جميع الوجوه، يحكي بما عنده من الكمال الوجودي كمالَ الواجب تعالى. (12)
أحسنُ نظامٍ:
فالعوالم الكلية ثلاثة، وهي مترتبة من حيث شدة الوجود وضعفه، وهو ترتب طولي بالعلية والمعلولية، فمرتبة الوجود العقلي معلولة للواجب تعالى بلا واسطة، وعلة متوسطة لما دونها من المثال، ومرتبة المثال معلولة للعقل، وعلة لمرتبة المادة والماديات.
فمرتبة الوجود العقلي أعلى مراتب الوجود الإمكاني وأقربها من الواجب تعالى، والنوع العقلي منحصر في فرد.
فالوجود العقلي -بما له من النظام- ظلٌ للنظام الرباني الذي في العالم الربوبي الذي فيه كلُّ جمال وكمال.
فالنظام العقلي أحسن نظام ممكن وأتقنه، ثمَّ النظام المثالي الذي هو ظلٌ للنظام العقلي، ثم النظام المادي الذي هو ظلٌ للمثال (13)، فالنظام العالمي العام أحسنُ نظامٍ ممكن(*) وأتقَنُهُ.(**)
(*) إشارة لقوله تعالى:{ الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ (7)} السجدة
(**) إشارة لقوله تعالى:{ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ (88) } النمل
* * * * *
كتاب نهاية الحكمة/الجزء الثاني/ للعلامة السيد محمد حسين الطباطبائي أعلى الله مقامه
المرحلة الثانية عشر في ما يتعلق بالواجب
الفصل الحادي والعشرون في عالم المثال (ص:299)
ويسمى أيضاً “البرزخ” لتوسطه بين العالم العقلي، وعالم المادة والطبيعة. / ص 322
عالم المثال
وهو عالم البرزخ وهي تسمية قرآنية مأخوذ من تعالى:{ وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (100) } المؤمنون
كما يطلق عليه “عالم الاشباح المجردة” التي ليس فيها آثار المادة، وهناك رأيٌ للمشائين ورأيٌ للإشراقيين من حيث العلة الموجدة له -أي: العلة الفاعلة- التي أوجدت “عالم المثال”
– فالمشاؤون يقولون أنَّ “العقل الفعال” هو الذي أوجد عالم المثال.
– والاشراقيون يقولون أنَّ هناك “عقول عرضية” هي التي أوجدت عالم المثال.
تعرفيه:
وقد عرَّفه السيد العلامة الطباطبائي أعلى الله مقامه:
عالم المثال هو: (مرتبة من الوجود مجردة عن المادة دون آثارها، من الكم والكيف والوضع ونحوها من الأعراض..).
فالأعراض موجودة فيه دون المادة التي هي: الهيولى، والاستعداد، والحركة، والترقي، وأخذ فصل بعد فصل، وغير ذلك مما يتصف بالمادة كلها غير موجودة.
العلة الموجدة لعالم المثال:
(والعلة الموجدة له -أي: لعالم المثال- هو آخر العقول الطولية المسمى “عقلاً فعالاً” عند المشائين، وبعض العقول العرضية عند الإشراقيين).
حقيقته: (وفيه أمثلة الصور الجوهرية، التي هي جهات الكثرة في العقل المفيض لهذا العالم، المتمثل بعضها لبعض بهيئات مختلفة..) في عالم المثال يوجد أشباح على بصور ما هو في العالم المادي، فهذا العالم المادي الذي نعيش فيه، فيه صور عالم الفلك وما فيه، وعالم النباتات وما فيه، وعالم الحيوانات، وغير ذلك من عوالم المادي وكلها تحتوي على صور كثيرة ومتعددة ومتنوعة، وهذه الصور موجودة أيضاً في “عالم المثال” كصور تفصيلية مجردة عن المادة “أشباح”، وكل واحدة منها هي مستقلة عن الأخرى.
