العلية والمعلولية

أهمية البحث

يتحرك الكون كل الكون في حركة تفاعلية بين العلة والمعلول فالنظم في عالم الطبيعة أثرٌ من أثار هذا التفاعل، بل حتى التسلسل التكويني لوراء عالم المادة يكون بهذه الصورة حتى ينتهي إلى واجب الوجود الذي ليس قبله علة أو مُفيض.

وأيضاً الحياة البشرية قائمٌ على حركة الأسباب والمسببات وهذا من الأمور البديهية لدى البشر فالإنسان مفطور على السؤال عن العلل والأسباب فلا يكاد يعلم بشيء من الأمور إلا سأل عن كيف وجدَ؟ وهذا حال البشر من بداية وعيهم إلى انتهاء حياتهم وهذه ليست فقط طبيعة البشر بل حتى الحيوانات فعندما يصدر صوت من مكان معين يلتفت عن أن هناك منشأ لهذا الصوت فيرتب عليه تصرفاً ما، فإذاً البحث عن أسباب حاجة غريزية فطرية جُبِلَ عليها الحيوان الناطق وغيره.

ويقول الشهيد السعيد والمفكر الإسلامي آية الله العظمى السيد محمد باقر الصدر(قدس) في كتاب فلسفتنا (…حتى انه إذا لم يوجد سبباً معيناً، اعتقد بوجود سبب مجهول، انبثق عنه الحادث)[1] فإذاً لا بد للإنسان من نسبة الحوادث إلى مُحدِث.

وعلى هذا الأساس – أي أن لكل معلول علة – فيتوقف مبدأ العلية على أمور منها:

  1. اثبات الواقع الموضوعي للإحساس.
  2. كل النظريات، أو القوانين العلمية، المستندة للتجربة.
  3. جواز الاستدلال وانتاجه، في أي ميادين من الميادين الفلسفية أو العلمية.

ولهذا ان النظريات العلمية في مختلف الميادين بحاجة الى مبدأ العلية من المجموعة الفلسفية التي يرتكز عليها قانون العلية:

  1. مبدأ العلية القائل: أن لكل حادث سبب فمثلاً عندما نرى الضوء ليلاً من المصباح الكهربائي نعلم ان هناك سبب للإضاءة وهي الكهرباء
  2. قانون الحتمية القائل: ان كل سبب يولد النتيجة الطبيعية له بصورة ضرورية، ولا يمكن للنتائج أن تنفصل عن أسبابها، ومثلاً عندما تصل الكهرباء إلى المصباح الكهربائي مع تمام باقي أجزاء العلة من إيصال الأسلاك وغيرها فإضاءة المصباح الكهربائي حتمية فلا يوجد سبب لعدم الإضاءة.
  3. قانون التناسب بين الأسباب والنتائج: ان كل مجموعة متفقة في حقيقتها، من مجاميع الطبيعة، ومثلاً عندما نرى أن إيصال الكهرباء للمصباح الكهربائي بدرجة 10 واط يضيئ المصباح الكهربائي نعلم أن هذه الدرجة التي تضيئ كل المصابيح المشابهة فتكون قاعدة مطردة في جميع المصابيح الكهربائية مع إتحاد العلة والظروف.

فإذاً أن النظريات التجريبية لا تكتسب صفة علمية إلا بعد أن يكون مبدأها العلية ومن ثم مع تَكرار التجربة يكون هناك القاعدة العلمية المطردة، وإلا لم يشيد قانون علمي مطرد فنحتاج لكي نثبت إضاءة المصباح الكهربائي أن نعمل تجربة على كل مصباح لنثبت إضاءته لأنه لا يوجد قانون مطرد ولا يكفي التجارب التي أجريت حتى لو كانت على مليون مصباح لنأسس إلى قاعدة كلية هذا إذا لم نصدَّق بمبدأ العلية.

البحث

البحث الأول: في إثبات العلية والمعلولية، وأنهما من الوجود

المسألة الأولى: إثبات العلية

أشرنا في المقدمة ان نظام هذا العالم قائمٌ على العلة والمعلولية، والملاحظ في عالم الإمكان التلازم بين الماهية والإمكان فهي لا موجودة ولا معدومة نعم لها قابلية الإيجاد إذا ترجح أحد الجانبين الى الوجود، وتنتفي عند انعدام العلة التي أوجدتها، وقد أوضحنا ذلك بمزيد بيان في المقدمة.