(.. من غير أن يفسد اختلاف الهيئات الوحدة الشخصية التي لجوهره واحدة..) إن توارد الأمثال وتعدد الصور بهيئات مختلفة، لا يفسد الوحدة الشخصية التي تعني الوجود العيني ووحدة التشخص.
(.. مثال ذلك: أنَّ جمعاً كثيراً من أفراد الإنسان -مثلاً- يتصورون بعض مَن لم يروه من الماضين، وإنما سمعوا اسمه، وشيئاً من سيرته، كل منهم يمثله في نفسه بهيئة مناسبة لما يقدّره عليه بما عنده من صفته، وإن غايرت الهيئة التي له عند غيره..) كتصورنا للشيخ الطوسي أعلى الله مقامه، فكل واحد منا يتصوره على هيئة ما، فقد يتصوره أحدنا ماسكاً لقلمه وسط مكتبته، ويتصوره آخر أنه يتوسط طلابه في حلقة درسه، وثالث قد يتصوره ينظر من خلال مرصده الفلكي، وغير ذلك مما يتخيله كل واحد منا، ومع كثرتنا فكل هذه الصور المختلفة والمتنوعة لن تفسد الوحدة الشخصية للشيخ الطوسي رحمه الله.
تقسيم عالم المثال:
(.. ولهذه النكتة..) -أي: وجود واحد، بهيئات مختلفة، مع حفظ الوحدة الشخصية.
(.. قسموا المثال إلى:
– خيال منفصل قائم بنفسه مستقل عن النفوس الجزئية المتخيلة،
– وخيال متصل قائم بالنفوس الجزئية المتخيلة، على أن في متخيلات النفوس صورا جزافية، لا تناسب فعلَ الحكيم وفيها نسبة إلى دعابات المتخيلة..) فالخيال المنفصل هو غير قائم بأنفسنا، وهو قائم بنفسه، ومنفصل بمعنى استقلاله عن تخيلاتنا الجزئية، والخيال المتصل هو خيال كل واحد منا، وهو قائم بنفوسنا، ومتصل بمعنى اتصاله بإدراكنا بمتخيلاتنا الجزئية، وإن كانت متخيلاتنا هذه تختزن صوراً جزافية غير علمية وغير مبتنية على الحكمة، بينما في الخيالات المنفصلة المستقلة لا جزافية فيها، لأن النفس الكلية هناك هي نفس تصدر عن حكمة.
(نص المصنف): ما بين القوسين متن الكتاب.
* * * * *
في تفسير قوله تعالى:{ وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (100) } المؤمنون البرزخ هو الحاجز بين الشيئين كما في قوله:{ بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ (20) } الرحمن والمراد بكونه وراءهم، كونه أمامهم محيطا بهم، وسمي وراءهم بعناية أنه يطلبهم، كما أن مستقبل الزمان أمام الإنسان.
ويقال: وراءك يوم كذا بعناية أن الزمان يطلب الإنسان ليمر عليه، وهذا معنى قول بعضهم: إن في “وراء” معنى «الإحاطة»، قال تعالى:{ وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا (79) } الكهف والمراد بهذا البرزخ عالم القبر، وهو عالم المثال الذي يعيش فيه الإنسان بعد موته إلى قيام الساعة على ما يعطيه السياق وتدل عليه آيات أخر، وتكاثرت فيه الروايات من طرق الشيعة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأئمة أهل البيت عليهم السلام.
وقيل: المراد بالآية، أن بينهم وبين الدنيا حاجزاً يمنعهم من الرجوع إليها إلى يوم القيامة، ومعلوم أن لا رجوع بعد القيامة، ففيه تأكيد لعدم رجوعهم، وإياس لهم من الرجوع إليها من أصله.
وفيه: أن ظاهر السياق، الدلالة على استقرار الحاجز بين الدنيا وبين يوم يبعثون، لا بينهم وبين الرجوع إلى الدنيا، ولو كان المراد أن الموت حاجز بينهم وبين الرجوع إلى الدنيا لغى التقييد بقوله:{ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (100) } المؤمنون، لا لدلالته من طريق المفهوم على رجوعهم بعد البعث إلى الدنيا، ولا رجوع بعد البعث، بل للغوية أصل التقييد، وإن فرض أنهم كانوا يعلمون من الخارج، أو من آيات سابقة، أن لا رجوع بعد القيامة.
على أن قولهم: إنه تأكيد لعدم الرجوع بإياسهم من الرجوع مطلقاً، مع قولهم بأنَّ عدم الرجوع بعد القيامة معلوم من خارج كالمتهافتين، بل يرجع المعنى إلى تأكيد نفي الرجوع مطلقاً المفهوم من «كلا» بنفي الرجوع الموقت المحدود بقوله: { إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ } فافهمه. (14)
* * * * *
نشأة البرزخ
في تفسير قوله تعالى:{ وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ (154) } البقرة
فالآية تدل دلالة واضحة على حياة الإِنسان البرزخية، كالآية النظيرة لها وهي قوله:{ وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) } آل عمران، والآيات في ذلك كثيرة.
ومن أعجب الأمر ما ذكره بعض الناس في الآية أنها نزلت في شهداء بدر، فهي مخصوصة بهم فقط، لا تتعداهم إلى غيرهم هذا، ولقد أحسن بعض المحققين من المفسرين في تفسير قوله:{ وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ (45) } البقرة إذ سأل الله تعالى الصبر على تحمُّل أمثال هذه الأقاويل.
وليت شعري ماذا يقصده هؤلاء بقولهم هذا؟
وعلى أي صفة يتصورون حياة شهداء بدر بعد قتلهم مع قولهم: بانعدام الإِنسان بعد الموت والقتل، وانحلال تركيبه وبطلانه؟ أهو على سبيل الإِعجاز: باختصاصهم من الله بكرامة لم يكرم بها النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسائر الأنبياء والمرسلين والأولياء المقربين؟
إذ خصهم الله ببقاء وجودهم بعد الانعدام، فليس ذلك بإعجاز، بل إيجاد محال ضروري الاستحالة، ولا إعجاز في محال، ولو جاز عند العقل إبطال هذا الحكم على بداهتها لم يستقم حكم ضروري فما دونه؟ أم هو على نحو الاستثناء في حكم الحس، بأن يكون الحس مخطئاً في أمر هؤلاء الشهداء؟
فهم أحياء يرزقون بالأكل والشرب وسائر التمتعات – وهم غائبون عن الحس – وما ناله الحس من أمرهم بالقتل وقطع الأعضاء وسقوط الحس وانحلال التركيب فقد أخطأ في ذلك من رأس، فلو جاز على الحس أمثال هذه الأغلاط فيصيب في شيء ويغلط في آخر من غير مخصص بطل الوثوق به على الإِطلاق، ولو كان المخصص هو الإِرادة الإِلهية احتاج تعلقها إلى مخصص آخر، والإِشكال – وهو عدم الوثوق بالإِدراك على حاله، فكان من الجائز أن نجد ما ليس بواقع واقعاً والواقع ليس بواقع، وكيف يرضى عاقل أن يتفوه بمثل ذلك؟ وهل هو إلاَّ سفسطة؟.
وقد سلك هؤلاء في قولهم هذا مسلك العامة من المحدثين، حيث يرون أن الأمور الغائبة عن حواسنا مما يدل عليه الظواهر الدينية من الكتاب والسنَّة، كالملائكة وأرواح المؤمنين وسائر ما هو من هذا القبيل موجودات مادية طبيعية، وأجسام لطيفة تقبل الحلول والنفوذ في الأجسام الكثيفة، على صورة الإِنسان ونحوه، يفعل جميع الأفعال الإِنسانية مثلاً، ولها أمثال القوى التي لنا، غير أنها ليست محكومة بأحكام الطبيعة من التغيُّر والتبدل والتركيب وانحلاله، والحياة والموت الطبيعيتين، فإذا شاء الله تعالى ظهورها ظهرت لحواسنا، وإذا لم يشأ أو شاء أن لا تظهر لم تظهر، مشيئة خالصة من غير مخصص في ناحية الحواس، أو تلك الأشياء.