المسألة الثانية: العلية والمعلولية في الوجود

لا يمكن أن تكون العلية والمعلولية إلا في الوجود فهما ليسا ماهيات، ولا يوجد مجعول للعلة فهو ليس كما يتصور أن تكون العلة موجودة والمعلول موجود، من ثم تعطي العلة شيء للموجود، بل لا وجود للمعلول إلا بالعلة والإفاضة تكون إشراقية أي من طرف واحد لا مقوليه، والذي تعطيه العلة أمر واحد فقط إما يكون وجوداً أو ماهيةً أو الصيرورة – النسبة بين الوجود والماهية -؟

والصحيح أن العلة تعطي الوجود لأن الماهية أمر اعتباري والعلة توجد الأصيل، والأصالة للوجود لا الماهية كما تقدم، وطبعاً حاجة الماهية إلى وجودها من حيث إنها موجودة، أما من حيث هي هي فليس داخلٌ فيها الوجود أو العدم كما تقدم.

ولا يمكن أن يكون المجعول للعلة الصيرورة لأنها معنى حرفي نسبي رابط قائمٌ بطرفين ويستحيل أن يكون الأمر الأصيل بأمرين اعتباريين.

 

أنقسام العلة

العلة التامة: وهي تشتمل على جميع ما يتوقف عليه وجود المعلول، بحيث أنه لا يوجد أمر يُعطل وجود المعلول، وذلك لا يحصل إلا إذا توفرت الأمور الثلاثة في العلة السبب والشرط وعدم المانع، ومثاله النار المحرقة للورقة فلا بد أن يكون السبب “النار” والشرط “اقتراب النار إلى الورقة “وعدم المانع “رطوبة الورقة”، ولابد أن تتوافر هذه الأمور في كل علة ليوجد المعلول.

 

العلة الناقصة: وهي التي لا توافر فيها جميع الأمور الثلاثة التي ذكرنها السبب والشرط وعدم المانع، ففقدان أحد الأمور الثلاثة يحول دون وجود العلة وبالتالي عدم وجود المعلول، وعليه وجود العلة التامة يُحَتم وجود المعلول بخلاف العلة الناقصة فإن وجودها يمنع وجود المعلول.

 

العلة الواحدة والكثيرة: العلة الواحدة هي السبب الوحيد لوجود المعلول فلا يوجد سبب يشاركها في نفس الآن أو في المستقبل كواجب الوجود لهذا الكون فهو العلة الوحيدة لوجود هذا الكون ولا توجد علة أخرى لوجوده إلا هذه العلة، والعلل الكثيرة وهي أن يكون للمعلول الواحد عدة علل قد تكون مجتمعة وقد تكون متفرقة، ومثاله غليان الماء الذي هو نتيجة النار التي تولد الحرارة أو الشمس أو الطاقة الكهربائية فقد تجتمع في زمان واحد وتوجد الغليان للماء وقد لا تجتمع فتكون علل متفرقة مستقلة.

 

العلة البسيطة والمركبة: والبسيطة هي التي لا تكون لها أجزاء، وتكون إما بسيطة خارجاً كمقولات العرض التسع والجوهر أو عقلاً كالواجب جلّ وعلّ، فلا يشوبه التركيب فهو محض البساطة.

والمركبة هي التي يكون لها أجزاء وهي أيضاً تكون مركبة إما خارجاً كالجسم الذي يتركب من مادة وصورة، أو عقلاً كالماهيات، ولكن ما تحت الأجناس العالية التي تتألف من جنس وفصل فتركيبها عقلي.

 

العلة القريبة والبعيدة: والعلة القريبة هي التي لا يوجد بينها وبين معلولها واسطة كالنار والاحتراق، والعلة البعيد هي التي يوجد بينها وبين معلولها واسطة مثال فتح الباب فلا يكون بمباشرة اليد بل بواسطة المفتاح بعد تحريك اليد فتوسط المفتاح بين العلة وهي اليد لفتح الباب وهو المعلول.

 

العلة الداخلية والخارجية: والداخلية هي الأجزاء ما تتقوم به العلة كالمادة والصورة بالنسبة إلى الجسم، والخارجية هي التي لا تكون أجزاء مقوّمة إنما تكون خارجية كالفاعل – ما به الوجود – والغاية – ما لأجله الوجود-.