وهذا القول منهم مبني على إنكار العليَّة والمعلولية بين الأشياء، ولو صحَّت هذه الأمنية الكاذبة بطلت جميع الحقائق العقلية، والأحكام العلمية، فضلاً عن المعارف الدينية، ولم تصل النوبة إلى أجسامهم اللطيفة المكرمة التي لا تصل إليها يد التأثير والتأثر المادي الطبيعي، وهو ظاهر.
فقد تبيَّن بما مرّ: أن الآية دالّة على الحياة البرزخيَّة، وهي المسمَّاة بعالم القبر، عالم متوسط بين الموت والقيامة، ينعم فيه الميّت أو يعذّب حتى تقوم القيامة.
ومن الآيات الدالَّة عليه – وهي نظيرة لهذه الآية الشريفة – قوله تعالى:{ وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (170) يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (171) } آل عمران وقد مرّ تقريب دلالة الآية على المطلوب، ولو تدبَّر القائل باختصاص هذه الآيات بشهداء بدر في متن الآيات، لوجد أنّ سياقها يفيد اشتراك سائر المؤمنين معهم في الحياة، والتنعّم بعد الموت.
ومن الآيات قوله تعالى:{ حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (100) } المؤمنون، والآية ظاهرة الدلالة على أن هناك حياة متوسطة بين حياتهم الدنيوية وحياتهم بعد البعث، وسيجيء تمام الكلام في الآية إن شاء الله تعالى.
ومن الآيات قوله تعالى:{ وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا (21) يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ… } الفرقان ومن المعلوم أن المراد به أول ما يرونهم وهو يوم الموت كما تدل عليه آيات أُخر{… لَا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا (22) وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا (23) أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا (24) وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنْزِيلًا (25) الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا (26) } الفرقان، ودلالتها ظاهرة، وسيأتي تفصيل القول فيها في محله إن شاء الله تعالى.
ومن الآيات قوله تعالى:{ قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ (11) } غافر فهنا إلى يوم البعث – وهو يوم قولهم هذا – إماتتان وإحياءان، ولن تستقيم المعنى إلاَّ بإثبات البرزخ، فيكون إماتة وإحياء في البرزخ وإحياء في يوم القيامة، ولو كان أحد الإحياءين في الدنيا والآخر في الآخرة لم يكن هناك إلاَّ إماتة واحدة من غير ثانية.
وقد مرَّ كلام يتعلق بالمقام في قوله تعالى:{ كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ …(28) } البقرة، فراجع.
ومن الآيات قوله تعالى:{ وَحَاقَ بِآَلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ (45) النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آَلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ (46) } غافر، إذ من المعلوم أن يوم القيامة لا بكرة فيه ولا عشي فهو يومٌ غير اليوم.
والآيات التي تستفاد منها هذه الحقيقة القرآنية، أو تؤمي إليها كثيرة، كقوله تعالى:{ تَاللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (63) } النحل، إلى غير ذلك. (15)
* * * * *
بحث روائي
في البرزخ وحياة الروح بعد الموت
في تفسير القمّي عن سويد بن غفلة عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: [ إنَّ ابن آدم إذا كان في آخر يوم من الدنيا، وأول يوم من الآخرة، مثل له ماله وولده وعمله، فيلتفت إلى ماله فيقول: والله إني كنت عليك لحريصاً شحيحاً، فمالي عندك؟ فيقول: خذ مني كفنك.
ثم يلتفت إلى ولده فيقول:
والله إني كنت لكم لمحباً، وإني كنت عليكم لحامياً، فماذا لي عندكم؟ فيقولون: نؤديك إلى حفرتك ونواريك فيها.