 

العلة الحقيقية والمعدة: والمقصود بالمعدات هي المقربة والمقدمة للمادة لإفاضة الفاعل كتقريب الخشب للنار، فالتقريب ليس هو العلة الاحتراق بل ممهد ويتحقق الاحتراق بالتقريب الأخير للنار إنما التقريب الأولي هو مقدمة ومُمَهد للعلة الحقيقية وهي التقريب الأخير للخشبة الذي يتحقق به الاحتراق، فلو قُسِمَ الاحتراق الى لحظات فليس اللحظة الأولى هي التي أحرقت وليس اللحظة الثانية ولا الثالثة وهكذا الى ان تصل الى اللحظة الأخيرة فهي التي تكون محرقة وهي العلة الحقيقية واللحظات المتقدمة عليها مُعدة لها، ويطلق على المعدات “عللاً” تجوزاً لا حقيقةً.

 

في وجوب وجود المعلول عند وجود العلة التامة ووجوب وجود العلة عند وجود المعلول

من الأحكام الضرورية الثبوت والتي لا تتخلف هي استحالة انفكاك المعلول عند وجود علته، والعكس أيضاً أي استحالة انفكاك العلة عند وجود المعلول وهذه لأحكام واجبة الوقوع أي يستحيل أن تتخلف في مورد من الموارد، والمقصود بالعلة التامة وليست الناقصة إذ أنه يستحيل أن يوجد المعلول بالعلة الناقصة.

 

الوجوب بالقياس إلى الغير:

تقدم أن الوجوب هو بمعنى الضرورة وهو على أنحاء:

  • الوجوب بالقياس بالذات هو وجوب الباري تعالى
  • الوجوب بالقياس بالغير هو وجوب الممكن الموجود
  • الوجوب بالقياس إلى الغير كما في وجوب وجود المتضايفين كما إذا قيس وجود التحت بالنسبة إلى وجود الفوق فإن وجوده يكون واجباً.

 

 

شبهة الجبر في العلة التامة

لربما يتوهم أنه بعد تحقق العلة التامة يجب قهراً أن يوجد المعلول وبالتالي واجب الوجود أيضاً سيُجبر على إيجاد المعلول.

والجواب عن ذلك أن الإرادة هي جزء من أجزاء العلة التامة، فلا بد بعد تحقق أجزاء العلة أن تتحقق الإرادة فبعد وجود النار وعدم رطوبة الخشبة وشرطية تقريب النار للخشبة فلا بد أن تكون الإرادة متحققة حال التقريب فالفاعل بالخيار بين التقريب وعدمه، وإذا لم تتحقق الإرادة أي عدم إرادته لم توجد العلة فلا معلول أيضاً.

 

عدم انفكاك وجود العلة عند وجود المعلول والعكس

أن الضرورة بين وجود العلة ووجود علتها والعكس من الأمور الحتمية الواضحة والتي لا تتخلف أبداً، فمع وجود العلة التامة للاحتراق فتحقق الاحتراق أمر حتمي لابد من منه، فإذا لم يوجد المعلول مع تحقق علته يلزم منه النقيضين وهو محال وهو خلف أي أن تكون العلة موجودة وغير موجودة، وما يلزم من تخلف المعلول عن العلة هو ما يلزم من تخلف العلة عن المعلول.

 

الزمان للمعلول واتحاده مع العلة

المعلول قد يوجد في عالم غير مادي أي عالم المجردات وبالتي لا يعرض عليه الزمان، وقد يوجد في عالم مادي فيعرض عليه الزمان لأن العالم المادي عالم الحركة وهي تحتاج الى زمان، فلا بد من اتحاد زمان المعلول مع زمان العلة أي أن يوجد الكتاب “المعلول” في الساعة 1 وكذا علته توجد في الساعة 1 لا أن تتخلف علته بأن توجد في الساعة 12 فيلزم من ذلك وجود المعلول من علة غير موجودة أي أن يوجد العدم الوجود وهو محال، بأن يكون الدم علة الإيجاد لمعلول وجودي.

 

وببيانٍ آخر أن الإمكان هو الفقر والوجوب هو الغنى، والمعلول هو ممكن أو قل حقيقة المعلول الاحتياج والفقر لا أن المعلول شيءٌ + الاحتياج، بل هو عين الفقر والاحتياج فهو متقوم بالحاجة كما أن الحيوانية والناطقية مقومة للإنسانية وليست شيء زائد كذلك الحاجة في المعلول هي مقومة ولا يمكن لها الاستغناء عن العلة آناً ما وإلا لفنت وعدمت ولم يكن لها وجود.

فإذاً الممكن هو وجود فقير رابط ليس مستقل محتاج الى العلة حدوثاً وبقاءاً فلا يوجد إلا والعلة معه وإن زالت العلة يزول المعلول فهو محض الحاجة والافتقار.

 

قاعدة الواحد

ينقسم الواحد إلى:

  • حقيقي: وهو ذات عينه الوحدة الصرفة ويستحيل أن يكون له ثان، وهي منحصرة بالحق جلَّ وعلى، وفي قبالها الوحدة الظلية التي في عالم الإمكان، والمراد من الصدور ( الواحد لا يصدر منه إلا واحد ) العلة الفاعلية الموجدة للشيئ.
  • غير حقيقي: شرائط ومعدات أي مقربات، وليست عللاً حقيقة والمراد أن ( الواحد لا يصدر منه إلا واحد ) هذا في الواحد الحق- الواجب تعالى -.

 

استحالة الدور والتسلسل في العلل

والدور: هو أن يكون الشيئان كل منهما علة للآخر بواسطة أو بدونها، مثلاً توقف أ على ب وتوقف ب على أ، أو توقف أ على ب وتوقف ب على ج وتوقف ج على أ وهكذا.

والتسلسل: هو أن يتوقف وجود الممكن على علة مؤثرة فيه وهذه العلة تتوقف على علة أخرى إلى ما لا نهاية، مثلاً توقف أ على ب وب على ج على د إلى ما لا نهاية…

والدور يستلزم توقف الشيء على نفسه بمعنى أن يتوقف وجود أ على أ، فيتقدم الشيء على نفسه بوجوده وهذا هو التناقض لأن العلة لا يمكن أن تكون مـتأخرة ومتقدمة في آن واحد والحال أنها دائمة التقدم فيكون الشيء علة ومعلول وهذا هو اجتماع النقيضين.

والتسلسل لازمه أن تكون الوجودات الرابطة غنية، إذ لا ستكون المعلولات مستقلة في وجودها ولا يوجد علة غنية واجبة لها فإذا فرضنا وجود علة غير محتاجة هذا يعني عدم التسلسل لأنه ينتهي الى والحال أن فرض التسلسل بدون علة، إذاً استقلالية المعلولات غير ممكن لأنه محال أن يوجد الوجود الرابط المحتاج الفقير بلا وجود غني مستقل كما تقدم.

 

العلة الفاعلية وأقسامها:

  • الفاعل بالطبع: الذي لا علم له بفعله ويكون هذا الفعل ملائماً لطبعه، مثلاً الكلى تقوم بامتصاص السوائل وتحولها إلى بول فعند قيامها بهذه العملية لا علم لها إذ لا تتعقل الموضوع ومن ثم تصدر أوامر من العقل إلى الكلى إنما تقوم بوظيفتها من دون تعقل لذلك لا يشعر الإنسان بها، وأيضاً تقوم بالفعل مع ملائمة الفعل لطبيعة الإنسان.
  • الفاعل بالقسر: الذي لا علم له بفعله ويكون هذا الفعل غير ملائم لطبعه، مثل عملية الترجيع في المعدة فعندما يأكل الإنسان ما يناسب معدته فهو يرجعه، فهذا الفعل لا يدركه عقلاً الفاعل ولكنه يحدث نتيجة اضطراب في المعدة فهو لا يلائم طبع الإنسان.
  • الفاعل بالجبر: وهو الذي له علم بفعله، ولكن فعله من غير إرادته كالصائم مثلاً فهو مدرك لفعله وهو الصيام ولكن عندما يُكره على الأكل، فأكله من غير إرادته.
  • الفاعل بالرضا: وهو الذي علم بفعله ولكن هذا العلم تارة يكون إجمالياً وتارةً تفصيلياً، والأول هو العلم الذي يشوبه الغموض كما عُبِرَ في علم الأصول علم بالجامع وشكٌ في الأطراف والفاعل في هذا القسم له علم إرادة بفعله، والثاني العلم التفصيلي هو عين الفعل، فمثلاً الرسام قبل أن يرسم اللوحة له علم إجمالي باللوحة تصوراً ولكن في الوقت الذي يرسمها يصبح لديه علم تفصيلي فعلي بالرسمة، فقبل الرسم علم إجمالي وحال الرسم علم تفصيلي.