ثم يلتفت إلى عمله فيقول:
والله إني كنت فيك لزاهداً، وإنك كنت عليَّ لثقيلاً، فماذا عندك؟ فيقول: أنا قرينك في قبرك، ويوم حشرك، حتى أعرض أنا وأنت على ربك، فإن كان لله ولياً أتاه أطيب الناس ريحاً، وأحسنهم منظراً، وأزينهم رياشاً، فيقول أبشر بروح من الله وريحان وجنة نعيم، قد قدمت خير مقدم، فيقول: من أنت؟ فيقول: أنا عملك الصالح، ارتحل من الدنيا إلى الجنة، وإنه ليعرف غاسله، ويناشد حامله أن يعجله.
فإذا دخل قبره أتاه ملكان، وهما فتّانا القبر، يحبران أشعارهما، ويحبران الأرض بأنيابهما، وأصواتهما كالرعد القاصف، وأبصارهما كالبرق الخاطف، فيقولان له: من ربك؟ ومن نبيك؟ وما دينك؟ فيقول: الله ربي، ومحمد نبيي، والإِسلام ديني.
فيقولان: ثبتك الله فيما تحب وترضى، وهو قول الله:{ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا..(27)} إبراهيم
فيفسحان له في قبره مد بصره، ويفتحان له باباً إلى الجنة، ويقولان: نمْ قرير العين، نوم الشاب الناعم، وهو قوله: { أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا (24) }. الفرقان
وإذا كان لربه عدواً، فإنه يأتيه أقبح خلق الله رياشاً، وأنتنه ريحاً، فيقول له: أبشر بنزل من حميم، وتصليه جحيم، وإنه ليعرف غاسله، ويناشد حامله أن يحبسه، فإذا أدخل قبره أتيا ممتحنا القبر، فألقيا عنه أكفانه ثم قالا له: من ربك؟ ومن نبيك؟ وما دينك؟ فيقول: لا أدري.
فيقولان له ما دريت ولا هديت، فيضربانه بمرزبه(*) ضربة، ما خلق الله دابة إلاَّ وتذعر لها، ما خلا الثقلان، ثم يفتحان له باباً إلى النار.
ثم يقولان له: نم بشرِّ حال، فيبؤ من الضيق مثل ما فيه القنا من الزّج، حتى أن دماغه يخرج من بين ظفره ولحمه، ويسلط الله عليه حيات الأرض، وعقاربها، وهوامِّها تنهشه، حتى يبعثه الله من قبره، وأنه ليتمنى قيام الساعة مما هو فيه من الشر. (16)
(*) عصا صغيرة من حديد (جمع مرازب).
* * * * *
وفي أمالي الشيخ عن ابن ظبيان قال كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فقال:
[ ما يقول الناس في أرواح المؤمنين بعد موتهم؟
قلت: يقولون في حواصل طيور خضر.
فقال: سبحان الله، المؤمن أكرم على الله من ذلك!
إذا كان ذلك أتاه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وعلي، وفاطمة، والحسن، والحسين عليهم السلام، ومعهم ملائكة الله عزّ وجلّ المقربون، فإن أنطق الله لسانه بالشهادة له بالتوحيد، وللنبي بالنبوة، والولاية لأهل البيت، شهد على ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وعلي، وفاطمة، والحسن، والحسين عليهم السلام، والملائكة المقربون معهم.
وإن اعتقل لسانه، خص الله نبيه بعلم ما في قلبه من ذلك، فشهد به، وشهد على شهادة النبي علي، وفاطمة، والحسن، والحسين – على جماعتهم من الله أفضل السلام – ومن حضر معهم من الملائكة، فإذا قبضه الله إليه، صيّر تلك الروح إلى الجنة، في صورة كصورته، فيأكلون ويشربون، فإذا قدم عليهم القادم، عرفهم بتلك الصورة التي كانت في الدنيا.
وفي المعاني المنقولة روايات مستفيضة كثيرة، وفيها دلالة على نشأة مجردة عن المادة. (17)
* * * * *
الخاتمة
يلتقون ويتعارفون
{ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ (44) } الروم
قد تأكد مما سبق من أبحاث قرآنية وروائية وفلسفية، وبلا مجال للشك والارتياب أن بعد علمنا هذا عالم يفصلنا عن عالم الآخرة، وهو عالم المثال والبرزخ، إلاّ أننا ومع وضوح هذه الحقيقة الربانية، لا نقيم لها وزن بحجم أهميتها وعظم شأنها، فقد تضافرت الشواهد من آيات بينات، وروايات مستفيضة ومعارف حقة، حول أحداث وتفاصيل هذا العالم، فمنها المبشرة ومنها المنذرة والمحذرة، ففي رواية عن المعصوم يبين لنا عظم المقام في عالم المثال حيث يقول: إذا قدمت الروح على الأرواح تقول دعوها، فإنها قد أقبلت من هول عظيم.
وما يعبث على الأسى، فعالم المثال والبرزخ أصبح عندنا خيال أشبه بالحقيقة، فكلما ازداد تعلقنا بعالم المادة والماديات، ازددنا بعدا عن عالم المثال والمجردات، وكلما اشتدت الدنيا بزخرفها وازينت في عيوننا، ضعف نور بصيرتنا لعالم المثال وما فوقه، فعميت علينا الحقائق، وضللنا طريق الهداية والنجاة، فلا تَفَّكُرَ من أين أتينا، ولا تَبَّصُر إلى أين نحن ذاهبون، وما بينهما نعيش غفلة تكاد تستوعب كل حياتنا، وتهدم أسس الفهم الصحيح لوجودنا، وتغيّب عنَّا كل الحقائق والأهداف السامية التي خلقنا من أجل تحقيقها.
والحق أنَّ انشغالنا بدنيانا، وغفلتنا عن ذاك العالم لن يغير مسارنا إليه، ولابد من نهاية نصل إليها، ومنزل ننزل فيه.
فلو تأملنا في مفردات الآيات القرآنية وروايات أئمة أهل البيت عليهم السلام التي تتحدث عن الموت وما بعد الموت، لعرفنا قيمة الحظة التي نعيشها، من أجل أن نمهد لحياة أفضل وأسعد، ومستقبل واعد ومشرق، ليس في عالمنا الدنيوي هذا، وإنما لما بعده من عوالم، فالشقي شقي فيها أبدا، والسعيد سعيد فيها أبدا. (***)
_____
الهوامش:
(1) كتاب: الشيعة في الإسلام/ الطباطبائي/ص: 202.
(2) البحار/ج2/باب عالم البرزخ.
(3) النهاية/المرحلة الثانية عشر/الفصل السابع عشر/ص: 279.
(4) النهاية/المرحلة الحادية عشر/الفصل الثالث/ص:165.
(5) النهاية/ المرحلة الثانية عشر/الفصل التاسع عشر ص:287.
(6) النهاية/المرحلة الحادية عشر/الفصل الثالث/ص:165.
(7و8) المرحلة الثانية عشر/الفصل التاسع عشر ص:287.
(9) النهاية/المرحلة الحادية عشر/الفصل الثالث/ص:165.
(10) النهاية/المرحلة الثانية عشر/الفصل السابع عشر / ص: 279.
(11) النهاية/المرحلة الحادية عشر/الفصل الثالث/ص:165.
(12) النهاية/ المرحلة الثنية عشر/الفصل التاسع عشر ص:287.
(13) النهاية/المرحلة الثانية عشر/الفصل السابع عشر/ص: 279.
(14) الميزان في تفسير القرآن/ج15/ص:68/ سورة المؤمنون / 99 – 118.
(15) الميزان في تفسير القرآن/ج1/ص:347 – 350.
(16و17) الميزان في تفسير القرآن/ج1/بحث روائي/ص:362.
(***) جواد