 

في معنى السبق واللحوق وأقسامهما والمعية

ولكي يتحقق هذا المفهوم لا بد من توفر أربعة شروط:

  • وجود شيء سابق
  • وجود شيء لاحق
  • أن يوجد مبدأ للقياس كما يقال إن الواحد قبل الاثنين فيكون المبدأ للقياس هو الواحد
  • أن تكون النسبة مشتركة بين السابق واللاحق

إنما بحث عن عنوان السبق واللحوق لأنه من عوارض الوجود وهذا ما يبحث عنه في الفلسفة الموجود بما هو موجود

 

أقسام السبق واللحوق الثمانية:

  • السبق واللحوق الزماني: هو الذي يقع في الزمان أو الزمانيات، والمقصود من الأول نفس الزمان أي الوقت فالساعة الواحد لا تجتمع مع الساعة الثانية ولا الثالثة فهي سابقة عنهم، والمقصود بالثاني الحوادث التي تقع في الزمان فالحادث الذي يحدث في الزمان الأول لا يحدث في الزمان الثاني، والزمان هو كم يحدد به امتداد الحركة.
  • السبق الطبعي: ويكون بالنسبة للوجود فالعلة الناقصة دائمة التقدم على المعلول وكذلك العلة التامة ويلزم من انعدامهما انعدام المعلول ولكن لا يلزم من وجود العلة الناقصة وجود المعلول ولكن يلزم من وجود العلة التامة وجود المعلول، فتكون العلة الناقصة بطبعها متقدمة على وجود المعلول.
  • السبق بالعلية: الملاحظ هنا السبق بالوجوب لا بالوجود، وقد تقرر في أبحاث متقدمة أن تحقق الوجود لا بد أن يسبقه الوجوب لأنه سدٌ لجميع أبواب العدم، فوجوب العلة سابقٌ على وجوب المعلول.
  • السبق بالماهية: وهو مبني على القول بأصالة الماهية، لا أصالة الوجود فبناءاً على الأول يكون حقيقي وعلى الثاني اعتباري، والمقصود من ذلك أن الماهية مكونة من جنس وفصل وهذه أجزائها ومتقدمة عليها دائماً ولا يتقدم على الأجزاء أمر آخر، فإذاً وجود الكل متوقف على الجزء والأخير لا يتوقف على وجوده شيء.
  • السبق بالحقيقة: أي الحقيقة والواقعية، فالواقع هو الوجود والماهية منتزعة من الوجود وإن نُسِبَ إلى الماهية الوجود مثلاً الإنسان موجود فهذه نسبة للوجود واقعاً لا الى الماهية والصحيح أن الوجود هو دائماً واقعي والماهية تنسب الى الوجود مجازاً واعتباراً.
  • السبق بالدهر: هي مسبوقية الشيء بوجوده في عالم غير عالم الطبيعة وسماه الميرداماد بعالم الدهر، وهذا عالم أسبق من علام الطبيعة وأعلى منه، فمثلاً القلم له مسبوقية في عالم غير هذا العالم وهو عالم الدهر ويقال إنه تقدم طولي انفكاكي.
  • السبق بالرتبة: وهو قياس أمرين بالنسبة إلى مبدأ واحد، مثلا الإمام والمأموم إذا قسناهما إلى باب المسجد فالمأموم أقرب وإذا قسناهما إلى المحراب الإمام أقرب.
  • السبق بالشرف: والتقدم بالأشرفية والأفضلية، كالعالم مقدم على الجاهل والكريم مقدم على البخيل والمتواضع مقدم على المتكبر، فالذي فيه الصفة الشريفة والفضيلة يقدم على الصفة الدنيئة والرديئة.

 

كتاب فلسفتنا للشهيد السيد محمد باقر الصدر ص261 [1]